«خطة تحرك» لمجموعة الدول السبع الكبرى لمواجهة الأزمة المالية

طالبت بإيجاد السيولة والرساميل للبنوك المتعثرة وتعهدت بمنع إفلاسها

اعربت المجموعة عن استعدادها للقيام بكل ما هو ضروري من اجل تحريك سوق قروض الرهن العقاري، الذي كان سبب الازمة المالية الحالية (أ. ف. ب)
TT

اجتماع وزراء المال وحكام المصارف في الدول السبع في واشنطن مساء الأول من أمس، الذين انضم اليهم في نهاية الاجتماع، وزير المالية وحاكم المصرف المركزي الروسيان، كان مقررا منذ فترة طويلة في اطار الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي. الا أن هذا الاجتماع، اصبح يرتدي اهمية كبرى في سياق الازمة المالية الحالية. وجاء الاجتماع بعد سلسلة من الاجتماعات الأوروبية والأميركة، وتكثفت القاءات على اعلى المستويات بعد خطة الانقاذ الأميركية التي وافق عليها الكونغرس بعد عناء. ووضعت مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى «خطة تحرك» من خمس نقاط لمواجهة الازمة المالية العالمية وتعهد اعضاؤها بمنع افلاس المصارف الكبرى. وجاء في بيان لوزارة الخزانة الاميركية ان «مجموعة السبع، اتفقت على ان الوضع الراهن يتطلب عملا عاجلا واستثنائيا».

واضاف البيان الذي نشر في نهاية اللقاء «نتعهد بمواصلة العمل معا من اجل استقرار الاسواق المالية، واعادة تدفق القروض لدعم النمو الاقتصادي العالمي».

وتضم مجموعة السبع كلا من المانيا وكندا والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وايطاليا واليابان. وفي وقت سابق لاجتماع المجموعة اعلن رئيس الوزراء الياباني تارو اسو ان اليابان التي ترأس مجموعة الثماني لهذه السنة، على استعداد للدعوة الى قمة استثنائية لهذه المجموعة التي تضم كبرى الدول الصناعية في العالم (مجموعة السبع اضافة الى روسيا) حال لم يتوصل اجتماع وزراء مالية مجموعة السبع الى اي حل لمواجهة الازمة المالية. وكان زعيما الديمقراطيين والجمهوريين في الكونغرس الاميركي، قد طلبا من الرئيس جورج بوش الخميس الدعوة الى قمة ازمة لمجموعة الثماني في محاولة لايجاد حل للازمة المالية.

وقال الرئيس الأميركي جورج بوش، إن حل الأزمة الحالية في أسواق المال في العالم مهمة عالمية. وقال بوش عقب لقائه بوزراء المالية: «نحن جميعا نعاني من الأزمة وسنتجاوزها بشكل مشترك». كما عبر بوش عن تفهمه لمخاوف الناس في مختلف بلدان العالم قائلا: «ندرك جميعا أن الأزمة الحالية في أسواق المال العالمية أزمة حقيقية على المستوى العالمي وتطلب إجابة عالمية». كما اعترف الرئيس الأميركي بأن بلاده تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية في الرد على هذه الأزمة لأنها تتولى دورا رياديا في العالم. وجدد بوش تأكيده على ضرورة اتخاذ خطوات مشتركة بين الجهات المعنية، وطالب بضرورة التأكد من عدم تعارض الخطوات التي تتخذها إحدى الدول مع الخطوات التي تتخذها دولة أخرى أو تقوض هذه الخطوات. وأضاف بوش: «سنتكاتف وسنفعل كل ما هو ضروري». وأشاد بوش بالخطة التي توصلت إليها الدول الصناعية السبع من أجل استقرار أسواق المال. وتبقى المسألة تكمن في معرفة ما اذا كانت رسالة مجموعة السبع ستكفي لتهدئة الاسواق، التي شهدت اسوأ انهيارات في تاريخها منذ اسبوع. وشكك بيتر موريسي من جامعة ميريلاند (شمال شرقي الولايات المتحدة) في ذلك في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية، معتبرا ان بيان مجموعة السبع ليس سوى «مجموعة من الاهداف النبيلة» بدون تحرك منسق كان من شأنه ان يهدئ البورصات.

لكن بعض المشاركين لمحوا قبل الاجتماع، الى ان تحقيق ذلك صعب، ومن بينهم وزير الخزانة الاميركي هنري بولسون، ووزيرة الاقتصاد الفرنسية كريستين لاغارد اللذان تحدثا عن «الفروق» بين الدول الاعضاء.

وجاء تصريحات أوليفر بلانكارد كبير الاقتصاديين لدى صندوق النقد الدولي التي نشرت أمس السبت، ان الاسواق قد تتراجع في أسوأ الاحوال 20 في المائة أخرى على أقصى تقدير، لكن فرصة تكرار الكساد العظيم «معدومة عمليا».

ونسبت صحيفة «كوريري ديلا سيرا» الايطالية اليومية الى بلانكارد القول «في أسوأ الاحوال ستحتاج الحكومات الى بضعة أسابيع اضافية لاتخاذ الاجراءات الصحيحة، وقد تتراجع الاسواق 20 في المائة أخرى. عندئذ سنجتاز المنعطف». وفي مؤشر على ان الوضع، ما زال يحتاج الى عمل كثير، قال بولسون بعد الاجتماع انه «لم يكن يوما من المهم التوصل الى حلول جماعية (...) لإعادة الصحة الى الاقتصاد العالمي» كما هو اليوم. اما لاغارد فقد رأت ان مجموعة السبع اصدرت «رسالة قوية جدا».

