إنقاذ «فورتيس» وسط مخاوف من انتقال عدوى «الفيروس» الأميركي

يعتبر من بين أكبر 20 بنكاً في أوروبا > بنوك مركزية تواصل ضخ مليارات الدولارات > شكوك من نهاية قريبة للأزمة

TT

ضخت بنوك مركزية مزيداً من الأموال في محاولة لإبقاء الأسواق على قيد الحياة وسط مخاوف من اتساع نطاق الازمة المالية خارج الولايات المتحدة وانتقال عدوى «فيروس» الأزمة المالية الأميركية ووسط قلق من المستثمرين من ألا تكون خطة الانقاذ الاميركية التي تتكلف 700 مليار دولار كافية للمساعدة في اعادة الاستقرار الى القطاع المالي. ومنح بنك اليابان المركزي 1.5 تريليون ين (14.2 مليار دولار) أخرى لنظامه المصرفي في تاسع يوم على التوالي من ضخ الاموال في سوق المال قبل ان يضيف 400 مليار ين أخرى بشكل فوري، في حين اضاف بنك الاحتياطي الاسترالي (البنك المركزي) 2.7 مليار دولار استرالي (2.2 مليار دولار أميركي) لمواصلة عمليات الاقراض بين البنوك، ولكن اذا كان المستثمرون بحاجة لما يذكرهم بأن أزمة الائتمان العالمية المستمرة منذ عام أبعد ما تكون عن الانتهاء، فان عمليات طارئة لتأميم بنوك في أوروبا توضح هذا جلياً. وفيما اكد الخبير الياباني كوشي نوغوشي لـ«الشرق الأوسط» أن اليابان لم تنتقل عدوى الأزمة المالية الاميركية اليها، غير ان ثاني أكبر اقتصاد في العالم قد يكون مستعدا لها، وحتى وإن لن يكون تأثير العدوى بنفس الحدة التي ضربت أميركا، فان العدوى الاميركية انتقلت الى أوروبا، إذ تعرضت مجموعة فورتيس المالية في دول البونيلوكس التي تضم بلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ لعملية تأميم عاجلة بعد محادثات طارئة مع رئيس البنك المركزي الاوروبي جان كلود تريشيه للحيلولة دون انتقال عدوى الازمة المالية الاميركية الى واحد من أكبر 20 بنكا في أوروبا. ووافقت حكومات الدول الثلاث على ضخ 11.2 مليار يورو (16.4 مليار دولار) في مجموعة فورتيس المتخصصة في الاعمال المصرفية والتأمين. وأبلغت مصادر مطلعة على المحادثات رويترز أن بنك فورتيس سيبيع اجزاءً من بنك ايه. بي.ان امرو الذي اشتراه العام الماضي لمنافسه الهولندي اي.ان.جي في صفقة ينتظر اتمامها خلال اسبوعين. وكان شراء اصول ايه.بي.ان هو العامل الذي أدى الى تفاقم متاعب فورتيس. وأعلن رئيس الوزراء البلجيكي ايف لوترم خطة الانقاذ في مؤتمر صحافي بعد تطورات متلاحقة خلال مطلع الاسبوع في أول أزمة يتعرض لها بنك كبير في منطقة اليورو خلال 13 شهرا من الاضطرابات المالية العالمية التي اندلعت شرارتها في الولايات المتحدة. وقالت مصادر مقربة من المحادثات ان حكومات البونيلوكس اختارت الحل المتمثل في عملية شراء حكومية جزئية بعد انهيار ثقة المستثمرين، الاسبوع الماضي، وبعد أن عرضت مؤسستان من القطاع الخاص شروطا مجحفة لشراء فورتيس. وقال وزير المالية الهولندي فوتر بوس للصحافيين امس «كان بوسعنا ألا نتدخل ولكن السؤال هو هل كان بنك فورتيس سيظل قائما يوم الاثنين (أمس)».

وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إنه ردا على اسئلة التلفزيون الهولندي، قال بوس «انه ليس مالاً ضائعاً، ففي المقابل حصلنا على حق التصويت في البنك وعلى التأثير، وهذه بالضبط امور يقدرها المدخرون في هذا الوقت العصيب». وستملك كل من الحكومات الثلاث حصة 49 في المائة بفروع بنك فورتيس في بلدها. وستضخ بلجيكا 4.7 مليار يورو في البنوك، وهولندا 4 مليارات يورو ولوكسمبورغ 2.5 مليار يورو. وستكون مساهمة لوكسمبورغ في صورة قرض قابل للتحويل الى أسهم عادية. وقال بنك فورتيس انه يواجه خسائر من جراء بيع اجزاء من بنك ايه. بي.ان امرو الهولندي الذي اشتراه مقابل 24 مليار يورو العام الماضي. وقال مصدر ان بنك بي.ان.بي باريبا، وهو المشتري المحتمل لبنك فورتيس، انسحب بعد أن عرض 1.60 يورو فقط للسهم مقارنة مع سعر اغلاق السهم يوم الجمعة وهو 5.20 يورو وطلب ضمانات حكومية لأي خسائر محتملة مستقبلا. ونظرا لحجم بنك فورتيس الذي يبلغ عدد العاملين فيه على مستوى العالم 85 الف موظف وهيكله الممتد عبر الحدود، لم يكن من المتصور السماح له بالانهيار. وتتوارى عملية تأميم الحكومة البريطانية لبنك نورذرن روك للرهن العقاري المنهار أمام عملية تأميم فورتيس. وكان فورتيس الذي خسر سهمه اكثر من 20% من قيمته الجمعة الماضي وبلغ ادنى مستوياته خلال 15 عاما، اعلن مساء الجمعة استقالة هرمان فرفيلست، مبعدا مديره التنفيذي الثاني في اقل من ثلاثة اشهر. ولم تتمكن المجموعة من ان تقنع في نهاية الاسبوع الاسواق من خلال بيع 5 الى 10 مليارات من اصولها غير الاستراتيجية لانهاء عملية شراء اي.بي.ان امرو.

وادى التأميم الجزئي لفورتيس وتفاقم المخاوف بشأن القطاع المالي الاوروبي الى هبوط اليورو نحو 2 في المائة أمام الدولار أمس، في حين ارتفع الدولار بعد أن بدا من المؤكد أن الكونغرس الاميركي سيوافق على خطة الإنقاذ المالي التي تتكلف 700 مليار دولار. وتفاقمت خسائر الاسهم الاوروبية أمس في بداية التعاملات. وكان قطاع البنوك أكبر الخاسرين بعد أن تركت أنباء التأميم الجزئي لبنك فورتيس المستثمرين قلقين من ألا تكون خطة الانقاذ الاميركية كافية للمساعدة على اعادة الاستقرار الى القطاع المالي. وهبط مؤشر يوروفرست 300 الرئيسي لأسهم الشركات الكبرى بأوروبا 2.6 في المائة الى 1075.83 نقطة. وكانت أسهم البنوك أكبر الخاسرين. وهبطت أسهم رويال بنك اوف سكوتلند ويو.بي.اس وبانكو سانتاندر وباركليز ويونيكريدت وبي.ان.بي باريبا ما بين ثلاثة و11.6 في المائة.