اجتماع أوروبي آخر بعد القمة المصغرة لبحث الأزمة المالية

«بي. إن. بي» الفرنسي الأقرب لشراء الأصول المتبقية من «فورتيس»

TT

يعقد مجلس وزراء الاقتصاد والمالية في الاتحاد الأوروبي (ايكوفين) اجتماعا في لوكسمبورغ اليوم وغدا لمناقشة الأزمة المالية والأوضاع الاقتصادية الإقليمية والعالمية. وقال بيان صدر في بروكسل عن الرئاسة الفرنسية الحالية للاتحاد الأوروبي، ان الوزراء سيناقشون ايضا التذبذب في اسعار النفط وتحديد أسبابه، وكيفية التعامل مع الأسواق. وتوقعت المصادر الاوروبية ان يوصي الوزراء شركات النفط بنشر البيانات حول مخزوناتها النفطية، معتبرة أن أي اجراءات أوروبية قد تعيد الاستقرار الى الأسواق النفطية.

وعقدت القمة الأوروبية المصغرة أول من أمس في باريس بدعوة من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي من أجل توفير مزيد من الوقت للقادة الأربعة لتسوية خلافاتهم والتوصل الى «تشخيص ورؤية وخطة عمل» يمكن أن تشكل قاعدة لاجتماع وزراء المالية الأوروبيين. كما أرادت باريس أن تكون قمة الإليزيه القاعدة التي سيبني عليها القادة الأوروبيون خلال اجتماعهم الثاني يومي 15 و 16 الشهر الجاري. واتخذت القمة المصغرة سلسلة تدابير لمواجهة الازمة المالية العالمية، وشارك فيها رئيسا الحكومتين الإيطالية سيلفيو برلوسكوني، والبريطانية غوردون براون، والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل، ورئيس المصرف المركزي الأوروبي جان كلود ريشيه، ورئيس مجموعة اليورو جان كلود يونكر، ورئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو. وفي نهاية الاجتماع دعت الدول الأوروبية الأربع الكبرى الأعضاء في مجموعة الثماني الى عقد قمة دولية «في أسرع وقت» لإعادة النظر في قواعد الرأسمالية. وقال ساركوزي «ندعو الى عقد قمة دولية في اسرع وقت مع الدول المعنية بشأن اعادة تشكيل النظام العالمي». واوضح ان «اعادة التشكيل هذه ستنظم حول المبادئ الآتية: على كل الفاعلين في الأسواق المالية ان يخضعوا للتنظيم أو الإشراف وليس المصارف التجارية فقط».

وكانت فرنسا قد طرحت فكرة إنشاء صندوق أزمات بمقدار 300 مليار يورو (420 مليار دولار) إلا أن ذلك لم يلق استحسانا من بريطانيا وألمانيا خصوصا. وتابع ساركوزي ان «ذلك يعني عمليا وكالات التصنيف ومصارف الاستثمار وصناديق التحوط». وأكد ساركوزي ايضا انه «ينبغي اعادة النظر في قواعد المحاسبة لتفادي فورات المضاربات عندما تسير الأمور بشكل جيد، وأزمات السيولة كالتي نشهدها عندما تسوء الأمور».

وصرح رئيس الوزراء البريطاني ان القادة المجتمعين اتفقوا على «الطلب من بنك الاستثمار الأوروبي صرف 25 مليار جنيه استرليني» (31.5 مليار يورو) لصالح المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وعلق بعض قادة الاتحاد الأوروبي على القمة قائلين انه لن يتمخض عنها شيئا، بسبب المصالح المختلفة للأعضاء.

وصرح رئيس المفوضية الأوروبية أمس الأحد قائلا ان نتائج القمة تشكل «تنسيقا منظما للرد على وضع خطير جدا»، ولو ان الأوروبيين ليسوا «موحدين كما الاميركيين». وعلق باروزو على القمة في مقابلة مع صحيفة «لو باريزيان» الفرنسية بالقول «انها تنسيق منظم للرد على وضع خطير جدا». وأضاف «لقد اقررنا بالحاجة الى رد أوروبي على الأزمة وعرضنا اجراءات حظيت بالاجماع. انها خطوة ملموسة في الاتجاه الصحيح». إلا أن باروزو رأى انه لا يمكن مقارنة الرد الذي قدمته أوروبا على الأزمة بالرد الذي صدر عن واشنطن، لأنه «في حين ان الولايات المتحدة تشكل بلدا واحدا موحدا، فان أوروبا تتألف من 27 دولة».

وتبنت حكومات كل من بلجيكا ولوكسمبورغ وألمانيا واليونان وايرلندا وبريطانيا وهولندا حتى الآن أساليب خاصة بها في عمليات إنقاذ البنوك وحماية المدخرات. لكن بعد أن صارت الأزمة المالية التي ولدت في الولايات المتحدة منذرة بالخطر بشكل متزايد فان ثمة دعوات متصاعدة تطالب باعادة نظر شاملة في الطريقة التي يتعين على الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبي تبنيها لحماية اقتصادياتها.

فقد وجه 10 من خبراء الاقتصاد البارزين، من مركز دراسات السياسات الأوروبية في بروكسل، خطابا مفتوحا لعدد من القادة الأوروبيين قالوا فيه «إن الأسلوب الحالي المتمثل في إنقاذ مؤسسة بعد أخرى بأموال حكومية سيؤدي إلى بلقنة قطاع البنوك الأوروبي». وأضافوا «وما لم يتحد قادة اوروبا فورا موقفا موحدا في مواجهة هذه الأزمة قبل أن تمتد وتتفاعل وتخرج عن نطاق السيطرة فإنهم ربما سيجدون أنفسهم يتقاتلون حول أفضل السبل لمواجهة تداعياتها». وأشار البيان الصادر في بروكسل الى أن وزراء المالية في الاتحاد الأوروبي سيلتقون نظراءهم من دول جنوب المتوسط على هامش أعمال الدورة، للتباحث معهم في موضوع تسهيل الاستثمار والشراكة بين أوروبا ومنطقة البحر المتوسط. وحسب البيان سيكون اجتماع وزراء المالية والاقتصاد في دول الاتحاد الأوروبي فرصة قبل انعقاد القمة الأوروبية المقررة منتصف الشهر الجاري في بروكسل، حتى يتوصل الوزراء الى الصورة النهائية للمقترحات والتحليلات، التي ستقدم للقمة حول سبل مواجهة الأزمة المالية العالمية وأسعار النفط المتزايدة والتباطؤ الاقتصادي. وتبرز المشكلات التي تواجهها البنوك في سعي حكومتي بلجيكا ولوكسمبورغ المحموم للعثور على مشتر للأصول المتبقية لمجموعة «فورتيس» المالية المتعثرة بعدما أممت هولندا معظم وحداتها الهولندية. ويأتي تقسيم «مجموعة العمل المصرفي والتأمين العابرة للحدود» بعد أقل من أسبوع من محاولة أولى للإنقاذ تضمنت ضخ الحكومات الثلاث 11.2 مليار يورو (15.4 مليار دولار) في الشركة. وقال وزير اقتصاد لوكسمبورغ إن بنك «بي.إن.بي باريبا» الفرنسي هو أحد أصحاب العروض المحتملة لشراء أجزاء من «فورتيس»وانه ينبغي ايجاد حل خلال الساعات القليلة القادمة وقد عقدت الحكومة البلجيكية أمس اجتماعا استثنائيا أمس الأحد لبحث هذا الملف.