دبي: الشرطة تحتجز مسؤولا كبيرا في «تمويل».. والحكومة مصرة على ملاحقة الفاسدين

أحجار الدومينو تتساقط تباعا في الحرب ضد الفساد

دبي تحارب الفساد للمحافظة على مكتسباتها الاقتصادية التي جعلتها الأكثر نشاطا في العالم («الشرق الأوسط»)
TT

حلقة جديدة من حرب دبي ضد الفساد أعلنت أمس، بعد أن قالت شركة «تمويل» للإقراض العقاري إن شرطة الإمارة تحتجز عبد الله ناصر عبد الله، نائب الرئيس التنفيذي، لاستجوابه من قبل السلطات الحكومية.

وقالت الشركة في بيان نشر على موقع سوق دبي المالي «تود شركة تمويل إبلاغكم أن عبد الله ناصر عبد الله، نائب الرئيس التنفيذي لمجموعة تمويل، قد احتجز لاستجوابه من قبل السلطات الحكومية في دبي، وذلك ارتباطا بالتحقيق الذي تجريه هذه السلطات»، مضيفة أنه لا يمكنها التعليق، حفاظا على سرية التحقيق.

وكانت «استثمار» العالمية، أكبر مساهم في «تمويل»، قالت الشهر الماضي إنه يجري التحقيق مع عادل الشيراوي الرئيس التنفيذي السابق لتمويل، وفراس كلثوم مدير الاستثمارات السابق، بشأن مخالفات مالية مزعومة.

وتملك حكومة دبي بشكل غير مباشر ما بين 35 و38 في المائة من «تمويل».

ويقول محللون «إن أحجار الدومينو الفاسدة بدأت تتساقط تباعا بعيد إعلان الحكومة رغبتها في تطهير اقتصاد الإمارة من الفاسدين».

وتقوم هيئة المحاسبة الحكومية حالياً بمراجعة مالية شاملة لشركات حكومة دبي التي تملكها كلياً أو جزئياً وتحيل أية مخالفة أو شبهة فساد إلى السلطات المختصة للتحقيق. وتراجع إدارة الرقابة المالية في دبي نحو 250 منشأة سنويا، وتشمل جميع الشركات التي تملك فيها الحكومة حصة لا تقل عن 25 في المائة.

ويقول مسؤولون حكوميين في دبي إن نسبة الفساد لا تزال في حدودها الدنيا، مقارنة بحجم الأعمال والاستثمارات التي تشهدها الإمارة، وإن مثل هذه «الأخطاء»، من الممكن تحدث في أي مكان حول العالم. ويأتي الإعلان عن تحقيق سلطات دبي مع مسؤول شركة «تمويل» التي تتخذ من دبي مقرا لها، بعد سلسلة من المخالفات المالية في عدد من الشركات الكبرى المساهمة والعامة في إمارة دبي. حيث فتحت شرطة دبي تحقيقات رسمية في قضايا فساد واستغلال مناصب لتحقيق مكاسب غير مشروعة ذكر أن مسؤولين في شركات مرتبطة بالحكومة وأخرى خاصة تورطوا فيها.

ووصل عدد المتورطين في كبريات شركات دبي نحو 12 مسؤولا خلال أربعة اشهر تقريبا.

وبالرغم من تدافع الإعلان عن مسؤول تلو الآخر في شركات تملكها حكومة دبي، إلا أن الحكومة المحلية في إمارة دبي تؤكد وقوفها بحزم ضد مختلف مظاهر الفساد والرشوة والكسب غير المشروع في مختلف مؤسسات القطاعين العام والخاص بالإمارة.  ويقول النائب العام في دبي، المستشار عصام الحميدان، إن الحكومة ستواصل وبتوجيه من السلطات العليا انتهاج موقف صارم ضد كل أشكال الفساد واتخاذ الإجراءات القانونية بحق مرتكبيها، مؤكداً أن محاربة الفساد في صدارة أولويات الحكومة.

وفي الوقت الذي لا تزال فيه الفعاليات الاقتصادية تترقب تحقيقات عدة تجريها السلطات، فإن هناك انتقادات من تأخر الإعلان عن نتائج هذه التحقيقات، والتي يخشى المستثمرون من تأثيرها على استقطاب دبي للاستثمارات الخارجية.

غير أن المصادر الحكومية ترد بأن مثل هذه التحقيقات في حاجة إلى مزيد من الوقت حتى تظهر بالشكل الذي يحافظ على شفافيتها.

وهنا يقول النائب العام إن حكومة دبي تنتهج سياسة تتسم بالشفافية والوضوح إزاء هذه القضايا «وهناك توجيهات صارمة بعدم التسامح أو التهاون بشأن كل أشكال الفساد والرشوة والتنفع من المناصب الوظيفية»، مشيراً إلى انه «سيتم الإعلان عن نتائج التحقيقات الجارية مع مسؤولين مخالفين فور انتهائها».

وكانت حملة دبي المنظمة ضد الفساد في القطاعين العام والخاص، قد طالت موظفين كبارا وصغارا في مختلف القطاعات تورطوا في قبول رشاوى مالية، أو حصلوا على مبالغ مالية بدون وجه حق، أو اعتدوا على المال العام. وبحسب مصادر حكومية فإن الحملة تهدف إلى «وقف العبث بمقدرات الدولة الاقتصادية، وتطبيق المعايير الدولية لضمان حقوق المستثمرين». وتصف المصادر هذه الحملة بأنها حركة تصحيحية للقضاء على شبهات الفساد.

وخلال الفترة الماضية لاقت القضايا المتعلقة بالفساد والاختلاس تغطية إعلامية محلية وعالمية واسعة النطاق، خصوصا أن البعض يراها تهدد بصورة غير مسبوقة سمعة بعض الشركات الحكومية والمساهمة بدبي وأدت إلى تراجع أسهم بعضها بنسبة أكثر من 35 في المائة.

وكان لافتا في تصريحات سابقة لمسؤول في حكومة دبي قوله «لن تكون هناك حصانة لأي مسؤول يستغل منصبه لتحقيق مكاسب غير مشروعة». وأقال رئيس الدولة، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وزير الدولة، الدكتور خليفة بن بخيت الفلاسي، من منصبه، على خلفية بدء النيابة العامة في دبي التحقيق معه في قضية «خيانة أمانة»، إثر تقدم ورثة رجل أعمال لبناني بشكوى تتهمه بالاستيلاء على شركة أبيهم وأملاكه في دبي.

وتسعى دبي للمحافظة على مكتسباتها التي جعلت من اقتصادها الأكثر نشاطاً في العالم، حيث لا تزال الإمارة تشكل نموذجا رائدا للتطوير والتنويع الاقتصادي.

وارتفع الناتج المحلي الإجمالي للإمارة إلى 53.9 مليار دولار أميركي في العام الماضي مع نسبة نمو سنوي بلغت حوالي 8 في المائة. في حين لا تعتمد دبي على النفط إلا بأقل من 5 في المائة من الناتج الإجمالي للإمارة.

ووفقا لخطة دبي الاستراتيجية 2015، تهدف الإمارة إلى تحقيق زيادة إنتاجية بنسبة 4 في المائة سنوياً، بالإضافة إلى رفع الناتج المحلي الإجمالي إلى حوالي 108 مليارات دولار ، وزيادة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى 44 ألف دولار بحلول عام 2015.