محافظو بنوك الخليج المركزية لا يرون مخاطر كبيرة من الاضطراب المالي العالمي

توقعات إيجابية لنشاط «ميريل لينش» في المنطقة بعد شرائها من «بنك أوف أميركا»

TT

قال محافظو بنوك مركزية رئيسية في منطقة الخليج أمس إن بلادهم لا تواجه تداعيات مباشرة خطيرة من جراء الاضطرابات التي اجتاحت أسواق المال في الولايات المتحدة. وقال حمد بن سعود السياري محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) على هامش اجتماع للبنوك المركزية في جدة إنه لا يرى في الوقت الحالي أي مخاطر، لكنه أشار الى أن الازمة بدأت في الايام الاخيرة. وهوت أسهم بنوك الخليج في الايام الاخيرة خشية تعرض النظام المالي لتداعيات من جراء الازمة المالية في الولايات المتحدة والتي بدأت بانهيار بنك «ليمان براذرز». وقال الشيخ عبد الله بن سعود ال ثاني، محافظ مصرف قطر المركزي، ان البنوك في قطر ليست لها أموال لدى بنك الاستثمار الاميركي المنهار «ليمان براذرز» أو بنك «ميريل لينش». وردد سلطان ناصر السويدي، محافظ بنك الامارات المركزي، وحمود بن سنجور الزدجالي، محافظ البنك المركزي العماني، تصريحات مماثلة عندما سئلا عما اذا كانت المؤسسات المصرفية في بلديهما تواجه مخاطر. وفي تصريحات منفصلة قال عبد المجيد الشطي، رئيس اتحاد المصارف الكويتية، لرويترز امس إن البنوك الكويتية ليس لها على الارجح أي أموال مستثمرة في بنوك اميركية منهارة او متعثرة. وقال الشطي الذي يرأس أيضا مجلس ادارة البنك التجاري الكويتي «لا أعرف الارقام لكن استثمارات البنوك خارج الكويت ضئيلة. أشك أن تتأثر البنوك». يأتي هذا فيما تترقب المؤسسات المالية العالمية المرخصة للعمل في منطقة الخليج العربي النتائج العملية لآثار القرارات الجديدة التي كان من بينها عمليات بيع وإعلان إفلاس كامل، إذ لف ّ الصمت والتكتم أجواء الشركات العالمية العاملة أو التي تتأهب لبدء أعمالها في المنطقة مع صدمات أزمة الكساد العالمي التي تواردت الأنباء السلبية حولها أمس. وقطع بنك «ليمان براذرز» ـ رابع أكبر بنك استثماري أميركي ـ الذي أعلن إفلاسه أول من أمس الاتصال مع وسائل الإعلام إذ أفادت مصادر مطلعة بأن مكاتب البنك في دبي لم تستجب للاتصالات التلفونية، بينما فشلت محاولات «الشرق الأوسط» العديدة للاتصال بباتريك ماير رئيس الاتصالات في العالم بـ«ليمان براذرز» في مقره لندن.

وكشفت مصادر مطلعة أن البنك أكد عدم رغبته في إصدار بيانات إعلامية أو تصريحات صحافية خلال هذه الفترة من أزمته، مشيرا إلى أن الغموض يلف الوضع القائم على وضعه في السعودية حيث ينهي إجراءاته في وزارة التجارة والصناعة. وعملت ادارة «ليمان براذرز» مؤخرا على إنهاء أوراقه الرسمية لإشهاره كبنك استثماري أجنبي عملاق في السعودية لينضم إلى سوق شركات المال والمصارف والوساطة المالية الذي خّول له العمل وبدء نشاطه داخل البلاد منذ مايو (أيار) المنصرم في وقت أبلغ «الشرق الأوسط" مصدر مالي أن هيئة سوق المال ستقع على عاتقها مسؤولية الإعلان عن إيقاف الرخصة في حال أنها رخصت للبنك للعمل في السوق المالية السعودية.

ولم يمض وقت طويل على تحركات الشركة التطويرية في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط حيث أعلنت في مايو (أيار) الماضي عن تعيين فيليب لينش، عضو اللجنة التنفيذية للبنك في أوروبا والشرق والأوسط، وتعيين جميل الأخرس كنائب لرئيس مجلس الإدارة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مفيدة حول تلك التعيينات الجديدة بأنها تؤكد التزام الشركة بالعمل المستمر على خدمة وتلبية المتطلبات المهمة والمتنامية لعملائها في منطقة الخليج والشرق الأوسط بشكل عام.

مقابل ذلك، جاءت أصداء شراء «بنك أوف أميركا» لـ«ميرل لينش» في صفقة بقيمة 50 مليار دولار، إيجابية لشركات الأخيرة في منطقة الخليج العربي، إذ توقعت معلومات أن هذا التحرك يمثل قرارا إيجابيا ستنعكس آثاره قريبا بقوة المركز الاستثماري بدعم الملاءة المالية.

وأوضحت المعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» أن رخص وشركات الاستثمار التابعة لـ«ميريل لينش» في منطقة الخليج وتحديدا في دبي والبحرين والسعودية ستشهد تحولا إيجابيا في إمكاناتها بعد شراء «بنك اوف أميركا». وبينت المعلومات أن صفقة الشراء تمثل واحدة من أهم الصفقات التكامليّة في الوقت الراهن وربما يشكل أكبر بنك على المستوى العالمي، إذ أن «ميريل لينش» يعتبر من كبريات المؤسسات المالية التي لديها توزيع وانتشار في مناطق عالمية، ويمتلك قاعدة معلومات استثمارية ومالية ضخمة إضافة إلى قاعدة عملاء كبيرة، في حين يمتلك «بنك أو أميركا» الملاءة والقوة المالية المهولة.

ولفتت معلومات «الشرق الأوسط» أنه لم يتم حتى الآن الإبلاغ بتغييرات جديدة، مفيدة بأن الاسم يمثل أحد الملفات المهمة التي ربما يتم الإفصاح عن تغييره أو إبقائه خلال الربع الأول من العام 2009. وتتركز أبرز أنشطة «ميريل لينش» في إدارة الثروات العالمية والأسواق العالمية والاستثمار المصرفي، والأبحاث.

أمام ذلك، يصف الدكتور جون أسفكياناكيس رئيس الدائرة الاقتصادية في البنك السعودي البريطاني أن المرحلة المقبلة معرضة لمزيد من السيناريوهات السلبية على صعيد الأسواق المالية العالمية وتحديدا الشركات والبنوك الاستثمارية، مؤكدا أن ملامح نتائج الربع الثالث لمعظم الشركات سلبية وغير مبشّرة. وزاد أسفكياناكيس «لا تزال للقصة نهاية لم يصل إليها العالم إذ يتوقع أن تعلن خلال الفترة المقبلة مزيد من البنوك الاستثمارية إفلاسها ما لم أن تكن قررت على التحرك نحو الدمج أو بيع ذاتها لبنوك تجارية ضخمة، أما بخلاف خيار الاندماج أو البيع فستعرض ذاتها لوطأة الكساد العالمي وأزمة الرهن العالمي المتفشية».

وأكد أسفكياناكيس في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن منطقة الخليج واحدة من أكثر الأسواق الناشئة أمانا للأموال بصحبة الهند والصين إذ يجمعهم ميزة النمو الاقتصادي المطرد، مفيدا بأن دول الخليج مغرية لتوفر ووجود السيولة والملاءة العالية.