بالرغم من الأزمة المالية..البورصات الخليجية ستبقى من «النقاط المضيئة»

«كريديه سويس» يتساءل، في تقرير خاص لـ «الشرق الأوسط» متى تعاود الأسواق الخليجية استقرارها؟

TT

فيما أسواق المال الخليجية تسجل أدنى مستوياتها منذ أعوام طويلة، وفي الوقت الذي يسيطر التشاؤم على كثير من المستثمرين في هذه الأسواق، إلا أن بنك كريديه سويس السويسري، وبالرغم من تأكيده على أن الأزمة المالية العالمية تعصف بكافة اسواق العالم، فهو يعتبر البورصات الخليجية «ضمن عدد قليل من دول العالم من النقاط المضيئة على المدى البعيد».

ويقول التقرير الخاص بـ«الشرق الأوسط» إنه بينما تم التنبؤ بشكل كبير بالإنخفاضات الحادة في الأسواق في أنحاء المنطقة في عام 2006، فقد فاجأت الإضطرابات الذي شهدتها اسواق الاسهم في مجلس التعاون الخليجي، في الأسابيع القليلة الماضية، الجميع تقريباً. وبحسب التقرير فإن السؤال المشترك الذي يطرحه المستثمرون هو «متى تعاود الأسواق استقرارها؟». ويجيب رافيل بينيز وكارمان بوت معدا التقرير، أنه عندما تستقر الأسواق الناشئة التي سيقودها الاستقرار في العالم المتقدم أولاً، فإنه من الممكن أن نشهد تحسناً في أسواق مجلس التعاون الخليجي. غير أن التقرير يلفت الانتباه إلى أن توقيت هذه الأحداث غير مؤكد حتى الان.

ويعتقد معدا التقرير بأن إيرادات الربع الثالث للمنطقة بكاملها ستكون كبيرة «ولكننا لا نعتقد بأن ذلك سوف يكون محفزاً لإنعاش السوق على المدى القريب، ذلك أن التجارة الأساسية قد استبدلت بالمزاج الاستثماري المنخفض والمخاوف العالمية.. اعتادت المنطقة تاريخياً أن تظهر ارتباطاً منخفضاً بالأسواق الناشئة الأخرى والأسواق العالمية مما يجعلها جاذبة للمستثمرين. لكن تغير ذلك بسبب استمرار الأسواق بعملية التحرير وفتح المجال امام الاستثمار الخارجي. لقد ازداد الارتباط ومن المحتمل أن يزداد أكثر في المستقبل حسب رأينا».

واستبعد التقرير أن يكون لتدخل الصناديق السيادية والحكومية الخليجية في الأسواق المحلية تأثيرات إيجابية بعيدة المدى، وأوضح التقرير «كانت هناك دعوات لصناديق الثروة السيادية والوكالات الحكومية من أجل التدخل ودعم الأسواق المحلية. بينما نعتقد بأنه بالرغم من أن ذلك يضفي ذلك عامل استقرار للأسواق فإننا نعتقد بأنه لا يمكن لذلك أن يدوم. بصراحة تامة، يجب أن تتحسن أوضاع الأسواق العالمية من أجل أن نشهد تحسناً في الأسواق الخليجية».

غير أن التقرير ذكر انه في نفس الوقت الذي لا يمكن فيه إغفال آثار الأزمة المالية العالمية على المنطقة، «فنحن نؤمن ببقاء دول مجلس التعاون الخليجي واحدة من عدد قليل جداً من «النقاط المضيئة» في الأوضاع الحالية للسوق العالمي على المدى البعيد».

واشار التقرير الى أنه، حتى بعد الانخفاض الحاد في أسعار النفط، فعلى المنطقة أن تستمر بالنمو في مستويات تشكل ضعف توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي. «وعلى أية حال فإننا نرى التقلب مستمراً على المدى القريب في الوقت الذي لا نرى فيه تحسن المزاج الاستثماري في الأسواق حتى الآن. نكرر توصياتنا المحايدة حول المنطقة حتى تنجلي الرؤية».

وفيما يخص أسعار الذهب، اوضح التقرير أنه منذ بداية الربع الثالث شهدت أسعار الذهب تقلبات سريعة ومفاجئة. ففي شهر يوليو (تموز) الماضي، تسبب ارتفاع قيمة الدولار الأميركي بداية في هبوط حاد بنسبة أكثر20 في المائة» مما أدى إلى انخفاض الأسعار الى اقل من 800 دولار أميركي في بعض الأحيان.. ولكن عندما ساءت الأزمة الإئتمانية مع بداية شهر سبتمبر (ايلول) الماضي، اندفعت أسعار الذهب بسرعة فائقة إلى ما فوق 900 دولار أميركي في بعض الأحيان. ونتيجة لهذه التحركات السعرية، زاد التقلب بشكل حاد أيضاً. تقلب أسعار الذهب هو الآن أكثر من 40 في المائة.

