أسعار الفنادق حول الحرمين مبالغ فيها

TT

تمر المناطق المحيطة بالحرم المكي والنبوي أو ما يعرف بالمناطق المركزية حول الحرمين بنهضة عقارية مستمرة. والمنتظر بعد أن تنفذ خطط التوسعة المعتمدة أن تكون السياحة الدينية رافداً مهماً للناتج القومي السعودي. لكن مما يلاحظ على هذه المشاريع أنها ذات مواصفات (مدللة).. فقد تم إنشاؤها لتعتمد على أسس العمارة الإسلامية والعمارة التقليدية بمدينتي مكة والمدينة المنورة مصحوبة بأفكار حضارية تحقيقاً لتطلعات ذات مستويات جامحة لتصل إلى أرقى مواصفات مدن العالم لتناسب مستوى دخل كبار رجال الأعمال والموسورين والوفود الرسمية، في حين ان هذه المساكن وجدت للعبادة وليست للمتعة والرفاهية. ومما ينبغي ملاحظته أن هناك فئة من زوار الحرمين تحتاج للسكن القريب منهما، لكن الأسعار في وضعها الحالي وما ينتظر لها أن تكون عليه تشكل عقبة أمامه قد يصعب عليه تجاوزها. فالأسعار هناك لا زالت (وقد تستمر) بمستويين!. إما سكن بمواصفات راقية لا يحتاجها الغالبية وبأسعار مبالغ فيها، تصل أجرة الغرفة في ليالي المواسم إلى عشرات آلاف الريالات. ولا ننسى هنا بأن الأسر الخليجية تتكون من عدد (لا بأس به) من الأولاد والبنات والخادمة. ولذلك، فإن مثل هذا السكن يكون أعلى من طاقة معظم الحجاج والمعتمرين. أما المستوى الثاني؛ فيكون متدنيا جداً من حيث التأثيث والنظافة والخدمات ومخصصاً للحملات الذين أكثر روادها من العمالة ممن (يدمرون) ما يقع تحت أيديهم من ممتلكات، والسكن بعدهم يحتاج إلى صيانة والمبنى إلى ترميم. وبالمناسبة معظم هذه المساكن عبارة عن مشاريع فردية يقوم عليها (في الغالب) مستثمرون من قد يكون بعضهم غير سعودي بعقود من الباطن أو بأسماء صورية تتستر عليهم. ناهيك من اضمحلال مراكز المعلومات التي تسهل على الزائر أين يبحث له عن سكن في شقة أو غرفة في فندق. ولا أمل في البحث عن عروض بديلة عبر الشبكة العنكبوتية (الإنترنت)! وبذلك، أصبح على زائر الحرمين الذي يرغب في سكن قريب من الحرم، إما أن يقبل بتكلفة عالية تهز ميزانيته وإما يقبل بسكن بمستوى غير ملائم. ومن الخيارات المتاحة لمعالجة هذا الأمر، وأخذاً بالاعتبار بأن المساحة المركزية حول الحرمين (مهما بلغت) تعد محدودة، فإن من المناسب أن يتم بناء مجمعات خارج المنطقة المركزية، على أن يوفر لها قطارات خاصة بها تحت الأرض لتصلها بالحرم بوقت قياسي. ففي أوربا وأمريكا الشمالية هناك قطارات تصل المواقع المهمة (المزدحمة) خلال بضع دقائق وتكون بتكاليف نقل مخفضة. كما يمكن تخصيص مواقع لمواقف السيارات قرب الحرمين. وهذه وإن كان ذلك موجوداً لكنه للأسف على نطاق ضيق ويحتاج إلى تسويق خدماته ليعرف بها الزوار.

وختاماً.. فإن الفرصة سانحة للقيام بحملة لتحفيز القطاع الخاص للمساهمة في مشاريع توفير مساكن لزوار الحرمين بأسعار معقولة، ويمكنها أيضاً أن تمنح موظفيها مكافآت تشجيعية للسكن فيها بأسعار رمزية، وذلك من باب تشجيع السياحة الدينية لدعم هذا الرافد الحيوي من بنود الدخل القومي الواعد.

* كاتب ومحلل مالي