شركات الإقراض قصيرة الأجل تفرض فائدة 30%

تأثير أزمة الأسواق على الشركات الأميركية الصغيرة

المصارف الكبرى مثل غولدمان ساكس امتنعت عن اقراض الشركات الصغيرة (إ.ب. أ)
TT

تفيد بعض الشركات الصغيرة بأنها لم تعد قادرة على الحصول على القروض من البنوك التي أصبحت أكثر حذرا مع تفاقم أزمة الائتمان التي تعم أرجاء البلاد، بل إن الشركات التي تتأهل للحصول على مثل هذه القروض تشعر بالتردد في الحصول عليها والتوسع، خوفا من الوقوع في مستنقع الأزمة المالية. ويفيد آلان بيتروسي صاحب مصنع قريب من شيكاغو يعمل في مجال تصنيع القوالب المعدنية التي يشتريها منه المصنعون الآخرون لتشكيل القطع البلاستيكية ـ بأن البنك الذي يتعامل معه قدم له قرضا إضافيا. وعلى الرغم من استمرار الطلب المتزايد على القوالب التي يقوم بتصنيعها، إلا أنه يقول إنه سوف يقترض لتحديث الآلات الموجودة لديه وليس للتوسع في أعماله، واوضح «إننا نحذر من الأزمة المالية المقبلة، وهي آتية لا شك في ذلك».

ويشعر مارك سنيدر ـ رجل أعمال آخر ـ بمزيد من التفاؤل، لكن البنك الذي يتعامل معه رفض منذ أسبوعين إقراضه قرضا آخر لدعم شركته الجديدة التي تعمل في مجال التوريدات الطبية وتقع بالقرب من دينيفر، ولذلك، فقد اتجه إلى مقرض تجاري قدم له قرضا في مقابل فائدة تبلغ 30 في المائة في العام الواحد. ولا يرغب سنيدر في الاقتراض كثيرا بهذه الفائدة العالية، ويقول «إننا في أمس الحاجة إلى المزيد من الأموال لزيادة مبيعاتنا».

وتمثل الشركات الصغيرة في أميركا ـ وهي تبلغ 27 مليون شركة توظف أقل من 500 شخص، وفي معظم الأحوال توظف أقل من 20 شخصا ـ نحو نصف الناتج القومي. ومن شأن المزيد من التدهور المالي سواء كان من خلال الاقتراض المبالغ فيه أو بسبب التشاؤم، أن يضعف الاقتصاد ويقلص من معدلات التوظيف. وتوظف الشركات الصغيرة نحو 40 في المائة من القوة العاملة، حسب تقارير مكتب سينسوس، كما إنها تتغلب على الشركات الكبرى في توليد الوظائف الجديدة.

ويقول تشاد موتراي كبير الاقتصاديين في إدارة الأعمال الصغيرة إن الأعمال الصغيرة في وضع حرج، فهي إما لا تستطيع الحصول على رأس المال أو أنها لا ترغب في الحصول عليه، وهي تحاول استقاء العبرة مما يحدث، وفي واقع الأمر، فإن هذه الشركات تشعر بالخوف.

وحتى مع الأزمة الحالية في سوق الإئتمان، فإن الشركات الكبرى لديها مخاوف أكبر فيما يتعلق بالحصول على القرض من الشركات الصغرى. فالشركات الصغرى غالبا ما تعتمد على البنوك للحصول على القروض، كما تعتمد على بطاقات الائتمان والقروض الخاصة بالأعمال الصغيرة. وللشركات الكبرى علاقات مع البنوك المقرضة تستطيع أن تحصل منها على القروض التي تحتاج إليها إذا واجهتها مشاكل في الاقتراض وهو ما يمثل خيارا أقل كلفة في أغلب الأحيان. وفي الوقت الذي تظل فيها الأسواق ملائمة للشركات المالية والشركات التي تحاول اصطياد الفرص لإقراض الشركات المتعثرة، فإن العديد من الشركات كانت قادرة على المحافظة على تمويلها من خلال بيع الأوراق المالية، وهو شكل من أشكال التمويل قصير الأجل على الرغم من ارتفاع معدلاته عما كان عليه الحال منذ شهر واحد فقط.

