دراسة: ارتفاع رواتب موظفي القطاع الخاص في الخليج بمعدل 11.4% خلال العام الماضي

تدفق الوافدين من الغرب بسبب الأزمة المالية قد يؤدي إلى انخفاضها

تسبب النقص في الكوادر والكفاءات في معظم القطاعات وارتفاع تكاليف المعيشة في زيادة الرواتب في المنطقة («الشرق الأوسط»)
TT

أشارت دراسة متخصصة كشف النقاب عنها أمس أن رواتب الموظفين في القطاع الخاص بمنطقة الخليج ارتفعت بمعدل 11.4% خلال العام الماضي.

وقامت بالدراسة شركة غلف تالنت دوت كوم المختصة في مجال التوظيف الالكتروني. وفي دراستها السنوية الرابعة حول حركة الرواتب في المنطقة التي تحمل اسم «حركة الرواتب والبدلات في الخليج 2008»، والتي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منها، أشارت غلف تالنت دوت كوم إلى انه خلال فترة الـ 12 شهراً المنتهية في أغسطس (آب) 2008، جاءت الامارات وقطر على رأس قائمة الزيادة في الرواتب بنسبة 13.6% و12.7% على التوالي، بينما جاءت عُمان في المركز الثالث بنسبة 12.1%، ثم البحرين بنسبة 10.5%. ومرة أخرى، جاءت الكويت والسعودية في المركزين الأخيرين بنسبة زيادة بلغت 10.1% و9.8% على التوالي، بالرغم من أن ارتفاع نسبة الزيادة مقارنة بالسنوات السابقة.

وشهدت جميع دول الخليج ارتفاع معدلات الرواتب مقارنة بالعام الماضي، إلا أن معظم هذه الزيادات لا تزال أدنى من المعدلات المتوقعة للتضخم عام 2008 ما يعني انخفاضاً في المداخيل الصافية القابلة للانفاق حيث تخفق الزيادات في اللحاق بارتفاع تكاليف المعيشة.

وأشارت الدراسة إلى أن البحرين شكلت استثناءً في هذا السياق حيث كان معدل زيادة الرواتب (10.5%) أعلى هامشياً من معدل التضخم المتوقع خلال العام الحالي في المملكة والبالغ 9.0%.

وأدى تسارع النمو في قطاعي البناء والطاقة في كافة أنحاء المنطقة إلى زيادة الطلب على المهندسين الذين حصلوا على أعلى معدلات للزيادة في رواتبهم. وجاء بعدهم الموظفون المهنيون في القطاع المالي ويعود السبب في ذلك إلى التوسع السريع في أعمال المصارف.

وحسب دراسة غلف تالنت دوت كوم، تسبب النقص في الكوادر والكفاءات في معظم القطاعات وارتفاع تكاليف المعيشة وخاصة ايجارات الوحدات السكنية في زيادة الرواتب في المنطقة. وارتفعت أسعار السلع الغذائية في المنطقة هذا العام كما هو الحال في كافة أرجاء العالم مما دفع بالتضخم بأرقام ثنائية إلى كل دول المنطقة. وأشارت الدراسة أيضاً إلى عوامل أخرى منها زيادة رواتب موظفي القطاع الحكومي وارتفاع الرواتب في الهند التي تعتبر المصدر الرئيسي للمهنيين الوافدين.

كما يعتبر ضعف العملة الأميركية حتى قبل عدة أشهر عاملاً آخر وراء زيادة الرواتب في معظم أشهر السنة، وقامت العديد من الشركات باعتماد آلية حماية سعر الصرف في عروض العمل المقدمة للعاملين الوافدين. وقد انخفضت الضغوطات بعد الارتفاع الملحوظ في قيمة الدولار الأميركي خلال الأشهر القليلة الماضية.

