شركات الإنتاج السينمائي تحصد المليارات رغم قلة عدد المشاهدين

تبقى متخوفة من ضعف إيرادات العام المقبل بسبب إضراب الكتاب

بلغت الإيرادات هذا الصيف 4.18 مليار دولار، حقق «ذا دارك نايت» منها 504.7 مليون دولار وهو ما كان كفيلا بجعله أكثر الأفلام مبيعا (أ ب)
TT

انخفضت نسبة عدد المشاهدين الذين دخلوا دور العرض السينمائية هذا الصيف عن الصيف الماضي وهو ما أكد مخاوف صناع السينما في هوليوود من أن أفلام هذا العام لا تأتي بنفس جودة أفلام العام الماضي. لكن لحسن حظ تلك الصناعة، التي تتصدر جني الأرباح اولوياتها، جاء ارتفاع أسعار التذاكر والنجاح غير العادي لأحد أفلام سلسلة «باتمان»، ليحقق مستوى دخل عال لشركات الإنتاج السينمائي قريبة من معدل دخلها المرتفع المعتادة عليه.

وبالنسبة لهذا الموسم الصيفي الهام جدا للشركات، والذي تحصل من خلاله الاستوديوهات الكبرى في هوليوود على حوالي 40 في المائة من دخل شباك التذاكر السنوي، بلغت حصيلة مبيعات التذاكر في أميركا 4.2 مليار دولار، حسب ما أوردته إحدى شركات متابعة الأفلام.

وبالرغم من انخفاض نسبة الإقبال على دخول دور العرض بحوالي 4 في المائة (586.6 مليون مشاهد) فقد أوردت وسائل الإعلام أن الأداء لا يزال متفوقا على أداء العام الماضي الذي بلغ 4.18 مليار دولار، ولا يزال صيف عام 2002 يسجل أعلى معدلات الدخل في صناعة السينما، حيث بلغ 4.36 مليار دولار.

وقد سجلت نسبة أفلام الإثارة المأخوذة عن سلاسل الروايات أو الأفلام الكوميدية عددا غير مسبوق. فهذان النوعان يسهل طرحهما في الأسواق لترويجهما. لكن هذا العام يأتي على عكس العام الماضي، حيث كانت هناك قلة كبيرة في عدد الأفلام المأخوذة عن روايات، وجاءت الأفلام ذات الميزانيات الضخمة محفوفة بالمخاطر. وتتكون تلك النوعية التي قدمت هذا العام من المرتبة (ب)، مثل أفلام «الرجل الحديدي» و«هانكوك»، و«سكس آند ذا سيتي»، المأخوذ عن مسلسل عرض طويلا على الشاشات التلفزيونية، وفيلم رسوم متحركة به 45 دقيقة من المشاهد الصامتة (وول إي). وكانت هناك أيضا مجموعة من الأفلام الكوميدية قام بها ممثلون مثل بن ستيلر ومايك مايرز وآدم ساندلر وويل فيرل وإيدي ميرفي وستيف كاريل وستيث روجان وكاميرون دياز، وقد حصدت تلك الأفلام على عائدات جيدة مما جعلها تحقق الراحة النفسية لكل شركات الإنتاج عدا شركة 20 «سنتشري فوكس».

ويقول براد جري رئيس مجلس إدارة شركة بارامونت بكتشرز: «نحاول دائما أن نؤسس بعض الأطر الجديدة وهو ما قامت به صناعة السينما هذا العام».

ففيلم «الرجل الحديدي» الذي أنتجته شركة «مارفل ستوديوز» والذي قامت شركة «باراماونت» بتوزيعه ربما يعد أقوى المنافسين ليحقق تلك الأطر. وفيلم «ذا بكتشر» الذي قام ببطولته روبرت داوني باع أكثر من 317.5 مليون تذكرة في دور العرض السينمائية في أميركا الشمالية وحدها وأكثر من 250 مليون في الخارج. وتخطط الشركة لطرح الجزء الأخير من السلسلة في 30 أبريل (نيسان) 2010.

وكان من بين الأفلام التي أنتجت هذا العام والتي يتوقع أن تكون نواة لسلسلة فيلم «مطلوب» الذي أنتجته شركة «يونيفرسال» والذي يدور حول قاتل محترف، وكذلك فيلم «كونغ فو باندا» الذي أنتجته شركة «دريم وركس» الذي يدور في إطار من مغامرات لعبة الكونغ فو.

