وزراء المالية في الخليج يتفقون على «حماية الاقتصاد» بكلمات.. «ثقة» و«إشادة» و«ارتياح»

مصادر لـ «الشرق الأوسط» من الجلسة المغلقة: «خطوط ساخنة» بين محافظي البنوك المركزية للتشاور.. وتأهب حكومي للتدخل عند الحاجة > العساف يتفاءل بالنمو في 2008

TT

أبلغت «الشرق الأوسط» مصادر مطلعة من الاجتماع المغلق، الذي اقتصر على وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية في دول الخليج العربي، خلال الاجتماع الطارئ للتنسيق من أجل حماية اقتصادات بلدان المنطقة أمس، اعتراف المسؤولين الخليجيين بوجود خوف ورهبة في الأسواق المالية لديهم، وصفت بأنها مبالغ فيها.

وأكدت المصادر، أن المجتمعين طالبوا المشتركين في الاجتماع بالإفصاح وعدم إخفاء أي معلومة قد تؤثر في اقتصاديات الدول الأعضاء ومدى تأثرها بالأزمة العالمية، مفيدة بأن هناك إجماعا بأنه لا يوجد أي مبرر للانخفاضات التي تشهدها أسواق المال للدول الست في الفترة الحالية، مشددين على قوة الاقتصاد الخليجي.

وفي هذا السياق، قالت المصادر إن دولة خليجية كشفت أثناء الاجتماع عن ملاحظتها لسحب ودائع من البنوك مع بدء الأزمة، إلا أنها تدخلت عبر الحكومة التي أعلنت ضمان الودائع الموجودة لمدة زمنية تزيد عن 3 سنوات، مما خلق نوعا من الطمأنينة التي أدت بدورها إلى الاستقرار والهدوء في النظام المصرفي.

ووفقا للمصادر، فإن وزراء المالية أكدوا في اجتماع لم يشمل المرافقين والسكرتارية وطاقم العمل التابع للوزراء، عدم وجود أصول مسيلة حتى اللحظة، وهو ما يعطي إشارة إيجابية ومتفائلة بانضباط الوضع المالي لدى المصارف المحلية.

وأفادت بأن المجتمعين ركزوا على رفع مستوى آليات التدخل الحكومية وعدم استبعاد تدخلها للأسواق المالية إذا ما دعت الحاجة لذلك، وكذلك التداخل في النظام المصرفي متى ما دعت إليه الحاجة أو التوجه نحو تعزيز الودائع داخل شرايين النظام المصرفي أو ضخ سيولة جديدة لتعزيز الوضع.

وشدد وزراء المالية في مناقشاتهم الصريحة، على ضرورة التواصل والاتصال المباشر بين محافظي البنوك المركزية خلال هذه الفترة، مشددين على أنه يجب على أي دولة يتضح لديها بوادر أزمة أن تبلغ الآخرين ليكون هناك تنسيق جماعي بدلا من التحرك الفردي، غير مستبعدين ـ بحسب المصادر ـ خيار تدخل الصناديق الحكومية متى ما دعت الحاجة.

ويرى الوزراء الماليون ومحافظو البنوك أن ما يقع حاليا في الأسواق المالية هو عبارة عن مبالغة في الخوف، مفصحين عن أن هناك مستثمرين أجانب أكدوا رغبتهم في الاستثمار في الأسواق المالية الخليجية لطمأنة الوضع لديها بعد أن وصفت الأسواق الخليجية بأنها ملاذ آمن.

من جهة اخرى، حملت التوصيات الرسمية كلمات ثقة وإشادة وارتياح، مضامين تأكيدات وزراء المالية والاقتصاد ومحافظو البنوك المركزية ومؤسسات النقد في دول مجلس التعاون الخليجي أمس، بعد أن انفض الاجتماع التنسيقي للمشاورة والتدارس حول حماية اقتصادات دول المجلس من الأزمة المالية التي تمر بها أسواق المال العالمية.

كما أكد الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف وزير المالية السعودي، أن الاجتماع الاستثنائي لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية جاء في إطار التنسيق المستمر على خلفية ما يعيشه العالم اليوم من أزمة مالية تتفاقم يوما بعد آخر، نجم عنها أزمة ائتمان، خاصة في الدول المتقدمة لم يشهد لها العالم مثيلا منذ سنوات طويلة. وقال العساف «إن من بوادر خطورة هذه الأزمة أن بدت مؤشرات الركود في الظهور في الدول المتقدمة، مما يشير إلى انتقال آثار هذه الأزمة إلى الاقتصاد الحقيقي، وما يمكن أن يحمله ذلك من تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على اقتصادات دول المجلس، الأمر الذي يستدعي منا جميعا العمل على تحاشي التأثيرات السلبية والتخفيف منها على اقتصاداتنا، ومن ذلك التنسيق بيننا فيما نتخذه من سياسات وإجراءات، وتبادل الرأي حيال أفضلها».

وأضاف «أن اقتصادات دول المجلس ـ ولله الحمد ـ تنعم بمؤشرات اقتصادية كلية قوية، حيث تنمو بمعدلات عالية نسبيا في ظل بوادر اتجاه معدلات التضخم للانخفاض، نتيجة لظهور مؤشرات انخفاض الضغوط على أسعار السلع الأساسية»، متفائلا باستمرار اقتصادات دول المجلس بالنمو عند معدلات جيدة، متوقعا أن تتراوح معدلات النمو بين 4 في المائة و6 في المائة خلال هذا العام 2008، على الرغم من توقعات التباطؤ في الاقتصاد العالمي، و«ان انخفض قليلا فهو نتيجة لتباطؤ نمو القطاعات النفطية، أما القطاعات غير النفطية فيتوقع ان تزيد وتيرة نموها».

وتوقع الوزير السعودي أن يشهد العام المقبل، تحسنا في أداء اقتصادات دول المجلس مع تحسن أداء الاقتصاد العالمي نتيجة للآثار الايجابية للتدابير التي اتخذها العديد من دول العالم خاصة المتقدم لمعالجة الأزمة المالية.

وتركزت خلاصة ما آلت إليه الاجتماعات، وفقا لما تم الإعلان عنه أمس بمقر قصر المؤتمرات الذي شهد الاجتماع، على التأكيد على «ثقة» استقرار القطاع المالي بدول الخليج لما يتمتع به من ملاءة ومتانة، إضافة الى الأوضاع الاقتصادية المحلية الجيدة، وبما يمكن من التعامل مع أية آثار محتملة للأزمة المالية العالمية.

وتوقع المجتمعون استمرار نمو اقتصادات دول المجلس بمعدلات جيدة مع استمرار مخصصات الإنفاق على المشاريع التنموية للدول الأعضاء وتسارع وتيرة الدور الذي يلعبه القطاع الخاص في التنمية، في الوقت الذي دعوا إلى «الإشادة» بأنظمة الرقابة المصرفية بدول المجلس ودورها في حماية وسلامة النظام المصرفي.

ووصف المجتمعون في تصريح أطلقه، النظام المصرفي لدول المنظومة الخليجية بأنه يتمتع بدرجة عالية من السيولة وكفاية رأس المال، مشددين على أهمية الاستمرار في توطيد القدرات الرقابية على القطاع المالي في التعامل مع المستجدات والتطورات، إضافة إلى تعزيز التنسيق بين الجهات الرقابية لمراقبة تطورات الأزمة العالمية.

وتضمنت التوجه الثالث لدول المجلس «الارتياح» لما اتخذته دول المجلس من إجراءات للتعامل مع أية آثار محتملة للأزمة المالية والاستعداد لاتخاذ أية إجراءات إضافية.