حاكم هونغ كونغ السابق: الصناديق السيادية سترتفع إلى 12 تريليون دولار في 2015

كريس باتن: الصين والهند والبرازيل اللاعبون الجدد الكبار في الاقتصاد العالمي

رئيس جامعة أكسفورد ألقى محاضرة عن التحولات العالمية في القوى في مجلس ولي عهد أبوظبي («الشرق الأوسط»)
TT

توقع حاكم هونغ كونغ السابق ورئيس جامعة أكسفورد اللورد كريس باتن أن يرتفع إجمالي موجودات الصناديق السيادية حول العالم، التي قال إنها تتراوح حاليا من 2 إلى 3 تريليونات دولار أميركي، إلى 12 تريليونا عام 2015، أي بنسبة تصل إلى 300 في المائة.

وتتفاوت الأرقام التي تحدد موجودات تلك الصناديق بشكل واسع، خاصة أن عدداً كبيراً منها لا يعلن عن حجم أمواله، ولكن تشير دراسة لمؤسسة «مورغان ستانلي» أن تلك الصناديق تملك مجتمعة 2.5 تريليون دولار. ويبرز جهاز أبوظبي للاستثمار أكبر الصناديق السيادية في العالم، وهذا بالنظر إلى حجم موجوداته بالدولار الأميركي ونسبة تلك الموجودات إلى إجمالي الناتج المحلي لدولة الإمارات العربية المتحدة.

لكن تقديرات حجم الصندوق تتفاوت بشدة، إذ أنها تتراوح بين 250 مليار وتريليون دولار، بينما يقدر «ستاندرد تشارترد» حجم موجودات الصندوق بقرابة 625 مليار دولار .

ورسم اللورد باتن، الرئيس السابق لحزب المحافظين، صورة تنافسية جديدة للاقتصاد العالمي، نحا منه اليابان عن منافسة «القوة الوحيدة في العالم وهي الولايات المتحدة الاميركية»، مؤكدا أن الصين والهند والبرازيل ستكون الدول المنافسة على الساحة العالمية خلال الفترة المقبلة وأنها ستحل محل اليابان، «التي كانت الولايات المتحدة ترى أنها تهددها اقتصاديا».

وخلال محاضرة عن التحولات العالمية في القوى، ألقاها اللورد باتن في مجلس الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة مساء أول من أمس، أعتبر أن هذه الدول الثلاث أصبحت تنافس بشدة في السوق العالمية بعد سقوط جدار برلين، مشيرا الى ان الولايات المتحدة لم تعد ترى في اليابان تهديدا اقتصاديا لها كما كانت تتوقع قبل نحو عشرين عاما.

واوضح ان الصين ظهرت الان وبسرعة كأكبر اقتصاد في العالم وبما نسبته 33 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي، وذلك بعد قرنين من العمل ومواجهة الصعوبات المختلفة، مشيرا الى ظهور كثير من المدن الصناعية والعديد من المدن الحديثة التي تنافس مدن العالم الكبرى وذلك بعد عقود من التخلف والفقر والمجاعة.

وارجع ذلك الى ما بذلته الصين في التعليم والاهتمام بالصناعة والبحث عن ذلك في الخارج بكل الوسائل لدرجة ان 40 في المائة من طلبة الرياضيات في جامعة هارفارد هم من الصينيين، «وبذلك تشكلت لديها قوى فكرية وعبقريات في مختلف العلوم ساهمت في جعلها قطبا اقتصاديا في مجال التصدير وفي نقل 400 مليون صيني من الفقر الى الحياة الكريمة».

واضاف انه مع ذلك فما زالت الصين تواجه مشاكل عديدة على المستوى الاجتماعي والمعيشي بين مختلف الاقاليم وعلى مستوى المناخ والتلوث البيئي وعلى المستوى الديمغرافي، «كما انها اكبر دولة تعاني من نقص المياه في العالم وهناك نحو380 الف نسمة يموتون سنويا بسبب التلوث والامراض بما في ذلك مرض السرطان.

