دعوة أوروبية لتدخل الحكومات لشراء حصص في المصارف

فرنسا تدعو لعمل جماعي لإنقاذ النظام الاقتصادي

المطالبة بتحرك أوروبي جماعي لحل المشاكل الاقتصادية (أ.ب)
TT

اعلن رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون ان العالم يقف على «حافة الهاوية» اذ تطبق عليه أزمة مالية عالمية تهدد الصناعة والتجارة والوظائف في أنحاء العالم.

وعكست تعليقات فيون شعورا متناميا بالقلق يجتاح عواصم الاتحاد الاوروبي قبل تصويت متوقع بالكونغرس الاميركي على خطة انقاذ للقطاع المالي تتكلف 700 مليار دولار، وليس من المؤكد التصديق على الخطة.

وأصاب مجلس النواب الاسواق العالمية بصدمة يوم الاثنين برفضه مسودة سابقة خشية الغضب الشعبي بسبب انهيار سوق الاسكان الذي تسبب في الازمة وانهيار مؤسسات مالية تحت وطأة تلك الاعباء.

وقال فيون الذي تستضيف بلاده قمة طارئة تضم زعماء ايطاليا وألمانيا وبريطانيا انه لا يمكن حل الازمة المالية الا من خلال تحرك جماعي، وأضاف أنه لن يستبعد أي حل لمنع انهيار أي بنك.

واوضح في النبأ الذي نشرته وكالة رويترز للانباء ان العالم على حافة الهاوية بسبب نظام غير مسؤول، ملمحا الى الغضب الشائع بسبب القواعد المترهلة في الماضي لاسواق المال والافراط في الاقتراض.

وأضاف رئيس الوزراء الفرنسي أن الرئيس نيكول ساركوزي سيقترح خلال القمة الطارئة اجراءات لفك الجمود الذي أصاب الانشطة الائتمانية وتنسيق الاستراتيجيات الاقتصادية والنقدية.

وفي الوقت ذاته قال جان كلود تريشيه رئيس البنك المركزي الاوروبي أمس الجمعة انه لابد من اقرار خطة الانقاذ الاميركية التي تتكلف 700 مليار دولار.

ومن المتوقع أن يبحث مجلس النواب الاميركي خطة الانقاذ اليوم قبل طرحها للتصويت عليها بعد أن أقرها مجلس الشيوخ.

وقال تريشيه لراديو أوروبا 1 «لابد من اقرار خطة وزير الخزانة الاميركي هنري بولسون... انها ضرورية»، وأضاف «علينا أن نبذل كل ما في وسعنا لصيانة وحدة الاوروبيين».

وسيحضر تريشيه قمة باريس التي يشارك فيها زعماء فرنسا وايطاليا وبريطانيا وألمانيا لبحث الرد الاوروبي على الازمة قبل اجتماع موسع لزعماء مجموعة الثماني يعقد في وقت لاحق من العام.

واضاف تريشيه «بالنسبة لمنطقة اليورو ككل يقول لنا خبراء البنك المركزي الاوروبي اننا نشهد نموا منخفضا...مع مخاطر كبيرة لتراجع النمو أكثر من ذلك».

وفي سيول أعلنت الحكومة الكورية الجنوبية امس أن المستشار الاقتصادي للرئيس لي ميونغ باك سيشارك في المنتدى الاقتصادي الدولي الذي تستضيفه فرنسا الاسبوع القادم لبحث سبل التعامل مع الأزمة المالية الراهنة.

يشارك في المنتدى الذي سيقام أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء المقبلة الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي وكوفي أنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة وياب دي هو شفير الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو).

ويمثل كوريا الجنوبية في المنتدى ساكونغ إيل المستشار الاقتصادي الخاص للرئيس الكوري الجنوبي لي ميونغ باك حيث يعرض رؤية كوريا الجنوبية للعوامل التي أدت إلى أزمة الديون المعدومة الحالية واضطراب النظام المالي في كوريا الجنوبية نتيجة الأزمة المالية الأميركية والحاجة إلى إجراء إصلاحات مالية دولية.

كما يتحدث في المنتدى الاقتصادي الدولي زبيغنيو بريجينسكي مستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق إلى جانب عبد الله واد رئيس السنغال ورئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض.

من ناحية أخرى قال لورنزو بيني سماجي عضو المجلس التنفيذي للبنك في مقال صحافي ان على الحكومات أن تتدخل على الفور لتهدئة التوترات في القطاع المصرفي، وان من الافضل للحكومات أن تشتري حصصا مباشرة في البنوك المتعثرة عن اقرار خطة انقاذ مشابهة للخطة الاميركية.

وفي القطاع المالي الاوروبي ظهرت انباء سيئة، ففي سويسرا قال بنك يو.بي.اس، أكثر البنوك الاوروبية تضررا بسبب ما يملك من أصول مرتبطة بأزمة الرهون العقارية عالية المخاطر، انه سيستغني عن 2000 وظيفة أخرى بوحدة الاستثمار المصرفي بعد الغاء 4100 وظيفة في الوحدة نفسها في العام الماضي.

