استقرار المصارف يؤدي إلى سحب 120 مليار دولار من صناديق التحوط

خطط الإنقاذ المالية تخلق مشاكلها الخاصة

تأتي معظم الشكوك حول تدخل الحكومة بسبب إعادة تنظيمها بطرق غير متوقعة لكيفية تقييم الاستثمارات (أ.ف.ب)
TT

إذا كان هناك شيء ما، يتفق عليه واضعو السياسات في الأزمة الاقتصادية الحالية، فهو ضرورة خفض أسعار الفائدة على الرهون العقارية الأميركية حاليا، وبسرعة. ولكن مع تدخل الحكومة أخيرا لإنقاذ بنوك البلاد، ارتفعت تلك الأسعار، لتأتي حالة أخرى من التبعات غير المقصودة.

ومنذ بداية الأزمة التي هزت الأسواق المالية وأذهلت الاقتصاد العالمي، غالبا ما تتسبب التصرفات حسنة النية التي تتخذها الحكومات والمسؤولون في مشاكل جديدة تتطلب حلولا ملحة كذلك. والسبب في هذا هو مجموعة اتصالات النظام المالي العالمي وتعقيداته.

يقول جيم فوغل، المحلل في شركة (إف تي إن فاينانشيال): «كل خطوة تتخذها الحكومة لها سلسلة من التبعات، وهي ليست سهلة التوقع دائما. فيجب أن يكون لدى الحكومة وقت للإلمام بهذه التبعات».

وعندما منحت السلطات في آيرلندا واليونان ضمانات على الودائع، خشيت البنوك في بقية أنحاء أوروبا من التدافع خارج بلدانهم، مما أجبر العديد من الحكومات على اتخاذ نفس الإجراء الوقائي. وامتد السباق لضمان الودائع حتى وصل إلى هونغ كونغ وسنغافورة، حيث تعتبر البنوك مستقرة نسبيا.

وعندما أعلنت وزارة الخزانة الأميركية عن أنها تضمن حسابات السوق المالية، زادت المخاوف من تزايد الطلبات الملحة وغير المتوقعة على حسابات البنوك.

ومع عدم حماية الحكومة لحاملي الأسهم المميزين عندما استحوذت على شركات تمويل الرهن العقاري فاني ماي وفريدي ماك، فقد المستثمر الثقة في الأسهم المميزة في المؤسسات المالية الأخرى أيضا، مما جعل جمع المال عبر هذا الطريق أكثر صعوبة.

ويقول ويليام بول الذي كان رئيسا ومديرا تنفيذيا لبنك الاحتياطي في سانت لويس من عام 1998 إلى مارس (آذار) الماضي: «إنها مثل لعبة الشطرنج. ربما تكون قادرا على توقع الخطوتين التاليتين، ولكن بعد هذا، يصبح الأمر صعبا للغاية، وذلك يحدث سريعا».

في الواقع، كان لكل إجراء طارئ تم اتخاذه في الأسابيع القليلة الماضية آثار ثانوية وأحيانا غير متوقعة، وفقا للاقتصاديين، وهذا من أهم المخاطر الكامنة في الأسابيع المقبلة، حيث تصدر الحكومة المزيد من القروض قصيرة المدى للمؤسسات، وتشتري الأوراق المالية المتعثرة، وتستثمر في البنوك.

أول الأمثلة على النتائج غير المتوقعة يأتي مع إعلان ليمان براذرز إفلاسه. لقد دفع انهيار البنك المستثمرين إلى الانسحاب من صناديق الاستثمار في سوق المال، التي كان الكثير منها متعلقا بديون ليمان. وخوفا من تدافع الطلب على صناديق سوق المال، أعلنت وزارة الخزانة في 19 سبتمبر (أيلول) أنها ستضمن هذه الصناديق.