وكانت الكويت استفادت من قرارها فك ارتباط الدينار الكويتي بالدولار الأميركي، وارتفعت العملة الكويتية بنسبة 8% مقابل العملات الخليجية الأخرى وأصبحت الرواتب الكويتية أكثر جاذبية بالنسبة للوافدين مقارنة برواتب جيران الكويت الخليجيين.

وحسب الدراسة أيضاً، تجبر المنافسة الشديدة في المنطقة للحصول على الكفاءات أرباب الأعمال على التكيف مع ممارسات عمل جديدة وليس مع متطلبات زيادة الرواتب فحسب. وفي توجه بارز وجديد، شهد العام 2008 تحول عدد كبير من الشركات التي كانت تتبع نظام العمل لستة أيام في الأسبوع ـ ومنها شركات كثيرة تعمل في قطاعي البناء ومبيعات التجزئة ـ إلى نظام العمل لخمسة أيام في الأسبوع، في محاولة لتحسين معدلات الاحتفاظ بموظفيها. ويتوقع لهذا التوجه أن يستمر ويتعزز لتصبح الممارسات في المنطقة متوافقة مع الممارسات المطبقة في كثير من دول العالم.

وهناك توجه عام آخر يتمثل في ظهور الفروقات في الرواتب بين الموظفين الجدد ونظرائهم القدامى. وأشار كثير من أرباب الأعمال الذين شاركوا في دراسة غلف تالنت دوت كوم أنهم يقدمون رواتب وبدلات للموظفين الجدد أعلى من تلك المقدمة للموظفين الحاليين الذين يقومون بنفس الأعمال في الشركة الواحدة، مع محاولات الشركات اجتذاب الكفاءات في بيئة توظيفية صعبة. وتسبب هذه الفروقات في الرواتب توتراً ملحوظاً بين الموظفين وتؤدي في بعض الأحيان إلى ترك الموظفين القدامى لأعمالهم والبحث عن وظائف برواتب أفضل.

من جهة أخرى أفاد معظم مديري الموارد البشرية الذين شاركوا في دراسة غلف تالنت دوت كوم أن أمامهم أهدافاً توظيفية كبيرة خلال فترة الـ 12 شهراً المقبلة، وتوقع أكثرهم أن يشهد العام 2009 زيادات في الرواتب شبيهة لما شهده عام 2008.

وحسب غلف تالنت دوت كوم، يتوافق ذلك التوقع مع الأساسيات الحالية للاقتصاد حيث ما زالت أسعار النفط عند مستويات مرتفعة بالنظر إلى حركتها تاريخياً وانتشار التضخم في كافة أرجاء المنطقة ومواصلة نمو الرواتب بأرقام ثنائية في الهند بالرغم من التباطؤ في الاقتصاد العالمي.

ونوهت الدراسة إلى أن الأشهر القليلة المقبلة قد تشهد بداية لتخفيف حركة الرواتب التصاعدية ويعتمد ذلك على قوة الدولار الأميركي وعمق وحدة التباطؤ الاقتصادي المتوقع في أسواق الدول الغربية ومدى انتشار الأزمة الاقتصادية العالمية لتصل إلى اقتصاديات الدول النامية ومنها الهند.

وفي ظل هذا التشاؤم حول الحالة الاقتصادية الحالية في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، أشارت الدراسة إلى امكانية تدفق المهنيين الغربيين إلى منطقة الخليج ـ ومنهم من أصول عربية ومسلمة ـ على نحو لم تشهده المنطقة منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر (ايلول)2001. وقد تتفاوت قدرة أرباب الأعمال على الاستفادة من هذا التطور حسب القطاع والنشاط الاقتصادي والموقع الجغرافي في المنطقة وقدرة الادارة على اجتذاب واستيعاب الكوادر الغربية.

الجدير بالذكر أن دراسة غلف تالنت دوت كوم اعتمدت على استبيان شمل 29 ألف مهني في دول مجلس التعاون الخليجي وعلى لقاءات مع قادة الأعمال الاقليميين ومديري الموارد البشرية. وتم اجراء الدراسة بين 15 و30 سبتمبر 2008.