قمة مالية دولية في واشنطن يحضرها الرئيس الأميركي المنتخب الشهر المقبل

تباين في الرؤى بين بوش وساركوزي حول «الرأسمالية» * الأزمة المالية تلقي بظلالها على القمة الأوروبية ـ الآسيوية في بكين

TT

تمخضت قمة كامب ديفيد بين الرئيس الاميركي جورج بوش والفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس المفوضية الاوروبية خوسيه مانويل باروسوا عن ضرورة بحث «خلافات في الرؤى» بين الولايات المتحدة وأوروبا بشان الأزمة المالية والمساعي المبذولة للحد من آثارها والعمل على عدم تكرارها في مؤتمر على مستوى رؤساء الحكومات سيعقد في واشنطن بعد الانتخابات الرئاسية الاميركية في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. ولم يحدد موعد محدد لعقد هذا المؤتمر لكن الرئيس الفرنسي رجح انعقاده قبل نهاية الشهر المقبل. وافادت بعض المصار ان الرئيس الاميركي المنتخب سيحضر المؤتمر. ومن المقرر ان تشارك في هذا المؤتمر، وهو الاول من نوعه، 21 دولة تضم إلى جانب الدول الثماني الأكثر تصنيعاً الصين والهند والبرازيل ودول أخرى تصنف على أساس انها اقل نمواً.

ونقل ساركوزي الى الرئيس بوش رؤية اوروبية بضرورة مزيد من التدخل الحكومي (الدولة) في الأسواق المالية، وهو الأمر الذي كانت إدارة الرئيس بوش ترفضه وتدعو عموماً الى حرية اقتصادية كاملة. وبدا التراجع الاميركي واضحاً في قول الرئيس بوش بعد القمة بانه بات من الضروري «تحديث» الإجراءات التي تتحكم في الأسواق. وأعلن بوش مساندته للخطوات الاوروبية لمعالجة الأزمة المالية وأبدى استعداداً للاستماع لمجموعة افكار من الدول الغنية والنامية، لكنه ابدى تحفظاً حول اصلاحات جذرية يفكر فيها بعض القادة الاوروبيين للحيلولة دون حدوث أزمة مالية أخرى.

وقال توني فراتو المتحدث الصحافي باسم البيت الابيض في اتصالات هاتفية مع المراسلين إن الرئيس بوش يريد التأكيد أن الإصلاحات لن تضع قيوداً على التجارة او تباطؤ حرية التجارة وتنقل رؤوس الاموال بين الدول . واضاف « نحتاج للبحث عن وسائل للمزيد من الشفافية وتفادي أحداث ممنهجة مثل هذه التي نتعامل معها الآن». وكان الرئيس الاميركي قال في مؤتمر صحافي عقده مع الرئيس الفرنسي ورئيس المفوضية الاوروبية في كامب ديفيد، إن الولايات المتحدة تتخذ خطوات من أجل إعادة الثقة للأسواق وأنه على اتصال مع رئيس وزراء اليابان الذي تتولى بلاده رئاسة قمة مجموعة الثماني. وأضاف بوش أنه من المهم الحفاظ على أسس النظام الرأسمالي وتجنب عزل الاقتصاديات عن بعضها كإجراء حمائي، لأن ذلك سيعرقل حل الأزمة. أما الرئيس الفرنسي ساركوزي فقال إن «علينا أن نجد حلا عالميا لهذه المشكلة» وإن «الرئيس الأميركي على حق في أن غلق الحدود أمر كارثي». واضاف «نحن نؤمن انه ما دامت الأزمة بدأت في نيويورك فإن حلها يكمن في نيويورك». وقال بيان أصدره البيت الابيض بعد قمة كامب ديفيد إن القادة الثلاثة كانت لهم «مناقشات إيجابية جداً بشان التعاون للخطوات المطلوبة لحل الأزمة التى تواجه الاقتصاد العالمي اتفقوا على اطلاع القادة الدوليين الاخرين الاسبوع المقبل على فكرة البدء بسلسلة قمم للرد على المصاعب التي يواجهها الاقتصاد العالمي». واضاف بيان البيت الابيض يقول « إن القادة سيتباحثون حول فكرة عقد اول مؤتمر لرؤساء الحكومات في الولايات المتحدة قريباً وبعد الانتخابات الاميركية بهدف إعادة النظر في التقدم الذي تحقق للتعامل مع الأزمة الحالية والبحث عن اتفاق حول مبادئ الاصلاح الضرورية لتجنب تكرار الأزمة في المستقبل وضمان الرفاهية» وختم البيت الابيض بيانه بالقول «المؤتمرات المقبلة ستحدد كيفية تنفيذ اتفاقية عبر خطوات واضحة يجب ان تتخذ للاستجابة الى تلك المبادئ».

وعلى الرغم من ان بوش وافق على مبدأ إصلاح الاسواق لكنه حذر في الوقت نفسه من انعكاساتها على النظام الرأسمالي وقال بوش «سنعمل من اجل تقوية وتحديث نظامنا المالي لضمان عدم حدوث هذه الأزمة مرة اخرى». وقال ساركوزي إنه يتفق مع بوش بالنظر في إصلاحات لا تهدد اسس الأسواق الاقتصادية، لكنه اضاف «لا يمكننا ان ننتظر في الصفوف نفسها لان المشاكل نفسها تسببت في الكوارث نفسها» وزاد قائلاً «هذا الامر غير مقبول وغير ممكن وليست هذه هي الرأسمالية التي نؤمن بها». وفي بروكسيل اصدرت المفوضية الاوروبية، وهي الجهاز التنفيذي للاتحاد الاوروبي، بيانا وزع أمس، حول اجتماعات كامب ديفيد التي جمعت الرئيس الاميركي جورج بوش، والفرنسي نيكولا ساركوزي، الذي تتولى بلاده الرئاسة الحالية للاتحاد الاوروبي، ومانويل باروسو رئيس المفوضية الاوروبية، وجاء في البيان ان القادة الثلاثة شاركوا في مناقشات ايجابية جرت في كامب ديفيد، وتركزت حول التنسيق المستمر، بشأن الخطوات الضرورية، لمواجهة الازمة المالية والاقتصادية العالمية.

وقال البيان ان المشاركين في القمة، اتفقوا على تقديم كل الدعم والمساندة لزعماء العالم الاخرين خلال الايام القادمة، من اجل فكرة اطلاق قمم واجتماعات دولية، تنعقد تحت عنوان كيفية مواجهة التحديات وتداعيات الازمة المالية العالمية.

من جانبه قال ساركوزي ان الازمة «عالمية النطاق لذا يتوجب علينا العثور على حل عالمي النطاق، وسنبحث الازمة في قمة اوروبية آسيوية الاسبوع المقبل، ونحن بحاجة الى القيام بخطوات لمنع تكرار الازمة مستقبلا». ومن المقرر ان يجتمع قادة وممثلو 45 دولة آسيوية وأوروبية ومنظمة دولية في العاصمة الصينية بكين، في القمة التي تعقد يومي 24 و 25 الجاري، للقيام بمناقشات معمقة حول العديد من القضايا الدولية والاقليمية، ومن المنتظر ان تطغى الازمة المالية على اجندة القمة المقررة منذ اشهر عدة.