واوضح ان المجتمعين اتفقوا على «اتخاذ اجراءات حاسمة واستعمال جميع الوسائل التي بحوزتنا لدعم المؤسسات المالية الكبرى (اي التي يؤدي افلاسها الى افلاسات اخرى) والحؤول دون افلاسها». وتتعلق النقطة الثانية في الخطة بتعهد اعضاء مجموعة السبع اتخاذ «جميع الاجراءات الضرورية لتحريك القروض والاسواق النقدية، كي تتمكن المؤسسات المالية من الحصول على السيولة والرساميل».

ويريد اعضاء مجموعة السبع أن تتمكن المصارف من رفع رساميلها «الى مبالغ كافية» لدى القطاع العام وكذلك لدى القطاع الخاص لـ«استعادة الثقة».

وطالبت المجموعة ايضا بتحركات ملموسة من اجل استعادة ثقة المودعين من خلال تأمين ودائعهم عن طريق ضمانات «قوية ومتماسكة» من قبل السلطات العامة. واعربت عن استعدادها للقيام بكل ما هو ضروري من اجل تحريك سوق قروض الرهن العقاري، الذي كان سبب الازمة المالية الحالية.

ويفتح البيان الختامي للاجتماع الطريق امام مساهمة الدولة الاميركية في رأسمال المصارف كما يريد الاوروبيون. وكان الاوروبيون انتقدوا قرار السلطات الاميركية ترك مصرف «ليمان براذرز» يعلن افلاسه مما ادى فعليا الى تفاقم الازمة المالية فجأة. كما يفتح بيان المجموعة الطريق لخطة انقاذ اوروبية للمصارف. وقد اقر الاميركيون خطة كهذه تبلغ قيمتها 700 مليار دولار من الاموال العامة لشراء الاصول الهالكة لمصارفهم والسماح لها بتحسين ادائها. وسيناقش الاوروبيون هذه الخطة الاحد في قمة لرؤساء دول، وحكومات مجموعة اليورو في باريس. وأكد الرئيس بوش في خطاب قبل الاجتماع المجموعة بساعات، ان الحكومة الأميركية تعتزم امتلاك حصص في البنوك في محاولة جديدة لإعادة الثقة في الأسواق المالية. وقال بولسون: «نحن نضع استراتيجيات لاستخدام السلطة لشراء وتأمين أصول الرهن، ولشراء الأسهم العادية في المؤسسات المالية، وهو ما يعد ضروريا لتعزيز استقرار سوق المال». وبالرغم من خطة لشراء الأسهم، قال بولسون إن الحكومة لا تتوقع أن تحصل على حقوق للتصويت فيما يتعلق بقرارات البنوك. كما اعلن وزير الخزانة الاميركي، ان الولايات المتحدة على اتصال وتعاون وثيق مع اليابان والصين حول مسألة سندات الدولة التي تصدرها الولايات المتحدة كون هاتين الدولتين، هما اكبر مالكي الاسهم.

* «خطة تحرك»

* اتفق وزراء المالية وحكام المصارف المركزية في دول مجموعة البلدان الصناعية السبع الكبرى الجمعة في واشنطن على «خطة تحرك» من خمس نقاط، تهدف الى إعادة الثقة بعد أسبوع من الانهيارات في أسواق المال في العالم.

«اتفقت مجموعة السبع (المانيا وكندا والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وايطاليا واليابان) على ان الوضع الحالي يتطلب تحركا عاجلا واستثنائيا. نتعهد مواصلة العمل معا لاحلال الاستقرار في الاسواق المالية وإعادة تدفق الاموال من اجل دعم النمو الاقتصادي العالمي. وقد اتفقنا على:

1- اتخاذ اجراءات حاسمة واستخدام كل الادوات المتوفرة لدينا لدعم المؤسسات المالية ذات الاهمية في النظام ومنع افلاسها.

2- اتخاذ كل الاجراءات اللازمة لتحرير الاعتماد والاسواق النقدية والتأكد من وصول المصارف والمؤسسات المالية بشكل واسع الى السيولة ورؤوس الاموال.

3- العمل على ان تتمكن مصارفنا وغيرها من المؤسسات المالية الوسيطة الكبرى، في حال الضرورة، من جمع رساميل من المصادر العامة والخاصة على حد سواء وبمبالغ كافية لإعادة الثقة والسماح لها بمواصلة اقراض العائلات والشركات.

4- العمل على ان تكون برامجنا الوطنية لضمان الودائع المصرفية متينة ومتجانسة بما يسمح للمودعين الصغار مواصلة ثقتهم في سلامة ودائعهم.

5- اتخاذ قرارات في الوقت المناسب لإنعاش سوق الرهن العقاري الثانوية وغيرها من الاصول. ومن الضروري اجراء عمليات تقييم دقيقة ونشر معلومات شفافة عن هذه الاصول وتطبيق معايير مناسبة للمحاسبة.