السعودية: مطالب بتدخلات «حكومية» وتجهيز «خطة إنقاذ» لفك خناق أزمة سوق المال

خبراء ماليون لـ «الشرق الأوسط»: أساليب ممكنة لتدخل أذرع الدولة الاستثمارية وإعداد «خطة إنقاذ» و«إيقاف التداول»

خطة الإنقاذ للنظام المالي السعودي قد تكون جاهزة لدى مؤسسة النقد العربي السعودي (أ ف ب)
TT

أعطى خبراء ماليون الضوء الأخضر لتدخلات حكومية يمكن أن تعزز من وضع سوق الأسهم السعودية المتهاوي والمتأثر بوضع أسواق المال العالمية المزرية، إذ رأوا إمكانية دخول الدولة وعبر مؤسساتها وأجهزتها الاستثمارية لإنقاذ وضع السوق وابتكار أساليب جديدة لفك خناق تهاوي السوق المالية حاليا.

وقال الخبراء الماليون، إن الوقت قد حان لتدخّل أجهزة الدولة وصناديقها العملاقة للمساهمة في الحدّ من تدهور السوق في وقت تبدو فيه كافة المؤشرات إيجابية لتماسكه وقوة إمكانياته مما يدعو إلى المطالبة بتدخل صناديق الدولة وتحفيز مؤشرات السوق.

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» علي بن محمد الحازمي مستشار اقتصادي وعضو لجنة الأوراق المالية في الغرفة التجارية الصناعية بجدة، أن الضوء الأخضر لتدخل الدولة عند وصول مؤشر سوق الأسهم عند مستوى 5500 نقطة حيث يكون قد بلغ مستوى خطيرا، وتراجع المؤشر لأعمق من ذلك سيعتبر بمثابة انهيار حقيقي للبورصة المحلية. ولفت الحازمي الى أن خطة الإنقاذ يتوقع أن تكون متأهبة لدى مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) وقدرتها على ضخ السيولة للبنوك كما أن يجب إعداد أساليب مساندة السوق بخلاف شراء الأسهم والدخول المباشر لإيقاف التداولات وتهدئة المتعاملين.

وكانت أسواق وبورصات العالم تعرضت لتدخلات حكومية كان في مقدمتها الحكومة الأميركية التي ذهبت إلى شراء الأصول في بعض الشركات والموافقة على ضخ 700 مليار دولار، بينما تفكر العديد من دول أوروبا بضخ سيولة، في حين اتجهت بعض الحكومات لإيقاف بورصاتها كان من بينها روسيا، ومصر مؤخرا التي اضطرت إلى إيقاف البورصة لفترة مؤقتة أمس. ويرى هنا، الدكتور عبد الله باعشن رئيس شركة الفريق الأول للاستشارات المالية، أن السياسات المالية تختلف من دولة إلى أخرى بحسب مصلحة الاقتصاد العام وليس لسوق المال فقط وعلى ضوء هذا فالحكومات ترى للتأثيرات وفقا لما هو متواكب للاقتصاد الكلي لبلادها، مشيرا إلى أن السعودية على سبيل المثال لا تعاني في اقتصادها الكلي إذ أن معدلات السيولة فيها عالية نتيجة لعوائد النفط وأسعاره المرسومة بأعلى من المقدر في الميزانية إضافة إلى وجود المشاريع العملاقة والتي يعلن عنها باستمرار.

ويوافق باعشن، الحازمي، الذي يؤكد أن المفترض بقاء سوق المال حرا وخاضعا لقاعدة العرض والطلب لكن في بعض الأحيان ربما تحتاج بيئة الاقتصاد إلى تدخلات مع استمرار المعاناة والضرر الحاصل. لكن باعشن يذهب بالحديث إلى أن الاقتصاد السعودي في مكوناته قوي ومتاسك وسط تأكيدات الجهات الحكومية (ساما) بدعم البنوك في حال احتياجها للسيولة، بيد أن ذلك ـ وفقا لـ باعشن ـ لا يعني ضرورة مساندة السياسات المالية لسوق الأسهم المحلي الذي يعتبر قطاعا اقتصاديا مهما وحيويا عبر ضخ السيولة وفتح قنوات جديدة تساعد على ضخ السيولة ووقف الخسائر وتنفر من تسييل المحافظ. وتمتلك السعودية عددا من الأذرع الاستثمارية التي يمكنها أن تقوم بمساندة السوق وتقوية وضعه الحالي حيث تمتلك الدولة صندوق الاستثمارات العامة ـ أضخم مستثمر في سوق الأسهم ـ وكذلك المؤسسة العامة للتأمينات، ومؤسسة التقاعد، وجميعها تملك سيولة عالية ولديها أموال ضخمة تبحث عن فرص لاستثمارها.

ويرى باعشن في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تلك المؤسسات الحكومية الثرية يمكنها أن تعدّل من وضع السوق لاسيما مع وصول الأسعار إلى مستويات استثمارية مغرية جدا إلا أنه لا بد من الإشارة في الوقت ذاته إلى أن تلك المؤسسات تتعرض لخسائر كذلك مع تراجع أسعار أسهمها حاليا إضافة إلى أن تعتمد سياسة الاستثمار الرأسمالي وهي المشاركة في إنشاء الشركات وليس الشراء. ولكن باعشن، يؤكد مجددا على أنه لا بد من ابتكار أساليب جديدة مع توجه حكومات العالم لشراء لضمان الأصول والشراء والتمويل، مشيرا إلى أن الاقتصاد قد يتعرض لمتاعب ترهقه وتحتاج إلى تدخل من الدولة بشكل إيجابي.

وهنا يفيد الحازمي، أن أساليب التي يمكن أن تتجه إليها الدولة عديدة، بخلاف ضخ السيولة بالطرق المتاحة، فيمكن اللجوء إلى خيار «إيقاف التداول» لفترات وزيادة ضخ الطمأنينة وكذلك الإفصاح والشفافية بالوضع العام، مبينا أن السوق المالية تعد «خادم» الاقتصاد والأسواق الحقيقية.