وزادت المخاوف من أنه حتى اذا أقرت واشنطن خطة الانقاذ المالي فانها لن تكون كافية لحل الضعف المتأصل بالقطاع، وأظهرت بيانات جديدة اقتراب حدوث ركود بالولايات المتحدة وتدهور وضع الاقتصاد الاوروبي.

وقوض انهيار سوق الاسكان الاميركية وما نتج عنه من «رهون عقارية معدومة» الثقة في القطاع المالي، اذ توقف الاقراض فيما بين البنوك والتسليف للاعمال والافراد من القطاع الخاص. وضخت بنوك مركزية مليارات الدولارات للحفاظ على بعض التدفق للاموال.

وظهرت انقسامات داخل أوروبا خلال الاسبوع الماضي حيث عرضت ايرلندا ضمان الودائع المصرفية بالكامل مما تسبب في رحيل رؤوس أموال من بنوك بريطانية الى بنوك ايرلندية، بينما تعهدت اليونان بضمان أموال المدخرين.

وقال شركاء ايرلندا في الاتحاد الاوروبي ان خطوتها قد تكسر قواعد المنافسة وتهدد الوحدة اللازمة لضمان وجود نهج منظم تجاه الاضطرابات في المستقبل.

وهبطت الاسهم العالمية الى أدنى مستوى في ثلاثة أعوام بسبب المخاوف من أن خطة الانقاذ المالي لن تكفي لمنع مزيد من التباطؤ للاقتصاد في الولايات المتحدة وباقي أرجاء العالم.

وقالت وحدة كاليون للسمسرة في مذكرة الى العملاء «الشلل ينتشر في أنحاء أسواق الاصول رغم المحاولات المتعددة من جانب السلطات في أنحاء العالم لتعزيز الثقة».

وقالت نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الاميركي ان خطة الانقاذ لن تطرح للتصويت عليها في المجلس بدون تأمين الاصوات اللازمة لاقرارها.

ورسمت بيانات اقتصادية جديدة صورة قاتمة، فقد تراجعت طلبيات المصانع الاميركية في اغسطس (آب) بينما زاد عدد العمال الذين قدموا طلبات للحصول على اعانات بطالة في الاسبوع الماضي الى أعلى مستوى في سبع سنوات.

وواجهت وول ستريت يوما كئيبا أمس الأول، حيث تراجعت الاسهم 4 في المائة وتسبب الجمود في أسواق النقد في صعود الدولار.

وفي فرانكفورت أكدت مصادر مصرفية لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) امس توصل مجموعة من البنوك وشركات التأمين في ألمانيا إلى اتفاق بشأن تفاصيل خطة إنقاذ شركة التمويل العقاري الألمانية المتعثرة هيبو ريال ستيت (إتش.آر.إس).

ودارت المحادثات التي استمرت 12 ساعة بين ممثلي البنوك حول حجم مشاركة كل بنك في تمويل الخطة التي ستتكلف حوالي 35 مليار يورو (48 مليار دولار) لإنقاذ ثاني أكبر شركة للتمويل العقاري في ألمانيا. ولم يتم الكشف عن تفاصيل الخطة حتى الآن ولكن من المنتظر كشفها في وقت لاحق.

وشارك في صياغة خطة الإنقاذ رئيس البنك المركزي الألماني (بوندسبنك) أكسيل فيبر إلى جانب يوكين سانيو رئيس هيئة الرقابة المالية الألمانية مع ممثلين عن شركات التأمين والبنوك الكبرى في ألمانيا. ويشارك في تمويل خطة الإنقاذ البنوك التجارية الألمانية وبنوك الادخار التابعة للدولة إلى جانب البنوك التعاونية وشركات التأمين.

وقالت مصادر مصرفية لـ(د.ب.أ) إنه تمت دعوة شركات التأمين للمساهمة في خطة الإنقاذ نظرا لاستثماراتها الكثيفة في سوق السندات بما في ذلك السندات التي كانت قد طرحتها شركة ديفا التابعة لمجموعة إتش.آر.إس المتعثرة للتداول في أسواق العالم، وكانت إتش.آر.إس قد استحوذت العام الماضي على شركة ديفا، وأصبحت الأخيرة منذ ذلك الوقت المصدر الأساسي للمشكلات بالنسبة لمجموعة التمويل العقاري الألمانية العملاقة، حيث عانت ديفا من صعوبات شديدة في توفير السيولة المطلوبة لتمويل القروض قصيرة الأجل في ظل أزمة الائتمان العالمية. وكانت الحكومة الألمانية ومجموعة من البنوك قد اقترحت خطة لإنقاذ الشركة من الانهيار في وقت سابق من الأسبوع الحالي.

وذكرت الحكومة أنها لن تؤمم الشركة التي يوجد مقرها في مدينة ميونيخ ولكنها ستقدم لها ضمانات بقيمة 26.6 مليار يورو في حين ستحمي البنوك التجارية الألمانية الشركة من خلال إقراضها 5. 8 مليار يورو.

وكانت المفوضية الأوروبية قد وافقت أمس على تقديم الحكومة الألمانية الضمانات للشركة المتعثرة.