الإنفاق الأميركي والأوروبي الدفاعي يواجه تخفيضات على المدى الطويل

تأثير الأزمة المالية على ميزانيات الدفاع

TT

بروكسل ـ رويترز: من المستبعد أن يكون للازمة المالية العالمية اي أثر فوري على العمليات العسكرية الغربية في العراق وافغانستان، الا ان بعض المحللين اشاروا الى ان ميزانيات الدفاع في الولايات المتحدة واوروبا ستواجه تخفيضات عميقة على المدى الطويل.

وذكر محللون عسكريون في الولايات المتحدة واوروبا ان تخصيص مئات المليارات من الدولارات من ميزانيات الدول لإنقاذ البنوك التي تضررت من جراء أزمة القروض سيجعل تبرير المشاريع الدفاعية الطويلة الاجل والباهظة التكلفة مسألة صعبة.

لكن الازمة يمكن أن تقوي الدعوات التي تطالب باندماج دفاعي أقرب في الاتحاد الأوروبي تجنبا للازدواجية المكلفة للموارد المحدودة للاتحاد البالغ عدد أعضائه 27 دولة.

وذكر مارك ستوكر خبير الاقتصاد الدفاعي بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بلندن «لا أرى أن الدفاع سيفلت من اي نوع من اجراءات التقشف». وأضاف «سيكون من الصعوبة الشديدة بمكان على أي حكومة تبرير خفض «الانفاق» على الصحة والتعليم لصالح مثلا بناء حاملتي طائرات وشراء مجموعة من الطائرات لوضعها فوقهما».

وكان وزير الدفاع الاميركي روبرت جيتس قد تكهن الشهر الماضي ان انفاق الولايات المتحدة العسكري سيستقر في السنوات القادمة لكنه قال انه لا يتوقع اجراء تخفيضات حادة. وقال محللون دفاعيون انهم لا يتوقعون تغيرا كبيرا في الانفاق على العمليات العسكرية في العراق وافغانستان التي توصف بأنها جزء من الحرب ضد الارهاب. وأشار اللفتنانت كولونيل نيثان فرير من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية وهو مؤسسة بحثية واشنطن «لن تكون هناك رغبة في التراجع عن السعي وراء هدف مهم للولايات المتحدة باسم المكسب الاقتصادي القريب المدى»، لكنه رجح خفضا للانفاق فيما بعد وأضاف «سنشهد آثارا في وقت لاحق على ميزانية الدفاع في مجالات الشراء والبحث والتنمية والتحديث».

وأيا كان من سيفوز في الانتخابات الرئاسية الاميركية التي تجري الشهر القادم فانه يمكن أن يجد صعوبة اجراء تخفيضات تقوض العمليات في افغانستان او العراق. لكن الازمة قد توفر حافزا لانهاء الحملات هناك في وقت أقرب من المتوقع. وقال ستيفن بيدل الباحث في مجال السياسة الدفاعية بمجلس العلاقات الخارجية «لا أعتقد أن الناس سيتسمون بالشفافية حيال هذا. انها ليست مجادلة سياسية ينتظر أن يحالفها النجاح حين يقولون انه من أجل إنقاذ مصرفيي وول ستريت سنقبل بالهزيمة في حرب جارية».

وأضاف «الارجح هو أن أجزاء أخرى من البرنامج الدفاعي ليست مرتبطة بشكل فوري او مباشر بحرب دائرة ستقع تحت ضغط اكبر بكثير. وتنفق الولايات المتحدة على الدفاع اكثر من بقية العالم مجتمعا بميزانية تبلغ نحو 500 مليار دولار مقدمة للعام القادم واجمالي انفاق على العراق وافغانستان يبلغ 12 مليار دولار شهريا.

وقال الادميرال جاري روجهيد قائد البحرية الأميركية الشهر الماضي إن الازمة المالية لن تؤدي الى «خفض» ميزانية الدفاع الأميركية لكنها ستزيد الضغط من اجل مراجعة برامج التسلح الكبرى. وأشار بيدل الى أن تنفيذ خطط دعم الجيش الاميركي ومشاة البحرية بمائة الف فرد سيكون صعبا بشكل خاص. ولا تساعد الازمة المالية جهود الولايات المتحدة لاقناع الدول الاوروبية أعضاء حلف شمال الاطلسي بزيادة ميزانيات الدفاع. وقال الجنرال جون كرادوك قائد عمليات حلف شمال الاطلسي لرويترز «لا أعلم تأثير ذلك. لكن كل شيء يهمني حين تكون لها آثار محتملة على الميزانيات أو المؤسسات الدفاعية للدول».

وفي الاسبوع الماضي صرح وزير الدفاع الفرنسي ايرفيه موران، الذي تحبذ بلاده امتلاك الاتحاد الاوروبي قدرات دفاعية أقوى لموازنة النفوذ الأميركي، ان الازمة أظهرت أن على الاتحاد جمع الموارد. ويقول مايكل كودنر مدير قسم العلوم العسكرية في «رويال يونيتد سيرفيسز انستتيوت» في لندن ان التكامل الدفاعي بالاتحاد الأوروبي لا يزال بعيدا.

واستطرد قائلا «لكن بغض النظر عن أمنيات الدول الفردية بالحكم الذاتي او الإحجام عن الانضمام إلى معاهدة دفاعية أوروبية فإنها يمكن أن تضطر الى ذلك بسبب الاحداث».

وقال كودنر ان الحاجة الى تنسيق اوروبي أعمق في مجال الدفاع برزت بسبب الحرب القصيرة التي دارت بين روسيا وجورجيا. وان الازمة المالية يمكن أن تؤدي الى الاسراع من وتيرة الجهود الرامية الى بلوغ قدرات عسكرية تشمل كل دول اوروبا. وأضاف «يمكن أن تكون نقطة تحول. ومن المعتاد بالنسبة للديمقراطيات أن تحدث هذه النوعية من نقاط التحول والأزمات تغييرات كبيرة وليست صغيرة».