ثم انتقل في حديثه الى التطور الاقتصادي في الهند الذي وصل الى نحو 4 في المائة سنويا وخاصة منذ تسعينات القرن الماضي، «حيث تقدمت الصناعة في مجال المعلوماتية والاتمتة والميكنة وذلك بعد فترة من التنظيم والضبط خلال الخمسينات والستينات لدرجة تزويد بريطانيا بمصانع الفولاد والسيارات، واثر كل ذلك على تطور الطبقة الوسطى الهندية.

واكد انه رغم كل هذا التقدم مازالت الهند تعاني من مشاكل في مجالات الطاقة والمواصلات والطرق والعمالة بسبب ارتفاع عدد السكان واعمارهم، وتوقع ان تتطور الهند اكثر من الصين، مشيرا الى ان ذلك مرتبط بالقضايا السياسية وبالاصلاحات الداخلية وبالعلاقة مع اللوبيات.

وبالرغم من تأكيده على المنافسة القوية للاقتصاد الأميركي من اللاعبين الثلاثة الجدد، غير أنه أكد في الوقت ذاته أن الولايات المتحدة مازالت القوة الوحيدة العظمى في العالم «كونها تسيطر على الارض والبحر والجو والفضاء اضافة الى القوة التكنولوجية والعسكرية التي لا تقهر»، كما اشار الى النشاط الدبلوماسي الاميركي والى الكثير من المؤسسات التي ابتدعها الاميركان على المستوى الدولي لحل المشاكل والنزاعات.

وقال ان هذا النموذج يعكس حيوية المجتمع الاميركي الذي ينتظر رغم ذلك من الرئيس المقبل حلولا للعديد من القضايا كالأجور والتضخم في مجال العقارات والعجز التجاري والمالي ومزاحمة الاستثمارات الصينية وزيادة عدد السكان بنسبة 1 في المائة بسبب الهجرة من اسيا واميركا الجنوبية.

واضاف ان التحدي الاول للرئيس القادم الى البيت الابيض هو التوقعات المستقبلية في الولايات المتحدة الاميركية اذ ان عليه مقاومة المخاوف لدى شعبه تجاه الصين من خلال التوضيح بان التطور الاقتصادي لبكين لن يكون سلبي التأثير على بلادهم رغم التنافس التجاري بين البلدين واثر ذلك على اسعار البضائع لدى كل منهما.

واعرب عن رأيه بعدم وجود صراع بين الصين واميركا، مشيرا الى ان بكين لا تمثل تهديدا لاحد وانما هي ثالث قوة اقتصادية عظمى بعد اميركا واوروبا ولديها ايضا مشاكل المخدرات والجريمة المنظمة وغير ذلك من المشاكل الاخرى.

واشاد اللورد باتن خلال المحاضرة بنموذج الانفتاح الاقتصادي والسياسي والتعليمي الذي تنتهجه الامارات، مشيرا الى ان جامعة اكسفورد الشهيرة التي عين رئيسا لها عام 2003 تتطلع الى تنفيذ العديد من المشاريع المشتركة في امارة ابوظبي، والى المزيد من الشراكة مع الامارات ككل باعتبارها قوة اقتصادية وسياسية نامية وكقطب استثماري هام جدا في العالم.

واستعرض الوضع الاقتصادي للاتحاد الاوروبي بعد ان اشار الى الجهود التي بذلتها دول اوروبا للتخلص من خلافاتها الاقتصادية والسياسية ومن فكرة تسليح او عسكرة النظام ونزعات بعض حكوماتها الشمولية (التوتاليتارية) لتمثل الان ثلث التجارة العالمية و30 في المائة من الناتج المحلي العالمي، الا انه اكد ان اوروبا ليست قوة عظمى بل قوة عالمية ومع ذلك فلها دور حيوي وعليها مسؤوليات عديدة يتطلع الاتحاد الاوروبي للقيام بها لاظهار استقلاليته امام الولايات المتحدة الاميركية.