السعودية تنفي معاناة البنوك من مشاكل سيولة وتؤكد قوة «الملاءة المالية» بالبراهين

محافظ «ساما».. السياري: الإقراض صعد 37% والإنفاق الحكومي ارتفع 19%

حمد السياري، محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي، كما بدا أمس خلال مؤتمر عقد في الرياض وبجواره الدكتور محمد الجاسر نائب مؤسسة النقد (تصوير: أحمد يسري)
TT

نفت أمس الحكومة السعودية ممثلة في جهاز البنك المركزي لديها، وجود بنوك محلية تعاني من مشاكل سيولة أو ضعفا في الملاءة المالية أو حتى قريبة من ذلك، كما وصفها حمد السياري محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) الذي طرح عددا من البراهين للتأكيد على قوة الوضع المالي للبنوك المحلية.

وقال السياري «لا يوجد أي مصرف محلي يواجه مشاكل مالية أو يعاني من شح سيولة بل ان الملاءة المالية متوفرة لديها»، موضحا أن الودائع من الخارج زادت لتصبح أكثر من موجودات البنوك المحلية.

ودلل المحافظ في تصريحات أدلى بها خلال مؤتمر صحافي كبير عقد في مقر المؤسسة بالرياض، على إثبات رؤية «ساما» بإمكانيات الملاءة المالية للمصارف المحلية بأن نسبة الإقراض ارتفعت إلى 37 في المائة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري مقابل 11 في المائة لذات الفترة من العام الماضي.

وأضاف السياري أن المؤشرات الاقتصادية العامة تثبت توفر السيولة في البنوك بعد أن اتضح أن مؤشر نشاط الاستثمار يتصاعد، وكذلك مؤشر الإنفاق والنشاط الحكومي الذي ارتفع 19 في المائة، مشيرا إلى أن مؤشر الإنفاق الحكومي يمثل أحد الحوافز المهمة للنمو المحلي. وأكد السياري أن مؤشر الإنفاق الاستهلاكي وكذلك الاستثمار الخاص ينموان بشكل جيد، مفيدا بأن «مؤسسة النقد» تراقب التطورات الاقتصادية المحلية من خلال 40 مؤشرا تسير جميعها في تطور وتسجل نموا في أدائها.

وعاد السياري ليكرر ما سبقه إليه وزير المالية، من توقعات بنمو الاقتصاد المحلي للعام الجاري بين 5 و 6 في المائة. وكذلك التأكيد على التوقعات المرشحة بالنمو للاقتصاد في العام المقبل 2009، في الوقت الذي أكد فيه أن الإجراءات التي تتخذها «مؤسسة النقد» تفوق المتبعة عالميا.

وأفاد السياري بأن «مؤسسة النقد» ماضية في مراقبتها للبنوك وفق تشددها المعلن لا سيما ما يخص سلامة الأصول، وكفاية رأس المال، وتوفر السيولة، والإشراف على المراجعة الداخلية، ومراقبة المراجعة، لافتا إلى أن إدارة الرقابة والتفتيش داخل المؤسسة تشرف على عملية الالتزام والانضباط.

واستذكر السياري ما أقدمت عليه «مؤسسة النقد» من ضخ للسيولة قبل أيام بعملتي الريال والدولار بقيمة 3 مليارات ريال (800 مليون دولار) توزعت على البنوك المحلية، إذ أشار إلى أنها خطوة لتعزيز توفر السيولة بعد زيادة الطلب على الإيداع نتيجة لجاذبية الفوائد مصحوبة بتنامي حركة الإقراض. وذكر محافظ مؤسسة النقد أن التوجه للاقتراض المحلي جاء نتيجة لما واجهته بعض الشركات من صعوبات في الاقتراض من الأسواق الخارجية بسبب الأزمة المالية العالمية، مما دعاهم إلى التوجه إلى البنوك المحلية التي لا تزال توفر سيولة عالية.

ولكن السياري عاد ليؤكد أن معدلات الاقتراض الفردي للاستهلاك لم تزد نسبة مئوية واحدة خلال هذا العام مقابل العام المنصرم إثر إجراءات «مؤسسة النقد» على البنوك المحلية تحاشيا لنمو المشاكل بين المقترض والبنك، مفصحا أن المؤسسة وجدت بعد مراجعات ومراقبة عن قرب، مخاطرة في توسع البنوك في الإقراض الاستهلاكي.

ولفت السياري إلى أن «مؤسسة النقد» ستمضي في سياسة اتخاذ الإجراءات والقرارات بما يناسب السيولة المحلية المراقبة بشكل يومي، موضحا بالقول «إذا وجدنا ما يستلزم أي إجراءات سنتخذها بما يتوافق مع الموقف».

وبيّن خلال تصريحاته، أن السعودية ستشارك مع بعض الدول، عبر وزارة المالية ومؤسسة النقد، في اجتماع البرازيل خلال الثامن من الشهر المقبل. مفيدا بأنه ستتم المناقشة والمباحثة وتبادل وجهات النظر مع الدول المشاركة، قبل انعقاد اجتماع «المجموعة العشرين» في العاصمة واشنطن منتصف الشهر القادم.

وأكد السياري على أن لدى «مؤسسة النقد» خطة طوارئ للأزمات وسط استمرار مأزق الأسواق المالية والتي أدت إلى انكماش في بعض الدول، بدون أن يفصح عن تفاصيل تلك الخطة وموائماتها للسيناريوهات إلا بالقول إن شرح مثل هذه التوقعات يطول. وحول الوضع البنكي في تقاريرها المالية ونشرات الميزانية، شدد المحافظ على أنه يتطلب من كافة البنوك السعودية أن توفر جميع المعلومات وفقا للمعاير الدولية إضافة إلى ما تتطلبه المؤسسة من بعض الالتزامات التي من بينها ضرورة تعيين مراجعين ماليين.

وقال في إجابة لتساؤل «الشرق الأوسط» حول موقف الاستثمارات الحكومية الخارجية المخصصة للسندات والأصول من الأزمة المالية العالمية ما نصه: «من سياسة المؤسسة عدم الحديث عن مثل هذا الموضوع، على الرغم من درجة الشفافية العالية التي ننتهجها، ولكن المركز المالي قوي وللمختصين الاستفادة من البيانات الرسمية على الموقف للإطلاع وقراءة ذلك بدقة».

ورفض السياري التطرق لمصير استثمارات «مؤسسة النقد» المباشرة، مكتفيا بالإشارة إلى أنها تعد قليلة ومحدودة والهدف منها أغراض استراتيجية، مشددا على أن المؤسسة ستمضي في توفير السيولة لدعم النمو الاقتصاد المنتظر.