وفي شركة بورلنغتون نورث سانتا في ريلاوي، وهي شركة شحن عملاقة بها 40.000 موظف وتحقق عوائد تبلغ 20 مليار دولار في العام، فإن المشكلة الأكبر هي ارتفاع تكلفة القروض التي تحصل عليها، حسبما أفاد توماس هاند وهو المدير المالي بالشركة. وفي هذا يقول «سوف نستمر في الاقتراض لتمويل الصيانة، وإذا رأينا نموا في الاقتصاد خلال العام المقبل، فستكون لدينا شهية أكبر لتبني خطة توسع أكبر، لكننا لا نرى نموا وسوف نكون في غاية الحذر فيما يتعلق باستثماراتنا».

وهذا الشعور بالخوف مما سوف يحدث يسود في كل من الشركات الكبرى والصغرى. وقد قام جورج وينديت وهو مالك شركة شيكاغو ميتل رولد برودكتس، وهي شركة متخصصة في تشكيل الصلب لعمل دعامات لأسقف الاستادات والصالات الرياضية بالمدارس والمظلات الكبيرة وما شابه ذلك، بتقليل مخزونه من الصلب خلال الشهر الماضي، حيث كان يشتري احتياجاته المباشرة، ومثل هذا الأمر يسود في العديد من الشركات الأخرى، مما يعني أن شركات التوريد سوف تقل أرباحها وتتقلص مخزوناتها. وسوف ينخفض مقدار الإنتاج الذي يحرك الاقتصاد.

وتقوم شركة شيكاغو ميتل بتوفير الأموال، وحتى الوقت الحالي، ما زال عملاؤها ـ معظمهم من شركات البناء ـ يستمرون في شراء دعامات الصب التي تقوم بإنتاجها. ويقول وينديت الذي يوظف 85 عاملا في مصنعه بجنوب غرب شيكاغو «عندما تشاهد الأخبار، يبدو كل شيء كئيبا. ولكن حتى هذه اللحظة، فإن سوقنا ما زالت قوية إلى حد ما».

ويقول بيتروسي الذي يمتلك بي ايه داي مولد في أورورا ويوظف 17 شخصا لعمل قوالبه المعدنية، إن الأزمة المالية لم تطاله بعد. وبالإضافة إلى ذلك، فإن البنوك استبعدت المقرضين الخطرين وعملت بنشاط على تمويل من ترى أنهم يستحقون الإقراض ومن ضمن هؤلاء شركة بيتروسي. ويقول بيتروسي إنه مع وصول عوائده السنوية إلى 2 مليون دولار وعدم وجود ديون تقريبا مع ما موجود يكفي من الطلب حتى شهر يناير (كانون الثاني) فإن المقرضين يأتون إليه. وقد ارتفع معدل الإقراض الذي يقدمونه إلى 7 في المائة، بارتفاع نصف نقطة مئوية عما كان عليه المعدل في منتصف شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، لكن المقرضين ينجحون في الإقناع. ويقول بيتروسي إنه سوف يقترض في الفترة المقبلة 200 الف دولار من أجل تحديث المخرطة القديمة التي تعمل الكومبيوتر وسوف يحصل على تقنية أحدث.

ويقول بيتروسي «لن نزيد من قدراتنا الإنتاجية، وسوف نشتري هذه المعدات فقط لأننا نرغب في تحسين إنتاجنا فقط، فنحن نقامر إذا اعتقدنا أننا سوف نجد حلا لمثل هذه الأزمة المالية، وآمل ألا تؤثر علينا أيضا إلى حد بعيد».

وقد واجهت شركة داي مولد أزمة كبيرة في الانكماش الاقتصادي عام 2001. وقد تقلص عدد العاملين لدى داي مولد إلى 17 موظفا، بعد أن كان يبلغ 28 موظفا. ويقول بيتروسي وهو مهندس ميكانيكا اسس شركة داي مولد عام 1968 إنه قد قاوم إغراءات التوسع في عملياته إلى الحجم السابق وأنه سيحاول مقاومة الأزمة المالية المقبلة.

وفي ذلك يقول بيتروسي «سوف يكون من الصعب علينا مواجهة أزمة خانقة في الوقت الحالي». وأضاف إنه على سبيل المثال، فإن آلات الشحذ الأوتوماتيكية الخاصة به تعمل دون وجود عمال طوال الليل، وأنه إذا تقلصت الطلبيات بشكل كبير، فإن أول ما سوف يقوم به هو أن يقوم بإيقاف الآلات في الفترة المسائية كخطوة أولى لمواجهة الأزمة.

