توفير 150 مليار دولار كبرنامج إقراض طارئ للبنوك

وزارة الخزانة وبنك الاحتياط الفيدرالي والبحث وسط الخيارات

TT

برفض خطة الإنقاذ الموسعة التي جاهدت وزارة الخزانة وبنك الاحتياط الفيدرالي في إخراجها ومحاولة تسويقها لدى المسؤولين الأميركيين، فإن المؤسستين ستضطران إلى العودة للتخبط بين المسارات اليائسة، في محاولة البحث فيما لديهما لإنقاذ النظام المالي العالمي، وقد كان الاحتياطي الفيدرالي في طريقه بالفعل إلى استخدام أقدم إجراءاته المتوافرة لديه: ألا وهو طبع النقود، حتى قبل أن يصدم مجلس النواب العالم يوم الاثنين برفضه خطة الإنقاذ التي قدمتها إدارة الرئيس بوش. ومع الخوف الذي يعتري أسواق المال العالمية أعلن بنك الاحتياط الفيدرالي أنه سيوفر 150 مليار دولار عبر برنامج إقراض طارئ للبنوك، و330 مليار دولار عبر ما يسمى باتفاقية الاعتمادات المتبادلة مع البنوك المركزية الأجنبية، لمساعدة الأسواق المالية في أوروبا وآسيا.

لقد كان ذلك استعراضاً غير عادي للقوة المالية وعكس قلقا كبيراً لدى البنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي والبنوك المركزية الأخرى حول العالم بأن أزمة الثقة في الأسواق المالية الأميركية أثرت على الأسواق العالمية في كل مكان.

كل ذلك جاء بالإضافة إلى 230 مليار دولار اقترضها بنك الاحتياط الفيدرالي كي يتمكن من تمويل جهوده السابقة لدعم مجموعة أميركان إنترناشيونال غروب والمؤسسات الأخرى. لكن تلك ستكون الأحدث في سلسلة طويلة ممتدة من الانحرافات المذهلة التي اتخذها البنك هذا العام عن النهج الطبيعي له، وذلك في إطار سعيه لضخ كميات ضخمة من الأموال في النظام المالي.

وحتى وإن رفض الكونجرس تمرير خطة الإنقاذ فلايزال هناك الكثير من الاموال التي يمكن توفيرها فقد أعدت وزارة الخزانة سندات خزانة تكميلية لتمويل أنشطة البنك كما أنه لا توجد قيود حول العدد الذي يمكنها إصداره وبيعه.

وقد أوضح مسؤولو البنك والخزانة بعد تصويت مجلس النواب يوم الاثنين أنه لايزال هناك نطاق واسع من الأدوات في قدرتها، لكن غالبية الخيارات المتبقية تدل على أنها خيارات خاصة بالأزمة أكثر منها سمات للنظام المالي. وفي هذه الأثناء قامت وزارة الخزانة بالتعهد بشراء سندات مدعومة بالرهن العقاري بمليارات الدولارات، بموجب السلطات التي منحت لها في قانون الإسكان الذي أقره الكونغرس هذا الصيف.

لكن ما يثير المخاوف هو أن تلك المحاولات لم تحدث سوى القليل جداً من التأثير أو ربما لم تحقق أي تأثير من أجل تعزيز الثقة في الأسواق المالية، فانخفضت العائدات على سندات الخزانة مدة الربع سنوية إلى 0.29% يوم الاثنين، في إشارة إلى أن المستثمرين كانوا يتهربون من أي نوع من المخاطرة حتى وإن كان ذلك يعني الحصول على عائد أقل بكثير من معدل التضخم.

وقد ارتفع متوسط الإقراض بين البنوك إلى معدلات كبيرة يوم الاثنين إذ أصبحت البنوك في خشية كبيرة من الإقراض لبعضها البعض على عكس ما كان الحال عليه الأسبوع الماضي.

ويقول لورانس إتش ماير نائب رئيس مجلس إدارة شركة ماكروإكونوميك أدفايزرز للاستطلاعات المالية «تعتبر إجراءات السيولة بديلا مؤقتا فأنت تقوم بتمويل ميزانية البنك لكن لا أحد يرغب في إقراض المال إليهم لأنهم يخشون من الإفلاس».

ويقول هنري إم بولسون وزير الخزانة الأميركي «نحن بحاجة للقيام بحل ناجع سويا، وبرغم وعده «باستخدام كل الإمكانات المتاحة لحماية النظام المالي الأميركي» إلا أنه حذر من أن «الخيارات جوهرية لكنها غير كافية».

وفي غياب حصولها على سلطات أوسع سوف يعمد مسؤولو وزارة الخزانة إلى مراجعة الخيارات مرة أخرى لمحاولة استخدام نفس النوع من الإجراءات التي طبقتها في الأشهر الستة الماضية في كل حالة على حدة بمهارة وحذق ـ تأميم شركتي فاني ماي وفريدي ماك وإنقاذ إيه آي جي ومحاولة عقد شراكات قسرية بين المؤسسات المالية المتعثرة والأخرى التي لم تتضرر.

ويشير روبرت إيه داي كبير الاقتصاديين في بي إن سي فايننشيال في بيتسبيرج إن تلك الجهود تضيف إلى الحلول غير المتسقة وهو الامر الذي فشل حتى الآن في تعزيز الثقة في أسواق الائتمان. لكن محللين آخرين قالوا إن أسواق الائتمان في العالم كانت تعمل بصورة على غير عادتها، عندما افترض القادة السياسيون والمستثمرون على السواء أن الكونغرس توصل إلى قرار حاسم وسيقر بسهولة خطة الإنقاذ.

ويقول سيمون جونسون كبير الاقتصاديين السابق في صندوق النقد الدولي «من وجهة نظرنا، لن تنجح تلك الخطة في حل المشكلة» وأشار سيمون إلى أنه كان يأمل في أن تؤدي خطة الإنقاذ إلى تحقيق الاستقرار في الأسواق المالية عبر الانتخابات الرئاسية في نوفمبر، لكنه الآن متشائم حيال ذلك.

وقد زاد البنك الاحتياطي الفيدرالي من موارده، فقبل بداية الأزمة في أغسطس 2007 كان البنك الاحتياطي يمتلك 800 مليار دولار توجد كلها تقريباً في صورة سندات خزانة.

ولكن لأن كل برامج الإقراض الجديدة تلك للبنوك ولشركات وول ستريت فيقدر المحللون أن ميزانية الاحتياطي الأميركي تبلغ الآن 300 مليار من الاحتياطات الحرة .

ويمكن للبنك المركزي توسيع احتياطاته إذا ما رغب في ذلك لأنه يتحكم في إمدادت المال ويمكنه القيام بالكثير لشراء أشياء مثل سندات الخزانة وسندات المدعومة من قبل الرهن العقاري.

*خدمة «نيويورك تايمز»