وقد جعل ذلك مستثمري سوق المال يشعرون بالتحسن. ولكن ذلك أدى بدوره إلى احتجاج مديري البنوك، حيث وجدوا المستثمرين يسحبون حساباتهم البنكية ليستثمروها في صناديق الاستثمار، وهي ما كانت دوما تدفع أكثر، وأصبحت الآن آمنة.

ويقول كين غوينثر المدير التنفيذي السابق لإندبندنت كوميونيتي بانكرز أوف أميركا «النتيجة غير المقصودة كانت تزايد الطلبات على البنوك». وأخيرا، هدأت وزارة الخزانة من الاحتجاجات بموافقتها على حماية ودائع سوق المال القائمة فقط. ويأتي معظم الشكوك حول تدخل الحكومة بسبب إعادة تنظيمها بطرق غير متوقعة في بعض الأحيان لكيفية تقييم المستثمرين لاستثماراتهم.

وعلى سبيل المثال، كان الكثير من المستثمرين يعتبرون الحصص المميزة في فاني ماي وفريدي ماك شبه مقدسة. ولكن مع السماح لهذه الحصص بالانهيار عندما تولت الحكومة إدارة الشركتين في بداية سبتمبر، شكك المسؤولون في قيمة الأسهم المميزة في الشركات المالية وجعلوا الأمر أكثر صعوبة وتكلفة على المؤسسات المالية الأخرى في جمع المال بإصدار هذه الأسهم.

على سبيل المثال، كان على الحكومة هذا الشهر أن تطمئن ـ في سرية ـ بنكا يابانيا، وهو ميتسوبيشي، على أن الأسهم المميزة في مورغان ستانلي ستخضع للحماية إذا تم استثمار أموال فيدرالية في هذه المؤسسة في وول ستريت، وقد روى هذا الحدث شخص على صلة بالمناقشات واشترط عدم ذكر اسمه. وقد ساعد هذا التأكيد في تسهيل الطريق على ميتسوبيشي من أجل شراء 21 في المائة من أسهم مورغان ستانلي.

وتقول كارين بترو المحللة في فيدرال فايناشيال أنلاليتكس للخدمات المالية: «مع الإفلاس المزدوج لفاني وفريدي، لم يعد خيار رأس مال القطاع الخاص لتدعيم الصناعة المالية قائما».

وكذلك، بعد أن دعمت الحكومة البنوك بضخ أموال إليها وأمنت على ودائعها كجزء من خطة وزارة الخزانة الهائلة لإنقاذ الأسواق المالية.

ويقول كينيث هينز، رئيس (هيدج فاند ريسيرش) لأبحاث صناديق التحوط: «عندما يصل الأمر إلى إدراك زيادة استقرار البنوك، ربما يتجه المستثمرون إلى البنوك». ولكنه أشار إلى أن الكثير من المستثمرين في صناديق التحوط انسحبوا بالفعل من أجل الحصول على سيولة. ووفقا لأحدث بيانات الشركة، وصلت قيمة ثلاثة أرباع عمليات استرداد الأموال من صناديق التحوط إلى رقم قياسي بلغ 210 مليارات دولار. ولكن قد تكون أسوأ النتائج غير المتعمدة هو ما يبدو من أن إنقاذ الحكومة للبنوك قد تسبب في زيادة أسعار الفائدة، وهو ما يمثل تناقضا مع الهدف الرئيسي للحكومة. وعندما تولت الحكومة إدارة فاني ماي وفريدي ماك الشهر الماضي، قال هنري بولسون وزير الخزانة إن «المهمة الأولى لهذه الشركات الآن ستكون العمل استباقيا على زيادة فرص الرهن العقاري». وبعد تولي الحكومة إدارة الشركات مباشرة، هبطت أسعار الفائدة على الرهون العقارية. وعادت الثقة من جديد لدى المستثمرين في فاني ماي وفريدي ماك، وهو ما سمح لهم باقتراض الأموال في مقابل فائدة أقل، وهذا ما أبقى على أسعار الفائدة منخفضة.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»