مجلس النواب يمرر خطة الـ 700 مليار دولار لإنقاذ القطاع المالي

263 مقابل 171 نائبا يصوتون إيجابيا للقرار * بوش يتعهد بتوقيع الخطة في أسرع وقت ممكن

نانسي بيلوسي توقع خطة الإنقاذ المالي في مجلس النواب أمس (أ. ب)
TT

أقر مجلس النواب الامريكي امس الجمعة مشروع قانون خطة قيمتها 700 مليار دولار لانقاذ القطاع المالي، وأرسل الى الرئيس جورج بوش الذي من المنتظر أن يوقعه ليصبح قانونا ساريا.

وصوت المجلس ـ وعينه على كل من انتخابات الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) ومؤشرات سوق الاسهم ـ بأغلبية 263 مقابل 171 على أكبر تدخل حكومي في أسواق المال منذ عقود. وكان مجلس الشيوخ أقر الاجراء يوم الاربعاء.

وقد صوت الحزب الديمقراطي بأغلبية 172 ضد 63 على الخطة، بينما أقرها 91 نائبا من الحزب الجمهوري ورفضها 109 نواب.

وقد رحب الرئيس الامريكي جورج بوش بموافقة المجلس ووعد بتوقيعها لتصبح قانونا ساريا حال تسلمها.

وقال بوش «تحركنا بشجاعة للمساعدة على منع الازمة في وول ستريت من أن تصبح أزمة عامة في أنحاء بلادنا». وعقب التصويت اعلن رئيس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الامريكي) بن برنانكي ان المجلس سيبذل كل ما بوسعه لمحاربة أزمة الائتمان ومساعدة الاقتصاد.

وقال برنانكي في بيان «سنواصل استخدام كل سلطاتنا للحد من تعطيل سوق الائتمان وتعزيز اقتصاد قوي ونشط». وأضاف برنانكي أن مشروع القانون خطوة حاسمة باتجاه تحقيق استقرار أسواق المال وضمان درجة أعلى من حرية تدفق الائتمان. وقال انه أظهر التزام الحكومة الامريكية «باتخاذ ما يلزم» لدعم الاقتصاد. بينما تعهد وزير الخزانة الاميركي هنري بولسون بالتحرك «بسرعة» لتطبيق خطة الانقاذ المالي التي اقرها الكونغرس. وقال بولسون للصحافيين عقب اقرار المجلس لخطته المعدلة «انا ممتن جدا لاقرار هذا القانون اليوم. انه بالفعل امر جيد جدا». واضاف «سنعمل بسرعة من اجل وضعه موضع التنفيذ».

ورحبت المفوضية الاوروبية بإقرار الخطة قائلة، انها تأمل أن تساهم الخطوة في استعادة ثقة السوق. وقالت إميليا توريس المتحدثة باسم المفوضية «نرحب بالتصويت ونأمل أن يساعد على استعادة الثقة في أسواق المال». واشتكى بعض المشرعين ـ في المناقشات التي دارت قبل التصويت ـ من أن خطة الانقاذ ستساعد بنوكا كبيرة لكنها لا تفعل الكثير لأصحاب المنازل المتعثرين في حين تمنح سلطات كاسحة لوزير الخزانة هنري بولسون ومن قد يخلفه بعد الانتخابات.

وقال النائب بيتر ديفازيو الديمقراطي عن ولاية اوريغون «سيمنح ذلك سلطة غير مسبوقة ولا يمكن تصديقها لهنري بولسون وهو مضارب في وول ستريت صنع أسلحة الدمار الشامل المالية ويقول الان انه يعرف كيف يفككها». بينما ذكر اخرون ان الخطة ضرورية للحيلولة دون أن تتسبب مشكلات وول ستريت في كارثة مالية محتملة. وقال النائب زاك وامب الجمهوري عن ولاية تنيسي، الذي عارض مشروع القانون يوم الاثنين لكنه أيده اليوم «خياراتنا نفدت وظهورنا الى الحائط».

وقد ادى تصويت مجلس النواب الى ارتفاع اسعار الاوراق المالية الا انه فشل في حدوث حالة من الاثارة في الاسواق المالية التي تواجه واقع انحسار طويل المدى. فقد تضارب مؤشر داو جونز الصناعية بحدة. فخلال التصويت ارتفع المؤشر 300 نقطة. وبعد اقراره خسرت الشركات الكبرى كل المكاسب التي حققتها تقريبا قبل ان ترتفع مرة اخرى. ومن المتوقع استفادة ملايين من الاميركيين ومجموعات من الاعمال من الاعفاءات الضريبية التي جرى اضافتها الي خطة الانقاذ. ويستفيد من هذه الاعفاءات كل من مطوري طاقة الرياح والمدرسين وملايين من دافعي الضرائب.

والمعروف ان معظم هذه الاعفاءات الضريبية موجودة بالفعل. الا ان العديد منها ينتهي العمل بها في اول يناير، بينما ينتهي العمل بعدد اخر بعد ثلاثة اشهر من الان الا اذا أقرها الكونغرس. ومن هذه الاعفاءات مد العمل بقرار منح سكان بورتوريكو وجزر فيرجن الحق في الحصول على خصومات ضريبية فيما يتعلق بالجمارك التي فرضت على بعض انواع الخمور. وتصل قيمة الخصم 193 مليون دولار.

