البورصات العربية: تداولات تغرق بالعشوائية وسط ضعف الأداء

عمان الأكثر انخفاضاً وارتداد طفيف في مصر والأردن

البورصة العمانية كانت الأكثر تراجعا («الشرق الأوسط»)
TT

غرقت أسواق المال في المنطقة ببحر العشوائية ونهر انعدام الحكمة وسوء التصرف من قبل كافة المتعاملين فيها، أفرادا ومؤسسات ومضاربين، حيث تجاوز ضعف الأداء قدرة المضاربين على التحكم بالاتجاهات اليومية للأسواق واغلاقاتها.

فيما جاءت التراجعات المستمرة فوق توقعات الأفراد، الذين يتحملون مسؤولية استمرارها تبعا لطبيعة وتوقيت سلوكيات البيع والشراء لديهم، التي لم ولن تصل إلى مرحلة النضوج، لا في حالات الانتعاش ولا في حالات التراجع، في ما بدت الأسواق تخالف مخططات المؤسسات واستراتيجياتها الاستثمارية التي تم تصميمها مسبقا لتحقيق أهداف إداراتها والمنتسبين إليها في آن واحد، لنصل إلى مرحلة جفت فيها قرارات الاستثمار وانتفت فيها الايجابيات وهي كثيرة، ولنقف جميعا موقف المتفرج متيقنين من خطورة ما يجري من دون أي حراك.

وتبعا للمستويات المسجلة لدى أسواق المال خلال تداولاتها الأسبوع الماضي، التي حطمت المزيد من الحواجز النفسية على مؤشراتها العامة، إن صح القول، وسجلت انخفاضا واضحا على أحجام وقيم تداولاتها اليومية، التي من الممكن الاتكاء عليها عند تقييم اتجاهات الأداء الحالية والقادمة، حيث من الممكن أن تقود هذه المستويات إلى تخفيف الانخفاضات العميقة المسجلة لدى السوق العماني والقطري والكويتي.

فيما تشكل زاوية الأساس التي تقود بداية ارتداد للأسواق، التي تتأرجح بين انخفاض طفيف وارتفاع متوسط واغلاقات صفرية أسبوعية لدى السوق السعودي والإماراتي، ذلك أن انخفاض أحجام وقيم التداولات يشير إلى أن غالبية حملة الأسهم ينوون الإبقاء على مراكزهم ذات الأسعار المتدنية، فيما قرروا التخلص من الأدوات التي تم شراؤها عند الأسعار المرتفعة مؤخرا، خوفا من أن تشكل ضغطا على هوامش الإرباح المسجلة على تلك الأدوات، وتجبرهم على التخلص منها عند احتساب متوسطات الأسعار الإجمالية لكافة الأدوات المحمولة أفقيا وعموديا.

ومن المؤكد أن أية ارتدادات صعودية قادمة سوف تدرج ضمن تصويب الخلل الحاصل وليس ضمن بداية الانتعاش أو نجاحها في تجاوز السلبيات الحاصلة، ذلك أن الأسواق تتم قيادتها وفق قرارات يومية ذات نطاقات ضيقة جدا تتسع لهوامش أرباح تكاد تكون غير مجدية للأحجام الصغيرة ومرضية للأحجام الكبيرة، ويأتي هذا الاتجاه نتيجة للتراجعات المستمرة التي تسجلها الأسواق كلما ارتفعت قليلا ولتصل إلى مستوى أدنى من المستوى الأدنى المسجل في آخر انخفاض.

وهكذا الأمر الذي دفع المتعاملين الأفراد إلى التخلص من الأدوات المحمولة وبشكل يومي في حال تحقيقها هوامش أرباح مهما بلغت، فيما أجبرت هذه الاتجاهات ونتائجها حملة الأدوات من الأحجام الكبيرة من الدخول في نطاقاتها ولو بشكل جزئي، لنصل الى ما نحن عليه الآن، وعند عدم مقدرتنا على وقف التراجعات، التي شملت كافة الأدوات وكافة حملتها. وفي المحصلة نجد أن من الضروري أن يغير الأفراد والمؤسسات طرق تعاطيهم مع أسواق المال وطرق إدارة الأدوات المحمولة ضمن منظور يتجاوز في مضمونه هوامش الأرباح اليومية، على اعتبار أن حملة الأسهم هم ملاك لتلك الشركات في الدرجة الأولى، وقادرون على التأثير في كيفية إدارة تلك الشركات وقراراتها، الأمر الذي يتطلب حرصا أكثر عند الشراء بهدف البقاء والاستمرار وعند البيع بهدف التقليل من السلبيات في حال تسجيلها.