والقراءة في إيرادات شباك التذاكر الأميركية تبرز أدلة على أذواق المشاهدين أو محبي هوليوود، حيث يميلون إلى استعمال لغة الرمزية في أعمالهم السينمائية. وبالفعل فقد كان محترفو صناعة الأفلام حذرين في تفسير نجاح أي فيلم. ففيلم «سكس آند ذا سيتي» على سبيل المثال أدهش شركة «ورانر برازرز» بحجم إيراداته التي بلغت 152.4 مليون دولار في أميركا وحدها. ولكن هل يعني ذلك أن هوليوود ستبدأ في إنتاج عدد من الأفلام المبنية على بطولة سيدات؟ قد لا يكون ذلك صحيحا، فأحد التجارب بذلك سوف تكون في 12 سبتمبر (ايلول) الحالي عندما تعرض في دور العرض كلاسيكية جورج كوكر التي عرضت من قبل عام 1939. وبالرغم من ذلك برز الرابحون والخاسرون في هذا الصيف ببعض الاستراتيجيات الهامة وبعض الحقائق الذهنية الهامة عن هوليوود للعام المقبل. وتظل مهنة الإنتاج السينمائي عملا بالغ الخطورة، فالصناعة محفوفة بالكثير من الإخفاقات والصدمات وعوامل الفشل، وأحيانا في بعض الاستوديوهات مثل «وارنر» التي تعد جزءا من شركة «تيم وارنر»، حيث وقعت خسارة فادحة في «سبيد راسر» ونجحت نجاحا باهرا في فيلم« ذا دارك نايت» أحد أجزاء سلسلة «باتمان».

وفيلم «سبيد راسر» كان مسلسلا تليفزيونيا شهيرا، وقد تكلف إنتاج الفيلم 250 مليون دولار، لكنه لم يحقق سوى 43.9 مليون في أميركا. ثم أتي فيلم «ذا دارك نايت» ليحقق 504.7 مليون دولار، وهو ما كان كفيلا بجعله أكثر الأفلام مبيعا، كما حصلت «وارنر» على أعلى الأرباح في مجال الأفلام الكوميدية بفيلمها «جت سمارت».

و«بارامونت» التي تشكل جزءا من «فياكوم» حققت أرباحا ضخمة عندما حاولت تأمين نفسها، حيث تشكل معظم دخلها هذا الصيف عبر توزيع إنتاج الشركات الأخرى، وقد سمحت تلك الاستراتيجية لبارامونت بتحجيم مخاطرتها وفي ذات الوقت التركيز على أحد الأفلام التي ستتكلف ميزانية ضخمة لعرضها الصيف القادم، مثل «جي آي جو»، وإنتاج جزء آخر من سلسلة «ستار تراك» و«ترانسفورمرز2» والفيلم الأخير إنتاج مشترك بين «بارامونت» و «دريم وركس».

وقد عانت الشركة من فشل ذريع في هذا الصيف حيث حصد فيلمها «ذا لاف غورو» الذي لعب بطولته مايك مايرز 32.3 مليون دولار وهو ما يعد أقل بكثير من نصف إنتاجه. ويقول جيري: «أعتقد أن مايك رائع ويستحق أن يمنح الفرصة للاستمرار في تمثيل الأفلام التي يقتنع بها، فليست كل الأفلام تنجح».

وقد كان هذا الصيف قويا بالنسبة لشركة «يونيفرسال» بفيلمها «إنكريديبل هولك» الذي أنتجته «مافل» لكي يتغلب على سوء الحظ الذي واجهه، وكذلك الفيلم الموسيقي «ماما ميا» الذي حقق أرباحا كبيرة خاصة في الخارج، بالإضافة إلى فيلم «وونتد». كما حققت الشركة نجاحا كبيرا بفيلمها «هل بوي 2: ذا غولدن آرمي» الذي جاء مميزا لأن شركة «سوني» وافقت على صنع أجزاء منه.

