الكارثة

علي المزيد

TT

استفاقت أسواق الأسهم العالمية على أزمة مالية خانقة، آسف كارثة مالية قوية ستتبعها جميع الأسواق في العالم، أتدرون لماذا أطلقت اسم كارثة على ما حدث؟ ذلك أن الكارثة كانت تحت الرماد ولم يشعر بها سوى الماليين الذين فاجئوا السياسيين بهذه الأزمة الخانقة. ما يهمنا كعرب هو تأثير هذه الكارثة علينا، نحن رأينا الكثير من التطمينات تخرج علينا، مشيرة إلى أن تأثيرات الكارثة محدود على اقتصادنا العربي رغم أن العالم يستشعر ركودا اقتصاديا سيفقد الكثير من العاملين بسببه وظائفهم وهذا ينعكس علينا سلبا بكل تأكيد. جميع البنوك العالمية المركزية الفاعلة قامت بخفض الفائدة، أتعرفون لماذا قامت بهذا الخفض؟ هل هو لأجل إنعاش أسواق الأسهم؟ الجواب بكل تأكيد لا، ذلك أن الهدف الأساسي هو إنعاش الاقتصاد الذي تشعر هذه البنوك أنه سيمر بكساد، لذا سعت لأخرج الأموال من البنوك لتعمل في المشاريع التي تحدث وظائف يعمل من خلالها الناس ويحصلون على أجر ويصرفون منه ويتحرك الاقتصاد بفعل هذا الإجراء، ويكون من فوائده الجانبية ارتفاع أسعار الأسهم بالطبع بحكم أن العائد من السهم يكون أعلى من سعر الفائدة. فمثلا إذا كان العائد على السهم ما بين 6 إلى 8 في المائة والعائد على الفائدة ما بين 2.5 إلى 3 في المائة فإن الناس سيتجهون إلى شراء الأسهم مما يعزز الطلب. هل جوابنا على السؤال هو ما حجم تأثير الكارثة علينا؟ لا ذلك أننا نفتقر للأرقام التي تزيد طمأنينتنا وكل الأرقام التي نشرت غالبا ما تكون منتقاة ومعروفة سلفا مثل حجم السيولة وموجودات البنوك وغير ذلك. سأجتهد معكم في حجم التأثير. من المعروف أن البنوك السعودية تقوم بجمع أموال مواطنين مقابل عمولة معينة وتدفع بها لشركة استثمار عالمية تشاركها العمولة، وهذا ليس عيبا فكل شركة استثمار موجودة في بلد ما اقدر على معرفة هذا السوق في الغالب من غيرها. كما أن استثمار المواطنين فيها إيجابي بغض النظر عن النتائج، وعلى قاعدة توزيع الاستثمارات جغرافيا مثل هذه الاستثمارات السعودية، ولا تؤثر على البنوك بشكل مباشر سوى بانخفاض العمولة، فإذا انخفض سعر الوحدة انخفضت العمولة والعكس صحيح، ولكنها حينما تخسر فهي تؤثر على الاقتصاد السعودي لأننا نتوقع في حالة الربح أن تعود للسوق السعودي. الأمر الآخر أن هناك شركات تأثرت من الكارثة، نتمنى أن تفصح عن مقدار أضرارها. الأمر الثالث أن الميزانيات يمكن أن تقرأ بأكثر من وجه، لذلك يمكن أن تكون خادعة إذا وجد سوء النية. وعلى سبيل المثال فأن النظام المحاسبي للبنوك يجيز تسعير المحفظة الخاصة بالبنك بقيمتها الاسمية، فلو أن بنكا لديه محفظة تخصه قيمتها ملياري ريال وبلغت قيمتها مليار ريال فيمكنه تقييمها بقيمة الشراء ولا يعلن الربح أو الخسارة سوى عند البيع، وهذا جائز قانونا. ولكن لو وجد حسن النية فأن البنك سيذكر مقدار التأثر وهذا ما فعله بنك الرياض السعودي، حينما أعلن تأثر محفظته الاستثمارية مما أدى إلى تراجع أرباحه عن التسعة الأشهر الأولى من العام الجاري، رغم أن التراجع كان في حدود المعقول، مما يمكنه من إخفاء ذلك، ولكنه لم يفعل، ما أريد الوصول إليه هو ذكر الحقيقة كاملة حتى يكون الناس في الصورة الواضحة وحتى لا يتحول الأمر إلى كارثة على اقتصادنا بحكم انتقائنا لما نريد أن نتجمل به وإغفالنا لما لا نريد أن يعلمه الناس. بقي القول إن الأمل يولد من رحم الكوارث. ودمتم.

* كاتب اقتصادي