وتشتري شركة سوبريور التي تعمل في مجال التوريدات الطبية والتي قام بتأسيسها سنيدر الذي يبلغ من العمر 30 عاما مع اثنين من أقاربه عام 2004، بشراء كافة أنواع المعدات والتوريدات الطبية وتقوم من المصنعين وتقوم بإعادة بيعها إلى المؤسسات الطبية والأطباء ومراكز الجراحة. ويدفع العملاء في أغلب الأحيان قيمة مشترياتهم خلال 60 يوما. حسبما أفاد سنيدر الذي يجب عليه الدفع للموردين خلال 30 يوما، مما يعني أنه يحتاج إلى تمويل خلال هذه الفترة البينية.

وفي وقت سابق، قام أحد البنوك بمنح شركة سوبريور خط ائتمان بقيمة 100 الف دولار. وفي العام الماضي، زاد إلى 175 الف دولار. ولكن عندما رغب سنيدر زيادة الائتمان في الشهر الماضي، تم رفض طلبه.

وأفاد سنيدر بقوله «قالوا لنا إن الشركة لا تبدو قوية بما يكفي لطلب تمويل إضافي»، واوضح إنه لكي يتأهل للحصول على قرض إضافي، فإن على الشركة أن تقوم بزيادة استثماراتها الحالية التي تبلغ 500 الف دولار، ولذلك، فقد اتجه الشركاء في شركته إلى شركة ليكويد كابيتال كوربوريشن التي تقرض مقابل «سندات قبض». ويعني ذلك أن شركة سوبريور تعطي لشركة ليكويد كابيتال الحق في جمع المال من خلال عملاء شركة سوبريور، وفي مقابل ذلك تحصل سوبريور على خط الائتمان. ويرغب سنيدر في سحب 240 الف دولار لمواصلة التوسع في أعمال شركاته، وتفيد شركة ليكويد كابيتال بأنها مستعدة لإقراضه ذلك المبلغ.

لكن سنيدر يشعر بالتردد حيال اقتراض ذلك المبلغ الكبير بفائدة 30 في المائة سنويا. ولذلك فإنه سوف يسحب 150 الف دولار فقط، ويقول «لا نرغب في التوسع بمعدل فائدة يتسبب في عدم استقرار الشركة».

وقد انعكس التردد المتنامي من قبل البنوك التقليدية في الإقراض على نشاط الإقراض الذي تقوم به ليكويد كابيتل، الذي زاد بنسبة 40 في المائة منذ شهر أغسطس (آب) إلى نحو 200 مليون دولار، حسبما أفادت الشركة. وقد وجد الاتحاد القومي للشركات المستقلة في استقصائه الشهري لنحو 600 شركة، خلال شهر أغسطس (آب) أن 10 في المائة من الشركات تواجه صعوبة في الحصول على القروض البنكية بشكل أكبر مما كان عليه الحال قبل ثلاثة أشهر. وقد كان ذلك هو أعلى مستوى منذ انكماش 1990 ـ 1991.

ويقول وليم دينيس وهو مدير الابحاث في الاتحاد «في أواخر الصيف، أصبحت الأوضاع أكثر صعوبة. ويشعر أعضاؤنا بالقلق فيما يتعلق بالذهاب إلى البنوك».

كما يشعر البعض بالقلق حول مبيعاتهم، ويقول مايكل فرومي الذي يبلغ من العمر 40 عاما وهو شريك في شركة فروميكو سكال أفيونيكس، إنه يشعر بالقلق تماما. ويستأجر هو وشريكه مساحة في حظيرة طائرات في ساندي بأوريغون، حيث يبني هو وثلاثة موظفين أجزاء للطائرات التي يتم التحكم فيها بواسطة الريموت كنترول، وهي مصنوعة من الصلب ويصل طول جناحيها إلى 10 أقدام، وهذا النوع من الطائرات يشتريها الهواة بمبلغ يتراوح بين 5 الاف دولار إلى 10 الاف دولار.

ومنذ حوالي شهر، أدرك فرومي أن معظم الهواة من الرجال الذين يبلغون من العمر أكثر من 50 عاما ومن ذوي الدخل المرتفع، توقفوا عن شراء الطائرات والأجزاء الخاصة بها بما في ذلك جزء إلكتروني جديد طورته فروميكو، يعمل على تخزين بيانات رحلة الطيران. وقد انخفضت المبيعات من مليون دولار إلى النصف وما زالت تنخفض. وقد أرجع فرومي ذلك الانخفاض المفاجئ إلى تأثر الهواة الذين يطلعون على أخبار وول ستريت ومنهم مستثمرون يتأثرون أكثر من غيرهم بالأزمة الحالية.

* خدمة نيويورك تايمز