سعر برميل النفط الكويتي يتراجع إلى ما دون 100 دولار مع ضعف مقومات السوق وازدياد قوة الدولار

توقعات أن يصل ما بين 102 إلى 120 دولارا مع نهاية 2009

TT

أشار بنك الكويت الوطني، في تقرير تطورات أسواق النفط، إلى هبوط سعر برميل النفط الخام الكويتي بصورة حادة إلى ما دون 100 دولار، وليصل في 8 سبتمبر (أيلول) إلى 98 دولاراً، خاصة بعد أن كان قد سجل أكبر تراجع يومي له في 2 سبتمبر بلغ 9.6 دولارات، وليصبح سعره الآن يقل بنحو 28 في المائة عن مستواه القياسي البالغ 136.2 دولار للبرميل الذي كان قد سجله في 4 يوليو (تموز) السابق.

كما وفرت حالة التوازن الدقيق التي سادت أسواق النفط وتطورات الأسواق المالية، دعماً رئيسياً لأسعار النفط الخام خلال النصف الأول من العام الحالي، فيبدو أن نفس هذين العاملين يؤثران الآن في الاتجاه المعاكس. فالمؤشرات على ضعف الطلب على النفط في مختلف دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تزامنت مع زيادة الإنتاج من جانب «أوبك»، وظهور بيانات مشجعة عن مستوى المخزونات الأميركية من النفط الخام.

وذكر التقرير أن أسعار النفط العالمية الخفيفة التي تعتبر المؤشر المرجعي لأسعار النفط الخام، شهدت تراجعاًً ملحوظاً خلال شهر أغسطس (آب) الماضي. فقد وصل سعر مزيج برنت إلى 101.5 دولار للبرميل في 8 سبتمبر، متراجعاً بما نسبته 18 في المائة عما كان عليه في نهاية شهر يوليو، وبنحو 30 في المائة عن أعلى سعر سجله على الإطلاق، عندما بلغ 145.7 دولار في 3 يوليو الماضي. كذلك الحال، فقد شهدت أسعار مزيج النفط الأخرى أيضاً حالات هبوط مماثلة عما كانت عليه، ليبلغ سعر مزيج غرب تكساس 106.2 دولار في 8 سبتمبر، منخفضا بما نسبته 27 في المائة من أعلى مستوياته والبالغ 145.3 دولار، في حين تراجع سعر مزيج سلة أوبك 28 في المائة ليصل إلى 101.2 دولار، وذلك بالمقارنة مع مستواه القياسي الذي بلغ 140.7 دولار. وعلى الرغم من الدلائل التي تشير إلى أن حدة التراجع في أسعار النفط الخام العالمية، أصبحت معتدلة منذ بداية شهر سبتمبر، إلا أن الانخفاضات الأخيرة توحي بأن عوامل السوق وميوله ما زالت ترجح حدوث المزيد من التراجع في الأسعار.

وجاء في التقرير أن إجمالي إنتاج النفط الخام تجاوز في شهر يوليو من دول أوبك الاثنتي عشرة (أي باستثناء العراق) 30 مليون برميل يوميا للمرة الأولى خلال هذا العام، مرتفعا بواقع 182 ألف برميل يوميا في شهر يوليو بمفرده، وذلك بفضل زيادة السعودية لإنتاجها بمقدار 163 ألف برميل يومياً، الأمر الذي يؤكد دور السعودية وسلطتها في تكريس حالة التوازن في إنتاج المنظمة. ومن العوامل التي لعبت دوراً مهماً أيضا استقرار إنتاج العراق من النفط فوق معدل 2.4 مليون برميل يوميا للشهر الثالث على التوالي، وليبلغ في شهر يوليو 2.5 مليون برميل يوميا، مرتفعا بواقع 300 ألف برميل يوميا عن مستواه السائد عند بداية العام. كذلك الحال، فإن إنتاج نيجيريا واصل ارتفاعه للشهر الرابع على التوالي، على الرغم من أنه ما زال يقل عن مستوياته السائدة في أواخر العام الماضي بنحو 200 ألف برميل يوميا.

