مخاوف من مدى نجاعة استحواذ واشنطن على «فريدي» و«فاني» في اعادة التوازن المالي العالمي

إدارة بوش تحركت خشية أن يتسبب انهيار عملاقي الرهن العقاري في «كارثة» اقتصادية > «النقد الدولي» في مقدمة المشيدين بالقرار

المقر المركزي (بواشنطن) لـ«فاني ماي»، التي تعتبر الأكبر بين شركتي الرهن العقاري اللتين استحوذت عليهما الحكومة الأميركية (ا.ف.ب)
TT

قفز الدولار أمام الين المتراجع بشكل عام، وانتعش أمام مجموعة من العملات أمس بعد أن بسطت الحكومة الأميركية سيطرتها على شركتي الرهن العقاري المتعثرتين؛ فاني ماي وفريدي ماك. ورأى البعض في تحرك الحكومة الأميركية أول من امس للسيطرة على شركتي الرهن العقاري خطوة ايجابية للحيلولة دون مزيد من الهبوط في الاسواق الأميركية الاوسع نطاقاً. وتملك الشركتان العملاقتان معا أو تضمنان نصف اجمالي ديون الرهن العقاري المستحقة في الولايات المتحدة وقدرها 12 تريليون دولار. وارتفع مؤشر الدولار 0.5 في المائة في المعاملات الاوروبية بعد نزوله في الاسواق الخارجية مع تعديل المتعاملين لمراكزهم المكشوفة بالعملة الأميركية التي انخفضت في رد فعل أولي عقب انباء أمس الاحد. وارتفع اليورو 0.1 في المائة الى 1.4280 دولار ولكنه تراجع بشكل ملموس عن أعلى مستويات الجلسة عند 1.4428 دولار. وصعد الدولار 1.2 في المائة الى 109.05 ين بينما تراجعت العملة اليابانية أمام العملات ذات العائد الاعلى مع عودة المتعاملين للإقبال على الاصول التي تنطوي على مخاطر أكبر حيث يتخلون عن العملات ذات العائد المنخفض لصالح الاصول ذات العائد الاعلى. واستحوذت الحكومة الأميركية أول من أمس على شركتي التمويل العقاري فاني ماي وفريدي ماك فيما قد يكون اكبر عملية انقاذ مالي اتحادية على الاطلاق، في محاولة لدعم سوق الاسكان الاميركي وتجنب المزيد من الاضطراب في السوق المالية العالمية. وخشي المسؤولون ان تؤدي الخسائر المتزايدة في الشركتين الى تقويض نشاطهما وان تهدد بانهيار الشركتين في حين تعاني المصادر الاخرى للتمويل الاسكاني من النضوب الى حد كبير. وقال وزير الخزانة الاميركي هنري بولسون في مؤتمر صحافي «لن يتعافى اقتصادنا وشركاتنا قبل تجاوز الجزء الاكبر من هذا التصحيح الاسكاني». واضاف «فاني ماي وفريدي ماك لهما اهمية حيوية في تجاوز المنعطف بالنسبة للإسكان». ووضعت الشركتان اللتان يجري تداول اسهمهما في البورصة لكنهما تساعدان جهود الحكومة لدعم الاسكان تحت وصاية تسمح بابقاء اسهمهما قيد التداول لكن لا تعطي الاولوية لحملة الاسهم العاديين في اي مطالب. وتم ابعاد كبار الموظفين التنفيذيين في الشركتين. وبدلا من ريتشارد سيرون المدير التنفيذي لشركة فريدي ماك ودانييل ماد المدير التنفيذي لشركة فاني ماي، عين ديفيد موفيت، وهو مسؤول كبير سابق في مؤسسة بانكورب الأميركية وهيرب اليسون الذي عمل في السابق مع ميريل لينش وصندوق المعاشات تي.اي.ايه.ايه ـ سي.ار.ي.