وبإلقاء نظرة على أداء الأسواق، ففي السعودية، سجل السوق تراجعا جديدا مع نهاية الاسبوع الماضي، استبق من خلاله تطبيق النظام الجديد باعتماد وحدات أصغر لتغير سعر السهم، في خطوة تهدف إلى تقديم صورة أفضل لما يعتبرها المستثمرون القيمة العادلة للأسهم. ووحدة التغير المعمول بها حاليا في البورصة السعودية هي 0.25 ريال بصرف النظر عن سعر السهم.

وسيسمح النظام الجديد بوحدة تغير 0.05 ريال للأسهم، التي يقل سعرها عن 25 ريالا و0.10 ريال للأسهم في نطاق 25.10 ريال إلى 50 ريالا. أما الأسهم التي يتجاوز سعرها 50.25 ريال فيمكنها الارتفاع أو الانخفاض بمضاعفات 0.25 ريال.

وسيعكس النظام الجديد تغيرات السعر والسيولة وأحجام التداول بصورة عملية أكثر. وقد استمرت التداولات ضمن مستوياتها المنخفضة مع استمرار غياب المستثمرين بسبب امتداد عطلة الصيف بشهر رمضان، الذي تشهد ايامه الاولى خمولا معتادا.

وقد تراجع مؤشر السوق بواقع 394.25 نقطة، بنسبة 4.43% وصولا إلى مستوى 8504.72 نقطة، حيث شهد السوق تداول 385.5 مليون سهم بقيمة 16.4 مليار ريال، استحوذ منها قطاع الصناعات البتروكيماوية على ما نسبته 34% من إجمالي القيمة، احتل من خلالها المرتبة الأولى من حيث القيمة، تلاه قطاع الاستثمار الصناعي بنسبة 14%، ثم قطاع المصارف بنسبة 10%. كما شهد السوق ارتفاع أسعار أسهم 11 شركة مقابل انخفاض أسعار أسهم 107 شركات، بينما استقرت أسعار أسهم 8 شركات، حيث سجل سهم السعودية لصناعة الورق أعلى نسبة ارتفاع بواقع 8.7%، تلاه سهم المتوسط والخليج للتأمين بنسبة 4.9%، ثم سهم حلواني اخوان بنسبة 3.7%، في المقابل سجل سهم السعودية لمنتجات الالبان والاغذية أعلى نسبة انخفاض بواقع 9.6%، تلاه سهم المتحدة للتأمين بنسبة 9.5%، ثم سهم بنك الجزيرة بنسبة 9.4%. وقد احتل سهم سابك المرتبة الأولى من حيث قيمة الأسهم المتداولة بواقع 2.7 مليار ريال، تلاه سهم مصرف الانماء بقيمة 881.7 مليون ريال، ثم سهم بترورابغ بقيمة 870.6 مليار ريال.

وعلى صعيد أخبار الشركات، أعلنت مجموعة استرا الصناعية أن إحدى الشركات التابعة لها، وهي شركة أسترا لمركبات اللدائن والمملوكة لها بالكامل وقعت اتفاقية شراكة مع شركة سيبا السويسرية لتأسيس شركة أسترا سيبا للمضافات المحدودة، التي سوف تنتج وتسوق المضافات المتخصصة.

وفي الكويت، تواصل الأداء السلبي مع نهاية الأسبوع الماضي وسط تراجعات لأحجام التداولات، التي عكست حالة من انعدام الثقة بالسوق، إلى جانب حالة عدم السيطرة على مجريات التداولات، التي عادة ما تكون بيد المحافظ والصناديق الكبرى، وعليه فقد تراجع المؤشر بواقع 654 نقطة أو ما نسبته 4.48% إلى مستوى 13961.6 نقطة. في قطر تراجع سوق الدوحة مجددا مع أداء متذبذب شهدت خلاله التداولات تراجعا تجاوزت نسبته 12%، بينما انخفض مؤشر السوق بواقع 266.07 نقطة، حيث اقفل عند مستوى 10032.98 نقطة. وفي البحرين، سجل السوق المالي تراجعا بقيادة قطاع الاستثمار الذي لحقت به اغلب القطاعات، لينخفض المؤشر بواقع 68.95 نقطة، حيث اقفل عند مستوى 2627.73 نقطة.

أما في عمان، فقد تراجع السوق بشكل كبير وبواقع 9.13% ليستقر عند مستوى 8832.8 نقطة مواصلا بذلك سلسلة التراجعات، التي أدخلت السوق في حالة من الغموض من جراء هذه الانخفاضات غير المبررة.

وفي الأردن، شهد السوق تحسنا ملحوظا وبقوة في ظل الارتفاع الكبير لأحجام التداولات، حيث ارتفع مؤشر السوق بواقع 6.87% وصولا إلى مستوى 4317 نقطة بعد التراجعات القوية التي شهدها السوق خلال الأسبوع الذي سبق.