اما اكبر المجموعات المستفيدة من الاعفاءات الضريبية فيصلون الى 20 مليون اميركي من ابناء الشريحة العليا من الطبقة المتوسطة من دافعي ضريبة الدخل. وقد رحبت المفوضية الاوروبية بإقرار الخطة، وذكرت في بيان لها انها تأمل في ان تؤدي الى المساهمة في استعادة الثقة في الاسواق المالية.

ومن ناحية اخرى اعلنت وزارة العمل الاميركية ان الارقام المبدئية بالنسبة للمستفدين من اعانات البطالة زاد في الاسبوع الماضي الى اعلى رقم له عقب الهجمات الارهابية عام 2001. وصدرت هذه الارقام في اعقاب بيان تقرير وزارة التجارة ان طلبات المصانع في شهر اغسطس انخفضت بنسبة 4 في المائة. وكانت الحكومة قد اعلنت يوم الجمعة ان اصحاب الاعمال استغنوا عن 159 الف شخص في شهر سبتمبر، وهو اعلى رقم منذ خمس سنوات.

وكانت البورصة قد شهدت زيادة في الاسعار في بداية عملها صباح امس في اطار توقعات اقرار مشروع قانون خطة الانقاذ.

وتجدر الاشارة الى ان المناقشات في مجلس النواب جاءت في نهاية فترة من الاضطرابات لم يسبق لها مثيل.

فقبل اقل من اسبوعين توصل كل من هنري بولسون ورئيس مصرف الاحتياط الفيدرالي بن برنانك الى ان الاقتصاد الاميركي في خطر بحيث ان الامر يتطلب تدخلا حكوميا ضخما في الاسواق الخاصة. ويبقى جوهر الخطة بدون تغيير يذكر ـ تحصل وزارة الخزانة على مخصصات قدرها 700 مليار دولار لشراء الضمانات المرتبطة بقروض الاسكان الهالكة التي تؤثر سلبا على المؤسسات التي تحتفظ بها. وقد ادت الازمة الى تباطؤ حركة القروض بل توقفت في بعض الاحوال، وهددت قدرة قطاع الاعمال على التوسع او اجراء العمليات الروتينية اليومية.

وفي الوقت ذاته غير المشرعون، تغييرا كبيرا، الخطة الحكومية، واصروا على مزيد من اشراف الكونغرس حول طريقة انفاق مخصصات الخطة، واتخذوا اجراءات لحماية دافعي الضرائب، واصروا على خطوات وقف ما يعرف باسم «الباراشوت الذهبي» وهو التعويض الذي يحصل عليه مديرو الشركات الذين تفشل شركاتهم.

وكان قد تم تغيير التشريعات في بداية الاسبوع الماضي لتوسيع برنامج التأمين الفيدرالي ليشمل الحسابات المصرفية الفردية، واتخذت هيئة الاوراق المالية خطوات لتسهيل تأثير ضمانات قروض الاسكان على المؤسسات المالية. وحصلت التشريعات على تأييد قيادات الحزبين في مجلس النواب والشيوخ، حيث اقر يوم الاربعاء مشروع القرار بأغلبية 74 لـ 25 صوتا. وكان الرئيس الاميركي بوش قد بذل جهدا كبيرا في الاسابيع الماضية لتمرير خطة الانقاذ، واصدر البيت الابيض اخر تحذيراته قبل التصويت تتعلق بمخاطر هزيمة المشروع. واوضح البيان «اذا ما فشلت اسواق المال في العمل، فإن الاسر الاميركية ستواجه صعوبات في الحصول على قروض لشراء المساكن والسيارات او تمويل تعليم اطفالهم». وعلى صعيد اخر اعلن مصرف وتشوفيا انه وافق على عرض الشراء المقدم من «ويلز فارغو اند كو» بدلا من عرض سيتي غروب المقدم من قبل. وستدفع ويلز 16 مليار دولار مقابل المصرف بأكمله. وذكر مسؤولون ان الترتيبات الجديدة تمنع هيئة تأمينات الودائع الفيدرالية عن التدخل، وهو ما سيمنع تقلص المخصصات الحكومية التي تدعم ودائع المصارف.

الا ان سيتي غروب طالبت مصرف ويلز فارغو بسحب عرضه المفاجئ لشراء وتشوفيا، قائلة ان وتشوفيا انتهكت الاتفاق الموقع بينهما بعدم التفاوض مع أي جهة اخرى. وكان سيتي غروب قد اعلن يوم الاثنين الماضي انه سيشتري اصول واتشوفيا المصرفية مقابل 2.2 مليار دولار فقط. وفور بداية التصويت في مجلس النواب ارتفعت اسعار الاسهم الى اعلى مستويات لها طوال اليوم.

وكان الرئيس الاميركي بوش قد عبر صباح امس عن امله في ان يوقع في اسرع وقت ممكن خطة انقاذ النظام المالي الاميركي قبل بداية التصويت عليها في مجلس النواب الاميركي بعد اقرارها في مجلس الشيوخ. وقال المتحدث باسم البيت الابيض توني فراتو قبل انتهاء التصويت في مجلس النواب «اذا اقر مشروع القانون، نرغب بتوقيعه في اسرع وقت ممكن»، مضيفا ان الرئيس الاميركي سيدلي بتصريحات بعد انتهاء جلسة مجلس النواب.

وقد يستغرق الاجراء الروتيني المتمثل بانتقال مشروع القانون من الكونغرس الى البيت الابيض بضعة ايام. الا ان فراتو قال «اعلم ان مكتب مجلس النواب سيعمل على وصوله الى هنا في اسرع وقت ممكن».