زيادة الإنفاق على المشاريع العامة لتنشيط الاقتصاد

توقع انكماش الاقتصاد البريطاني

اليستر دارلينغ وزير الخزانة البريطاني ودعوة إلى اعطاء اولوية للمشاريع العامة الضخمة (أ.ب)
TT

اصبح الركود الاقتصادي محتماً في بريطانيا طبقا لتكهنات نادي «ITEM» التابع لمؤسسة ارنست آند يونغ للمحاسبة والاحصاءات، بل انهم ذهبوا الى حد القول ان بريطانيا في حالة ركود اقتصادي بالفعل.

وطبقا لتقرير المؤسسة، فقد «تدهور الاقتصاد البريطاني بصورة درامية في الثلاثة شهور الماضية. ومن المتوقع انكماشه لمدة 9 اشهر قبل ان يتوقف التدهور في النصف الثاني من عام 2009». وظهرت هذه التكهنات قبل ايام من الارقام الرسمية التي سيصدرها مكتب الاحصاءات الوطنية، والمتوقع تأكيدها ان الاقتصاد البريطاني انكمش في الربع الثالث من العام الحالي. واوضح التقرير ان اجمالي الناتج الداخلي سينكمش بنسبة 1 في المائة العام المقبل، وهي اول سنة نمو سلبية منذ عام 1992. واوضح كبير الاقتصاديين في نادي «ITEM» بيتر سبنسر «ربما حظي غوردون براون بترحيب واعجاب كبير لوقفه الانهيار المنظم للنظام المصرفي في الايام القليلة الماضية، ولكن علينا الآن مواجهة وقائع الاقتصاد الذي تعرض للضعف بسب الاحداث الدرامية التي شاهدها في الفترة الاخيرة. إلا ان التقرير اشار الى ان ذلك الانكماش سيؤدي الى انخفاض معدلات الفائدة، وانه بالرغم من حقيقة ان التضخم بلغ 5.2 في المائة، فإن ذلك لن يستمر وسيبدأ بالانخفاض، مما يسمح بخفض سعر الفائدة الاساسي بنسب كبيرة. من ناحية اخرى، لجأ وزير الخزانة البريطاني اليستر دارلينغ الى الدروس المستفادة من الركود الاقتصادي بالتعهد بإنفاق المزيد من الاموال على المشاريع العام.

وقال دارلينغ في اشارة الي ماينارد كينز «اكبر اقتصادي في القرن الماضي» انه يريد اعطاء اولوية للمشاريع العامة الضخمة التي تتكلف مليارات الجنيهات الاسترلينية لخلق فرص عامل مع اقتراب الركود الاقتصادي. واوضح دارلينغ في حديث في صحيفة «صانداي تلغراف» الانجليزية الاسبوعية «هذا هو الوقت المطلوب لدعم الاقتصاد. ستروننا نغير اولويتنا الانفاقية الى المجالات التي تحدث فرقا. واوضح «ما اريد تجنبه هو وجود انفسنا ما وقعت فيه الحكومات في الماضي عندما واجهت مشاكل فورية وخفضت الإنفاق على الاشياء التي يحتاجها الناس في المستقبل. ومن بين المشاريع التي يمكن منحها الاولوية هو مشروع «كروس ريل»، وهو مشروع لشبكة سكك حديدية يتكلف 16 مليار استرليني ومشروع استبدال صواريخ تريدنت النووية، والاستثمار في السكن الاجتماعي وربما مشروع تجديد المدارس الثانوية الذي تصل تكلفته الى 45 مليار جنيه استرليني. وذكر الخبراء ان تطبيق هذه المشاريع يمكن ان يؤدي الى خلق 500 الف صورة في الوقت الذي يستغني فيه القطاع الخاص عن الموظفين.

جون ماينارد كينز الذي اشار اليه وزير الخزانة البريطاني في مقابلته الصحافية هو، طبقا لعديد من الخبراء الاقتصاديين، واحد من اهم الشخصيات في تاريخ الاقتصاد. فقد أحدث ثورة اقتصادية بكتابه الكلاسيكي «النظرية العام للعمالة والفائدة والمال» الذي صدر عام 1936. ويعتبر هذا الكتاب اكثر المؤلفات نفوذا في مجال العلوم الاجتماعية في القرن العشرين، حيث تسبب في تغيير سريع ودائم للطريقة التي ينظر بها العالم للاقتصاد ودور الحكومة في المجتمع، ولا يوجد كتاب، قبل كتابه او بعده، يملك هذا التأثير. ويمكن تلخيص نظرية كينز في انه بدلا من خفض النفقات في الاوقات الاقتصادية العصيبة، يجب على الحكومة زيادة النفقات لتعويض المبالغ التي خسرها الاقتصاد، عندما يبدأ الناس في تخفيض النفقات الشخصية. اما في فترات الازدهار فيجب خفض الإنفاق. وتبنى افكاره الرئيس الاميركي فرانكلين روزفلت خلال الركود الاقتصادي العظيم في الثلاثينات من القرن الماضي واصبحت حجر الزواية للاقتصاد الاميركي. وعلى صعيد آخر، حذر مدير مكتب العمل الدولي، خوان سومافيا، من ان الازمة المالية قد تتسبب في تحويل عشرين مليون شخص في العالم الى عاطلين بحلول نهاية 2009. واوضح في مؤتمر صحافي انه بحسب تقديرات مكتب العمل الدولي، فان «عدد العاطلين عن العمل (في العالم) يمكن ان يرتفع من 190 مليون شخص عام 2007 الى 210 ملايين نهاية 2009».

واضاف ان هذه الارقام يمكن ان تتفاقم بحسب تأثير الازمة على الاقتصاد الحقيقي. واكد «نحن بحاجة الى تحرك سريع ومنسق للحكومات للوقاية من ازمة اجتماعية يمكن ان تكون قاسية وطويلة وشاملة».