اف. وعلاوة على ذلك، ستحصل وزارة الخزانة الأميركية بصورة فورية على حصة قدرها مليار دولار في كل شركة في شكل اسهم ممتازة كبيرة، ويمكن اذا لزم الامر ان تضخ ما يصل الى 100 مليار دولار في كل منهما. وستكون الاسهم الممتازة الكبيرة التي تمتلكها الحكومة في مرتبة اكبر من الاسهم الممتازة والعادية القائمة، وستحمل حقوقا يمكن ان تعطي الحكومة حصة ملكية بنسبة 79.9 في المئة. وانشأت وزارة الخزانة ايضا برنامجا تشتري بموجبه الاوراق المالية المدعومة برهونات، والتي تمتلكها حاليا فاني ماي وفريدي ماك لضخ اموال جديدة الى سوق الرهن العقاري. وقالت انها ستبدأ بشراء هذه الاوراق في وقت لاحق من الشهر الجاري لكن ستكون لديها سلطة اجراء هذه العمليات الشرائية حتى 31 ديسمبر (كانون الاول) 2009. وقال بولسون ان فاني ماي وفريدي ماك كبيرتان لدرجة ان «انهيار اي منهما سيسبب اضطرابا كبيرا في اسواقنا المالية هنا في الداخل وفي انحاء العالم». من جهته، اوضح الرئيس الاميركي جورج بوش ان افلاس فاني ماي وفريدي اللتين تسيطران او تضمنان اكثر من 40 في المائة من مخاطر القروض العقارية الممنوحة في الولايات المتحدة، سيشكل «مخاطرة غير مقبولة» بالنسبة للاقتصاد الاميركي. وبحسب وكالة الأنباء الألمانية، أعلن رئيس مجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي) الاميركي بن برنانكي في بيان أنه يؤيد «بقوة» هذا الخطوة. وقال برنانكي «ستساعد هذه الخطوات الضرورية على تعزيز سوق الاسكان الاميركي وتدعم الاستقرار في أسواقنا المالية». واشاد صندوق النقد الدولي بخطة الانقاذ، معتبرا انه من شأنها ان «تساهم في دعم الاسواق وبالتالي الآفاق الاقتصادية والمالية». وقال المدير العام لصندوق النقد الدولي دومينيك ستراوس كان في بيان، ان الخطة التي عرضت أول من أمس من قبل وزير الخزانة الاميركي هنري بولسون «تمنح الوقت للتوصل الى توافق كبير بشأن اصلاح هاتين المؤسستين، مع ضمان استقرار الاسواق ودعم الازدهار الاقتصادي». وأشادت الصين واليابان أكبر مشتريين للسندات في فريدي ماك وفاني ماي بخطة انقاذ شركتي الرهن العقاري العملاقتين، لكن المستثمرين لا تساورهم أية أوهام بأن هذه الخطوة ستنهي أزمة الائتمان العالمية. وفي حين ارتفعت اسهم القطاع المالي المتضرر وباع المستثمرون السندات التي كانت بمثابة ملاذ آمن، حذر المحللون من أن الخطة التي أعلنت أول من أمس كانت مؤشرا على الوضع السيئ للنظام المالي العالمي أكثر منها اشارة إلى انتعاش وشيك. وسجلت المؤسسات المالية خسائرَ وشطب أصول بسبب أزمة الائتمان تجاوزت 500 مليار دولار منذ ان تضررت اسواق الائتمان قبل عام بعد تخلف عن سداد رهون عقارية في الولايات المتحدة. وقال ديفيد روزينبرج، المحلل في ميريل لينش، «لا نرى كيف يكون الوضع في تحسن، في حين يحتاج لتدخل حكومي بهذه الدرجة». وأضاف «في رأينا فان عملية شراء فاني وفريدي هي في الواقع شهادة على مدى ضعف النظام المالي في الوقت الراهن». ورحبت الصين واليابان أول وثاني أكبر حملة سندات الشركتين بعملية الانقاذ. وقال وزير المالية الياباني بونمي ايبوكي للصحافيين أمس «اعتقد ان ذلك سيكون له أثر ايجابي على الاقتصاد العالمي، اذ انه يخفف القلق بشأن الاقتصاد الاميركي من خلال أسواق مال أكثر استقرارا في الولايات المتحدة». وقال ماساكي شيراكاوا، محافظ البنك المركزي الياباني للصحافيين في بال بسويسرا على هامش اجتماع بنك التسويات الدولية، «نحن نتوقع ان يقود هذا العمل الى استقرار في أسواق الاوراق المالية المدعومة برهون عقارية واسواق المال الاميركية والاسواق المالية العالمية». وقال جو شياو تشيان محافظ البنك المركزي الصيني «قد تكون هناك استجابات مختلفة لأشخاص مختلفين لكن في رأيي هذه الخطوة ايجابية»، لكن