إن هذا التفاعل ما بين إنتاج «أوبك» من النفط والإنتاج من خارجها، يتوقع له أن يلعب دوراً محورياً في رسم مسار أسعار النفط خلال الـ6 إلى 12 شهراً المقبلة، والذي من المحتمل أن يسترعي المزيد من الاهتمام حول دور «أوبك» في تحديد مسار الأسعار. فإذا ما تحققت التقديرات المتشائمة لمركز دراسات الطاقة الدولية، فإن النمو على الطلب العالمي على النفط قد يأتي أضعف بكثير مما تتوقعه الأسواق، وليبلغ 0.5 مليون برميل يوميا فقط في 2008، و0.4 مليون برميل يوميا في 2009. وحتى لو جاءت إمدادات النفط من خارج «أوبك» مخيبة للآمال، فيحتمل أن تبدأ «أوبك» بتقييد إنتاجها مطلع عام 2009 في محاولة للحفاظ على أسعار النفط الخام فوق مستوى 100 دولار للبرميل، مع إجراء تخفيضات على الإنتاج بواقع 0.3 مليون برميل يوميا في الربع الأول من 2009، و0.5 مليون برميل يوميا في الربع الثاني منه. وفي الوقت الذي ترتفع فيه مستويات المخزونات العالمية من النفط، فإن الأسعار قد تصل 100 دولار في الربع الأول من عام 2009، قبل أن ترتفع بشكل طفيف بحلول منتصف العام عندما يبدأ تأثير تخفيضات الإنتاج بالظهور في السوق. ووفقا لذلك، فإن سعر برميل النفط الخام الكويتي سيتراخى قليلاً ليصل إلى 97 دولارا بحلول الربع الأول من عام 2009، ولكنه سيعاود ارتفاعه ليتجاوز 100 دولار بحلول الربع الثاني من العام.

ومن المحتمل أن تشهد أسعار النفط انخفاضات أكبر في وقت لاحق اذا ما تبين أن النمو في حجم الامدادات النفطية من خارج «اوبك» قد جاء قوياً على غرار ما تتوقعه المنظمة، مع انه من المرجح ان تستجيب «أوبك» لمثل هذا السيناريو بإجراء تخفيضات اكبر، نحو 0.8 مليون برميل يوميا في الربع الاول من عام 2009 و0.4 مليون برميل في الربع الثاني منه. ومع ذلك، فإن شعور بالارتياح الناجم عن المعرفة بوجود هامش اوسع لفائض في طاقة الإنتاج، ربما يجعل من الصعب المحافظة على السعر الأدنى في حدود 100 دولار. وفي ضوء ذلك، فيقدر أن سعر برميل النفط الخام الكويتي سيتراجع الى نحو 80 دولاراً للبرميل في الربع الاول من عام 2009، وربما ينخفض إلى ما دون ذلك المستوى بحلول منتصف العام.

من ناحية اخرى، فهناك احتمالية تقوم على فرضية ضعف الإمدادات من خارج «اوبك» ونمو قوي في الطلب العالمي يصل الى مليون برميل يوميا في عام 2009، مع بقاء النمو خارج دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الى حد كبير، بعيداً عن التأثر بالضعف الاقتصادي الجاري حالياً في الأسواق المتقدمة. وفي هذه الحالة، فإن السعودية ستتولى على الأرجح، صدارة الجهود لتلبية الطلب العالمي الاقوى على النفط، حيث سيرتفع إنتاج «أوبك» بنحو 0.6 مليون برميل يوميا ما بين الربع الاخير من عام 2008 والربع الثاني من عام 2009. وتبعاً لهذا السيناريو، فإن أسعار النفط الخام ستبدأ ارتفاعا متسارعا خلال الربع الاخير من 2008، ومن المتوقع أن يصل سعر برميل النفط الخام الكويتي إلى 150 دولارا، بحلول الربع الثاني من عام 2009.

ووفقاً لتقديرات الوطني، فإن متوسط سعر برميل النفط الخام الكويتي سيتراوح بين 102 دولار و120 دولاراً للسنة المالية 2008/2009، وهو إلى حد ما دون مستوى التقديرات التي سادت الأشهر القليلة الماضية. ومع ذلك، فإننا ما زلنا بعيدين عن أنماط الهبوط في الأسعار التي قد تعمل على أن تكون ميزانية الحكومة عرضة لضغوطات ـ مع العلم بأن هذه الميزانية ستكون متوازنة أي لن تحقق فائضاً أو عجزاً إذا بلغ متوسط سعر برميل النفط 75 دولاراً. وفي الواقع، فإن تراجع أسعار النفط قد يساعد الحكومة إذا ما أرادت التهدئة من المطالبات بزيادة كبيرة أخرى في المصروفات العامة خلال العام المقبل، الأمر الذي سيسهم فقط في تفاقم الضغوط التضخمية. وفي حال جاءت المصروفات الحكومية كعادتها بحدود 5% الى 10% دون مستوياتها المقررة في الميزانية (بعد استثناء التحويل الاستثنائي للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية البالغ 5 مليارات دينار)، فإن ذلك يعني ان فائض الميزانية للسنة المالية 2008/2009 سيتراوح ما بين 6.8 مليار دينار و13.3 مليار دينار، وذلك قبل تخصيص 10% من الإيرادات لصندوق احتياطي الاجيال القادمة، مع بقاء الفرص مهيئة لتجاوز الفائض القياسي للميزانية للسنة الماضية، الذي بلغ 9.3 مليار دينار.