مؤسسة النقد السعودي تضخ ملياري دولار في البنوك المحلية

وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية في دول الخليج يجتمعون في الرياض السبت

TT

مضت مؤسسة النقد العربي السعودي ـ البنك المركزي ـ أمس في خطواتها الاحترازية الاستباقية لأي تأثير لأزمة الأسواق العالمية المستشرية، إذ حملت الأنباء بتوجه المؤسسة إلى ضخ مليارات الدولارات والريالات في البنوك المحلية لضمان انسيابية السيولة وتوفرها لعمليات الإقراض.

واتجهت مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) إلى ضخ ما بين 2 و3 مليارات دولار في النظام المصرفي في شكل ودائع لتخفيف ضغوط السيولة في عملية وصفت بأنها أول ضخ مباشرة للدولار الأميركي منذ نحو 10 سنوات، إضافة إلى إتاحة سيولة بالريال أيضا.

ويرى مصرفيون أن «مؤسسة النقد» ربما تتجه إلى ضخ مبالغ أخرى بالعملة الأميركية في ضوء الظروف الراهنة، بعدما اتجهوا إلى إيداع ما بين 200 مليون دولار و350 مليون دولار في كل بنك سعودي لتكون بذلك سارت مع حكومات دول في المنطقة وخارجها اتجهت إلى دعم أسواق المصرفية بالسيولة.

وبلغ سعر الفائدة المعروض على القروض بين البنوك السعودية لأجل 3 أشهر 4.6 في المائة ومن المحتمل أن ينخفض لاحقا بعد المحاولة لتسهيل الاقتراض. وكانت «مؤسسة النقد» خفضت الأسبوع الماضي سعر الفائدة على إعادة الشراء (الريبو) في أول تحرك لسعر الريبو منذ فبراير (شباط) 2007 وأول خفض له في 4 أعوام، كما خفضت متطلبات الاحتياطي لإتاحة مزيد من السيولة للبنوك.

وترتبط العملة السعودية بالدولار الأميركي وعادة ما تعدّل سعر الريبو العكسي أي سعر الودائع لدى المؤسسة اقتداء بمجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي، كما أن من المتوقع أن يساعد تعديل متطلبات الاحتياطي لتحرير نحو 10 مليارات ريال (2.67 مليار دولار) تحتفظ بها البنوك التجارية لدى البنك المركزي كاحتياطي نقدي.

ووصف خبير مصرفي، طلب عدم الإشارة إلى اسمه، تحرك (ساما) بأنه يؤكد مضيها في معالجة أي تأثيرات حاصلة أو مرتقبة بطريقة احترافية وتعطي مزيدا من الاستعداد والتأهب لإصدار القرارات اللازمة بما يدعم اقتصادها والقطاع البنكي عند الحاجة لذلك.

من ناحيته، ذكر فضل البو عينين الاقتصادي السعودي والخبير المصرفي أن لكل مرحلة متطلبات خاصة، وما كان مناسبا بالأمس ليس بالضرورة اليوم. وهي القاعدة التي تواصل «مؤسسة النقد» السير عليها، حيث رأت أن السوق لا تحتاج إلى سيولة فيما مضى لكنها الآن تحتاج إليها بعد أن أدت الأنظمة التي أصدرتها المؤسسة من أجل السيطرة على التضخم ورفعها الاحتياطي إلى سحب جزء لا يستهان به من سيولة البنوك. وأفاد البو عينين أن تلك المرحلة لحقها خفض لنسبة الاحتياطي الإلزامي مع تغير الاحتياجات الآنية إضافة إلى خفض تكلفة الإقراض ثم أتبعتها بضخ سيولة وودائع في البنوك السعودية من أجل زيادة الثقة وتخفيف ضغط السيولة ومساعدة البنوك على تلبية طلبات التمويل المتنامية المرتبطة بالتنمية الداخلية التي تحتاج إلى تمويل القطاع الخاص للقيام بالمشروعات الضخمة. وقال البو عينين «إضافة إلى ذلك فإن «مؤسسة النقد» هي جزء من منظومة البنوك المركزية العالمية لذلك هي تسعى جاهدة لأخذ الحيطة والحذر من أي تغيرات مستقبلية قد تؤثر سلبا وإن كانت بصورة غير مباشرة، لذلك يمكن أن ننظر إلى بعض القرارات الأخيرة على أنها جزء من خطط احترازية لمواجهة الظروف إضافة إلى ما تحققه من دعم مباشر للقطاع المصرفي في الوقت الحالي».

وأضاف أن خطوات «مؤسسة النقد» الأخيرة أدت إلى زيادة الثقة والاستقرار في القطاع البنكي المحلي، مشددا على أن أسعار الفائدة بين البنوك التي شهدت انخفاضا ملموسا مما يعني انفراجا في السيولة وعودة للثقة الشاملة على أساس أن سعر الإقراض بين البنوك يمكن أن يستخدم كمؤشر للثقة أيضا. ويعتقد البو عينين أن ملاءة البنوك السعودية تجعلها في منأى عن تأثير السيولة على مقدرتها التمويلية ولكن هذا لا يمنع من حاجتها للدعم المباشر في مثل هذه الأوقات التي تشهد متغيرات اقتصادية عالمية حادة في الإيفاء ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن القطاع المصرفي يتميز بملاءة مالية عالية كما يتميز بدعم مباشر من الدولة مما يؤدي الى طمأنة المستثمرين والمودعين، إضافة إلى استمرارها في الرقابة المشددة والأنظمة الصارمة التي أثبتت الأيام الحالية صحتها، لافتا إلى أن البنوك السعودية الملاذ الآمن لودائع المودعين واستثماراتهم وأي أنظمة وسياسة جديدة فإنها تصب في صالح القطاع البنكي. وربط البو عينين توجه (ساما) إلى ضخ سيولة في البنوك بما صدر عن مجلس الوزراء أمس الأول عندما أكد أن مشاريع التنمية لن تتأثر وستستمر في مشروعات التنمية الضخمة، مفيدا أن المشاريع تحتاج إلى القطاع الخاص الذي يقوم على جزء كبير من تمويله ودعمه من القطاع المصرفي، مما يعني حاجة السوق المصرفي لزيادة الطلب المتنامي على الإقراض. ومن ناحية اخرى ذكرت مصادر خليجية أمس أن وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية بدول الخليج العربية سيعقدون اجتماعا يوم السبت المقبل لبحث الأزمة المالية العالمية وكيفية تنسيق معالجتها. ويأتي الاجتماع بعد أن دعا المجلس الاقتصادي الأعلى في السعودية دول الخليج الأسبوع الماضي لعقد اجتماع لبحث التطورات العالمية وتنسيق السياسات، موضحا أن الاجتماع سيعقد في العاصمة السعودية الرياض.