آيسلندا.. سكانها 300 ألف وتجذب مثلهم من المدخرين البريطانيين

مدخراتهم تصل إلى نصف دخلها القومي بسبعة مليارات دولار

TT

وافقت الحكومة الآيسلندية وبدعم من المعارضة على «قانون طوارئ» لإعادة هيكلة النظام المالي الذي يعاني صعوبات بالغة. وخلال يومين عاصفين في هذا البلد الأوروبي الشمالي الذي لا يتعدى عدد سكانه 300 ألف نسمة، قررت هيئة الرقابة المالية الآيسلندية أمس الأربعاء الاستيلاء على بنك «جلينتر» المتعثر بعد يوم واحد من تأميم بنك آخر. وذكرت الهيئة أن الودائع المحلية في بنك جلينتر «مضمونة بالكامل» وأن فروعه ستواصل عملها بشكل طبيعي.

وكانت حكومة آيسلندا قد اشترت منذ أسبوع حصة الأغلبية في بنك جلينتر مقابل 600 مليون يورو (815 مليون دولار). كما استحوذت هيئة الرقابة المالية أول من أمس على بنك «لاندسبنكي».

وفي الوقت نفسه ذكر البنك المركزي السويدي أمس الأربعاء أنه وافق على قرض بقيمة 5 مليارات كرون سويدي (حوالي 700 مليون دولار) إلى فرع بنك «كاوبتينج» الآيسلندي في السويد.

وقال ستيفان إنجفيز، محافظ البنك المركزي السويدي، في بيان «ظروف القطاع المصرفي في آيسلندا تجعل من الصعب على «كاوبتينج سيفريج» الوفاء بالتزاماته».

وكان «كاوبتنيج» أعلن أمس نجاحه في الحصول على قرض بقيمة 500 مليون يورو من البنك المركزي الآيسلندي. كما قررت روسيا أول من أمس منح المصرف الآيسلندي المركزي قرضا بقيمة أربعة مليارات يورو ولمدة ثلاث أو أربع سنوات. وأكد رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين هذا القرار. ومع ان بيان الحكومة قال ان «القرض سيعطي دفعا كبيرا لاحتياطي البنك المركزي ويدعم استقرار معدلات صرف العملة الايسلندية»، الا ان الخطوة فسرت على انها سياسية أكثر منها اقتصادية وتعكس التناحر السياسي ومناطق النفوذ بين الغرب وروسيا، بالرغم من الأوضاع الاقتصادية المتفاقمة. ويأتي هذا الإعلان غداة تطبيق تدابير قانونية تسمح للدولة الآيسلندية بإدارة النظام المصرفي، وصوت البرلمان مساء الاثنين على هذا القانون بعد كلمة متلفزة لرئيس الوزراء، غير هاردي.وحذر هاردي من أن أزمة القطاع البنكي وارتباطه بالأسواق العالمية المضطربة يزيدان من شبح «الإفلاس القومي». وتدفع البلاد ثمن الانتعاش الاقتصادي الذي عاشته خلال السنوات القليلة الماضية ونمو البنوك الذي قزم بقية اقتصاد الدولة. ويعتبر دخل الفرد في آيسلند من أعلى دخول الأفراد في العالم.

واستقطبت البنوك الآيسلندية من خلال فروعها الخارجية 300 ألف بريطاني لحسابات الادخار، وهذا الرقم يساوي عدد سكان البلد بكاملة، اضف الى ذلك اعداد المدخرين من دول أوروبية أخرى مثل السويد، وانجذاب هؤلاء المدخرين الى البنوك الايسلندية التي لها فروع في لندن هو بسبب نسبة الفوائد العالية التي تمنحها هذه البنوك لحسابات الادخار والتي وصلت قيمتها الى سبعة في المائة.

والكثير منهم وضعوا مدخراتهم في حسابات من خلال شبكة الانترنت (اون لاين بانكينك) مع «ايسسيفنك» الذي يتبع لمجموعة «لاندسبنكي»، التي سيطرت عليها الدولة بعد تعثرها. وأمس توقفت المعاملات على الانترنت للمدخرين في بريطانيا الذين حاولوا الدخول الى حساباتهم، بالرغم من ان تطمينات رئيس الوزراء الآيسلندي وتعهدات من مسؤولين في الحكومة في تصريحات ومقابلات مع وسائل الإعلام البريطانية في مناسبات مختلفة خلال الأسبوع الحالي. وقدر مجموع الادخارات البريطانية في الفروع الآيسلندية بأكثر من أربعة مليارات دولار ، وهذا يساوي نصف الدخل القومي للبلد، وهذا يعكس تشابك التعاملات البنكية على الصعيد الدولي بسبب المنافسة التي تتمتع بها البنوك. وتحاول الحكومة البريطانية حماية مدخرات الأفراد في البنوك الآيسلندية، إلا ان الحد الأقصى الذي حددته الحكومة الآيسلندية هو 20 ألف يورو، والحد الأقصى البريطاني يرتفع الى 50 الف جنيه استرليني (65 ألف يورو)، مما يعني ان الحكومة البريطانية ستدفع للمدخرين الفرق بين المستويين.

وطالب فينس كيبل المتحدث باسم حزب الديمقراطيين الأحرار في مقابلة مع اذاعة الـ«بي بي سي الرابعة» ان على الحكومة البريطانية ان تعمل ما في وسعها لحماية المدخرين البريطانيين الذين أصبحوا ضحية القرارات المتناقضة بين الدول المختلفة، والتي قد تعني خسارة فادحة للعديد منهم خصوصا من الذين تصل مدخراتهم الى أكثر من الحد الأقصى البريطاني. وتعتقد شركة المحاسبة الدولية «ايرنست اند يونغ» التي نصبت كمدير لفرع بنك «هيرتبل» في بريطانيا ان جميع المدخرات في الفرع ما زالت آمنة. ولكن رغم هذه التطمينات الآن ان هناك الكثير من المدخرين تصل حساباتهم الى أعلى من ذلك بكثير.

كما ان عملية حصولهم على ما يسمحم لهم به قد تكون شائكة وتتطلب بعض الصبر والانتظار لمدة قد تصل الى ثلاثة أشهر. ولكن تسارع الأزمة الدولية وتفاقمها قد تعقد المسألة أكثر اذا انهارت بنوك أخرىٍ حسب التوقعات.