بعض مديري صناديق الاستثمار سارعوا بالاشارة الى مخاطر انهيار المقرضين وتداعي سوق الاسكان الاميركية. وقال سكوت بنيت مدير صندوق استثمار في ابردين لادارة الاصول في سنغافورة «ما نراه هو ان الولايات المتحدة لم تضخ أموالا مباشرة بل وضعت مصداقيتها على المحك. هذه مساعدة كبيرة لكنها لا تحل المشكلة». وأضاف «هذه الانباء من المرجح ان تستبدل بمرور الوقت بانباء أخرى سلبية عن الائتمان. ما زلت ادعو لتوخي الحذر». وشهدت تداولات الاسواق المالية الآسيوية امس ارتفاعا كبيرا تلاه افتتاح الاسواق الاوروبية على ارتفاع، بسبب الارتياح الذي اشاعه وضع الحكومة الاميركية يدها على شركتي فاني ماي وفريدي العملاقتين للتمويل العقاري؛ الاجراء الذي من شأنه تفادي اضطرابات جديدة في الاقتصاد العالمي. واستهلت الاسواق المالية الاوروبية التي شهدت تراجعا حادا الاسبوع الماضي، مداولاتها صباح امس على ارتفاع. وارتفع مؤشر كاك 40 بباريس بنسبة 3.98 في المائة والفوتسي بلندن بنسبة 3.72 في المائة. وبدأ مؤشر داكس بفرانكفورت تداولاته على ارتفاع بنسبة 2.20 في المائة ومؤشر ايه اي ايكس بامستردام على ارتفاع بنسبة 3.82 في المائة ومؤشر اس ام اي السويسري على ارتفاع بنسبة 3.15 في المائة، واي بي اي ايكس بمدريد بنسبة 3.02 في المائة، واس اند بي بميلانو بنسبة 3.44 في المائة وبيل ـ 20 البلجيكي على ارتفاع بنسبة 4.15 في المائة. وفي طوكيو، اغلق مؤشر نيكاي على ارتفاع بنسبة 3.38 في المائة، مستعيدا عافيته بعد عملية تصحيح حادة قاربت 7 في المائة الاسبوع الماضي. وفي منتصف حصة التداول ارتفع مؤشر «هانغ سانغ» (بورصة هونغ كونغ) بنسبة 3.87 في المائة. وكسب مؤشر «سرايتس تايمز» في سنغافورة 4.01 في المائة ومؤشر «سنسكس» ببومباي 4.08 في المائة. وانهت سيول حصة تداولها على ارتفاع كبير بلغ 5.15 في المائة، في حين اغلقت بورصة تايبيه تداولاتها على ارتفاع بنسبة 5.57 في المائة وسيدني على 3.90 في المائة وبورصة نيوزيلاند على ارتفاع بنسبة 1.13 في المائة. وفي المقابل شهد مؤشر بورصة شنغهاي تراجعا بنسبة 2.68 في المائة وأنهى مؤشر بورصة مانيلا دون تغيير يذكر (زائد 0.14 في المائة). وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، اوضح آلان لين المحلل المالي في تايبيه «ان انقاذ فاني ماي وفريدي اشاع ارتياحا في الاسواق لأن المخاطر على السوق العالمي للقروض تراجعت». وقال ارش شيه، وهو محلل آخر في تايوان «ان السوق شهدت عمليات بيع مفرطة في الآونة الأخيرة. وان وضع اليد دفع صائدي الفرص الجيدة الى اغتنام الفرصة». واضاف «اذا تواصلت المكاسب، فانه سيكون من الممكن استعادة الثقة بالسوق». وبحسب ماتسوغا مياتا الوسيط لدى احد البنوك، فان «الاسواق تفاعلت بشكل ايجابي مع الخبر لانه يبدد الشكوك بشأن القروض والمخاوف بشأن تدهور السوق العقاري». وارتفع الذهب في بداية معاملات أمس تعززه امال بأن يساهم تحرك الحكومة الأميركية لانقاذ اثنتين من أكبر شركات الرهن العقاري في تشجيع المستثمرين على العودة الى الاصول التي تنطوي على قدر أكبر من المجازفة. وفتح الذهب على 811.65 ـ 812.65 دولار للاوقية (الاونصة) ارتفاعا من 801.10 ـ 813.10 دولار في اواخر معاملات نيويورك يوم الجمعة. وارتفعت الفضة الى 12.53 ـ 12.59 دولار للاوقية من 12.19ـ12.27 دولار يوم الجمعة.