ويقول آدم فوجلسون مدير التسويق والتوزيع في شركة يونيفرسال: «لقد كان هذا الصيف عظيما بالنسبة للصناعة لأن معظم شركات الإنتاج صنعت أفلاما جيدة ومرضية». غير أن بعض شركات الإنتاج الأخرى عانت من أوقات عصيبة. وقد حققت سوني نجاحا كبيرا بفيلمها «ذا هانكوك» بطولة ويل سميث والذي حصد 226 مليون دولار في أميركا وثلاثة أفلام كوميدية متواضعة الإنتاج والتي كان فيلم «دونت مس وز ذا ذوان» والذي لعب بطولته آدم ساندلر أحدها.

ويقول روري بوير مدير التوزيع في شركة سوني «لا تزال الأفلام الكوميدية تؤدى بشكل جيد فالناس يرغبون في الضحك والهروب من مشكلات الواقع».

ولا تزال «سوني» تعاني من المقارنة مع العام الماضي عندما حققت نجاحا كبيرا العام الماضي بفيلم «سبايدر 3»، وكان الأمر نفسه بالنسبة لشركة «والت ديزني» بفيلمها «قراصنة الكاريبي»، الذي حققت بسببه أرقاما قياسية. وفي نفس الوقت من ذلك العام أنتجت «والت ديزني» فيلم «ذا كرونيكل أوف نارنيا: برنس كاسبيان» الذي مني بفشل ذريع إذ محققا 141.6 مليون دولار وهو ما يعد أقل من نصف ما حققه الجزء الأول من السلسلة. وشركة «فوكس» التي تعد جزءا من شركة «نيوز كربوريشن» كافحت من أجل تعويض سلسلة خسائرها التي تعد الأكبر خلال عشر سنوات، فالشركة التي طالما امتدحها المحللون بسبب هامش الأرباح الذي تحققه حصدت فشلا بأفلامها «إكس فايلز» و«آي ونت تو بليف» والفيلم الكارثي «ميت داف» الذي لعب بطولته إدي ميرفي.

وقال المتحدث باسم الشركة إن بعض الأنباء الجيدة في الشهور القادمة سوف تنهى تلك الأشهر العجاف التي تمر بها الشركة، ومن بين الأفلام التي ستقدمها الشركة «ذا داي ذا إيرث ستود ستل» ورائعة الخيال العلمي «إكس من أوريجن: ولفارين».

والتأثيرات المحتملة لإضراب الكتاب الذي استمر ثلاثة أشهر على الصناعة، ربما تكون أحد الأسئلة عن الصيف القادم. وقد قالت شركة «وارنر» إن الإضراب أثر على مشروعات إنتاجها لعام 2009 لدرجة أنها غيرت موعد عرض «هاري بوتر أند ذا هاف بلود برنس» من نوفمبر (تشرين الثاني) هذا العام إلى يوليو (تموز) من العام المقبل.

لكن شركات الإنتاج الخمس الكبرى الأخرى أفادت بأنه لن يكون هناك تأجيل في مواعيد عرض الأفلام. ويقول فوغلسون من شركة يونيفرسال: «هناك دليل ضعيف جدا باحتمال حدوث تأثر في السوق قبل الخريف القادم».

وقد انتهى صيف 2008 وقد باتت هوليوود تدرس ما حدث في الأفلام الضعيفة، وأدار صانعو الأفلام أبصارهم تجاه موسم الجوائز.

وقد حصد فيلم «فان ديزل بابليون قبل الميلاد» المليء بالمغامرة 12 مليون دولار في خلال الأيام الأربعة الأولى لعرضه في أميركا الشمالية وحل بالمرتبة الثانية بعد فيلم «تروبيكال ثندر» الذي حصد 14.3 مليون دولار (بلغت مجموع إيراداته 86.6 مليون دولار)، و«تريتور» الذي قام ببطولته دون شيدل والذي حقق 11.5 مليون دولار وحل بالمرتبة الثالثة.

وجاء «ذا دارك نايت» في المرتبة الرابعة وفيلم «ذا هاوس بوني» الكوميدي الذي تميز بمحدودية ميزانيته جاء في المرتبة الخامسة وحقق 10.2 مليون دولار (وليحقق أرباحا إجمالية بلغت 29.8 مليون دولار).

* خدمة «نيويورك تايمز»