المصارف اللبنانية تأثرت بشائعات حول تعرضها لخسائر نتيجة الأزمة المالية

فيما حققت ودائعها رقماً قياسياً

أقدم مصرف لبنان المركزي، منذ سنة ونصف السنة، على منع مؤسسات الاقراض المحلية من الاستثمار في ما يعرف في الغرب بالقروض عالية المخاطر («الشرق الأوسط»)
TT

أكد الخبراء الماليون والمصرفيون أن تراجع بعض أسهم وصكوك البنوك اللبنانية الكبرى الاسبوع الماضي بنسب وصل بعضها الى 12% لم يكن يعبر عن واقع القطاع المصرفي في لبنان، وإنما جاء نتيجة موجة من الشائعات سرعان ما انتشرت حول تعرض عدد من المصارف اللبنانية لخسائر نتيجة الازمة المالية العالمية.

وقد تأكد مع هذا الاسبوع عدم صدقية هذه الشائعات بدليل استعادة المصارف الكبرى المشار اليها بعض خسائرها غير الكبيرة في بورصة بيروت، وبدليل الارقام التي سجلتها هذه المصارف تحديداً، والمصارف اللبنانية بشكل عام. ولعل أبرز تلك الارقام هو الرقم القياسي الذي سجله نمو الودائع المصرفية خلال الاشهر الثمانية الاولى من العام الحالي، والذي بلغ 8 مليارات دولار، متجاوزاً معدل الارتفاع السنوي الذي يراوح بين 5 و6 مليارات دولار. ويعزى هذا الرقم الى اقدام مصرف لبنان المركزي ولجنة الرقابة على المصارف، منذ سنة ونصف السنة، على منع مؤسسات الاقراض المحلية من الاستثمار في ما يعرف في الغرب بالقروض عالية المخاطر أو «السابرايم» والمنتجات المهيكلة. يضاف الى ذلك ممارسة ادارات المصارف اللبنانية سياسة محافظة جداً لادارة المخاطر، وتمسك المصارف اللبنانية بالعمل التقليدي للمصارف التجارية، الذي يقوم على جمع الودائع وتحويلها الى قروض قصيرة الامد، ومخصصة لتمويل حركة المؤسسات، أو التجارة الخارجية.

ولعل هذه الميزة الاخيرة هي التي أمنت للمصارف اللبنانية المناعة الكافية أمام العاصفة المالية العالمية. ويرى مصرفيون ان المصارف اللبنانية تتمتع بسيولة كبيرة تبدو مفيدة للنمو الاقتصادي المتوقع أن يبلغ 6% في العام 2008، في الوقت الذي تشير التوقعات الى نمو صفر أو حتى سلبي في الولايات المتحدة وأوروبا خلال السنتين المقبلتين.

ويعتبر مدير الموارد البشرية في «بنك عودة» اللبناني فريدي باز «ان سيولة المصارف اللبنانية جاهزة لتأمين القروض المصرفية الضرورية لتمويل الاستثمارات المحلية والمستوردات، لا سيما في هذا الجو الذي يشهد تراجعاً في اسعار النفط والمواد الاولية، والعملات الرئيسية، وبالاخص اليورو. وقد بلغ مجمل القروض المصرفية في الاشهر الثمانية الاولى من العام الحالي 4.4 مليار دولار، وهو الرقم الاعلى خلال السنوات العشر الماضية.

وحول ما أصاب أسهم وشهادات ايداع «بنك عودة» من تراجع في بورصة بيروت الاسبوع الماضي، عزا باز ذلك الى بعض الاشاعات التي تزامنت مع تخلي المجموعة عن سندات بنك «ليمان براذرز» الاميركي التي بلغت قيمتها في لبنان 10 ملايين دولار و10 ملايين اخرى في الشركات التابعة للمجموعة غير ان هذه المبالغ كما يؤكد باز تمت تغطيتها بالكامل في 30 سبتمبر (أيلول) الماضي.

ولم تكن هذه السندات من نوع «السابرايم» أو المنتجات «السامة» التي كانت في صميم الازمة المالية العالمية. وفي أي حال، لا تشكل قيمة هذه السندات سوى 0.1% من موجودات بنك عودة، الذي ارتفعت ودائعه الى 16.5 مليار دولار في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، بارتفاع نسبته 17.9% من ودائع نهاية العام 2007. أما أرباحه الصافية فقد زادت بنسبة 28.7% خلال الاشهر التسعة الاولى من العام الحالي. ويؤكد باز ان بنك عودة يعرف أفضل نسب القروض الصعبة في القطاع، بحيث لا تتجاوز نسبة هذه القروض 0.35% من اجمالي القروض.