ضمانات مدخرات الأفراد تظهر الاختلاف في السياسات المالية الأوروبية

خبراء: النقص في السيولة هو المشكلة الأساسية التي تواجهها البنوك وليس الحماية

TT

عندما قررت الحكومة الايرلندية مستوى الحماية لمدخرات الافراد طالبت مؤسسة اصحاب البنوك البريطانية التحرك لحماية بنوكها خوفا من امكانية سحب البريطانيين لأموالهم ووضعها في البنوك الإيرلندية، مما قد يسبب انهيارها. ولكن الخطوة الالمانية سببت صدمة اكبر للقطاع المالي والحكومة البريطانية بسبب قوة النظام المالي الألماني مقارنة بالايرلندي، وهذا قد يسبب منافسة قوية وغير عادلة. لكن المشكلة الرئيسية التي تواجهها البنوك هي النقص في السيولة، الأمر الذي اصبح واضحا للعيان من خلال الافلاسات المعلنة او من خلال تعثر بعض البنوك ومطالبتها لحكوماتها الوطنية التدخل سريعا وضخ الأموال من اجل استعادة الثقة في نظامها المالي وحماية مدخرات الافراد والمؤسسات، الا ان عملية الضخ بحد ذاتها، خصوصا في الحالة الأوروبية، ليست بالشيء السهل، كما قال معلق هيئة البث البريطانية (بي.بي.سي) روبرت بيستون، الذي قال ان ما تواجهه البنوك هو عمليات التمويل اليومية. ويعتقد بيستون ان الحكومة الأميركية ارتكبت خطأ كبيرا عندما سمحت بانهيار بنك «ليمان براذرز» ومؤسسة «واشنطن ميوتشوال»، الأمر الذي ادى الى انتزاع الثقة بين البنوك المختلفة التي امتنعت عن تقديم القروض لبعضها البعض بسبب المخاطر العالية.

وأدى إفلاس رابع أكبر بنك استثماري أميركي إلى تزايد حدة أزمة الائتمان في الولايات المتحدة والعالم مما أجبر الإدارة الأميركية في النهاية على ضخ 85 مليار دولار لانقاذ مؤسسة الرهن العقاري «فاني ماي وفريدي ماك» ووضع خطة اكبر لإنقاذ النظام المالي والمصرفي في الولايات المتحدة بتكلفة تصل إلى 700 مليار دولار لاعادة الثقة اليه، والتي وافق عليها الكونغرس قبل اسبوع. وعلى هذه الخلفية جاء اجتماع ثلاثة بنوك بريطانية رئيسية مع الحكومة البريطانية لبحث امكانية ضخ اموال عامة فيها. وافادت تقارير أن كلا من بنوك «رويال بنك اوف اسكوتلند» و«لويدز» و«باركليز» يريد 15 مليار استرليني (26 مليار دولار) لمساعدتها على تجاوز الازمة المالية.

ويضيف بيستون ان القطاع المصرفي العالمي بشكل عام غير قادر على عمليات البيع بالجملة، وهذا ما كانت تقوم به البنوك سابقا قبل اندلاع الأزمة، وان تقديم المشكلة على انها حماية مدخرات الافراد ليس دقيقا، وهذا ما ظهر جليا خلال اجتماع القمة المصغرة للدول الكبرى في الاتحاد الأوروبي، بريطانيا والمانيا وفرنسا وايطاليا.

وانتقدت هذه الدول بعض الحكومات الأوروبية مثل الايرلندية، التي قالت انها ستقدم حماية كاملة مائة في المائة لمدخرات الأفراد، واعتبر المجتمعون الخطوة الايرلندية غير عادلة كونها لا تشجع المنافسة النزيهة وتشجع الافراد على نقل مدخراتهم الى بنوك آمنة كونها تتمتع بحماية الدولة.

وفي اليوم التالي ومع تعثر بنك «هايبو»، ثاني اكبر بنك عقاري ألماني، قالت المانيا انها هي الأخرى ستقوم بنفس الخطوة، مما اثار حفيظة بريطانيا التي طلبت توضيحا رسميا من الحكومة الألمانية.

الخطوة الألمانية ظلت غير واضحة، البعض فسرها على انها حماية كاملة للمدخرين شبيهة بالخطوة الايرلندية، الا ان السفير الألماني لدى بريطانيا قال ان التأكيدات الحكومية تخص الحسابات الجارية لافراد وليس المؤسسات، مما جعل البعض يقول ان الموقف الرسمي الألماني قد ضاع في الترجمة بعد تصريح المستشارة انغيلا ميركل. وقررت الحكومة الإسبانية أول من امس زيادة حجم «صندوق ضمان الودائع» بصورة سريعة لمواجهة تداعيات الأزمة، وجاء ذلك خلال اجتماع رئيس الحكومة خوسيه لويس رودريجث ثاباتيرو مع رؤساء بنوك وصناديق الادخار. وصرحت مصادر حكومية أن القرار يهدف إلى زيادة الثقة لدى المواطنين وأصحاب الودائع ورجال الأعمال داخل النظام المالي في إسبانيا.

وأكد كل من رئيس الحكومة والقيادات الاقتصادية التزامهم بحماية أموال المدخرين والمستثمرين. ولم تحدد الحكومة قيمة الزيادة المقررة.

وناقش ثاباتيرو خلال الاجتماع مع رؤساء البنوك، كما جاء في تقرير رويترز، الوضع الاقتصادي للبلاد وسبل مواجهة تداعيات الأزمة المالية التي تشهدها الأسواق العالمية. كما بحث اللقاء الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي الأوروبي حتى الآن إزاء الأزمة.

وحذت الحكومة الدنماركية حذو الحكومة الايرلندية بانها اعلنت حماية كاملة للمدخرات، واعلنت الحكومة السويدية زيادة نسبة الحماية.