ويقول المحلل توبياس ميراث إن التطورات الحاصلة في أسعار الذهب في الأسابيع الماضية تعزى بشكل رئيسي لعاملين، أولاً: قوة الدولار الأميركي. وكنتيجة للأزمة المالية فقد تسببت إعادة تدفق الأموال المهاجرة إلى ارتفاع قيمة الدولار. ويضيف «وبما أن الذهب عادة ما يستخدم للتحوط ضد انخفاض الدولار فإن هذا العامل هو عامل سلبي جوهري للذهب. وبالفعل، فلقد أظهرت مقارنة بين ارتفاع الذهب واليورو/ الدولار الأميركي فإن جزءا كبيرا من تقلب أسعار الذهب على الأرجح يعزى إلى تقلب اليورو/الدولار الأميركي».

أما العامل الثاني، وفقا لميراث فهو الطلب على الذهب كملاذ آمن. ونتيجة للإضطراب المالي والتراجعات الحادة عبر فئات الأصول، فقد اتجه المستثمرون إلى الذهب كملاذ آمن. ويقول «إن العلاوة من أجل التسليم الفعلي للذهب آخذة في الإزدياد. وهناك تقارير تشير إلى أن عملات الذهب مثل عملات كروجراند )العملة الذهبية لجنوب افريقيا( ومابل ليف )العملة الذهبية لكندا (تعاني بالفعل من نقص في العرض عبر أوروبا. ويعتبر الطلب على هذا الملاذ الآمن هو للتعويض عن الآثار السلبية الناتجة عن الدولار الأقوى. وبموجب هذه العوامل المتباينة، فإن أسعار الذهب إجمالاً ما زالت مستقرة وأخذت في الإزدياد على الرغم من قوة الدولار. ومع ذلك فإن إحدى الآثار الجانبية لهذا الأمر هو إرتفاع التقلب. وفيما يتعلق بهذا الخصوص، فإن الطلب على الملاذ الآمن بالنسبة للذهب هو مخاطرة وفرصة في نفس الوقت، إذ أنها تُعد فرصة عندما تؤدي الى دعم الاسعار في الوقت الذي عادة ما تهبط فيه. وتعد مخاطرة لأن هناك خطورة في هبوط جوهري للأسعار، حالما يبدأ الطلب على الملاذ الآمن بالتلاشي، ربما وسط تحسن في الأزمة الإئتمانية».

ويتطرق التقرير إلى الاقتصاد الإماراتي، مشيرا إلى أنه ونظرا لاحتياجات البلاد الكبيرة في تمويل المشاريع، فقد تدخلت السلطات من أجل تقديم المساعدة على الجانب المحلي عن طريق الإعلان عن التمويل الطارئ. بعدما راجع البنك المركزي المصادر الإضافية المتوفرة من أجل تقديم المزيد من الدعم للبنوك العاملة في الإمارات العربية المتحدة إذا لزم الأمر. وقال المحلل اديلهايد ليختنشتاين في كريديه سويس إن خطوات البنك المركزي الإماراتي أدت إلى دعم كبير، واصفا إياه بأنه إيجابي للتصور المستقبلي للاقتصاد الكلي. واضاف أن هذه الإشارة من قبل البنك المركزي تشكل ضماناً للمستثمرين في الوقت الذي ارتفع سعر الفائدة المعروض بين البنوك في الإمارات العربية المتحدة لثلاثة أشهر بشكل جوهري مواصلاً إتجاهه الصاعد منذ شهر وقد وصل مؤخراً إلى ما يقارب مستويات شهر يناير (كانون الثاني) ومع ذلك فقد بقي أدنى من مستويات عام 2007 بنسبة حوالي 5 في المائة.

ويؤكد ليختنشتاين أنه نظراً لشدة الأزمة العالمية الحالية «فإننا، وعلى الرغم من ذلك، نتوقع أن تكون شروط الإئتمان صارمة. وقد أثر ذلك على منظورات النمو على المستوى العالمي، ومن الممكن أن يترك آثاراً على الاقتصاد الإماراتي. وعلى أية حال، يبدو أن السياسة المالية والنقدية تمتلك مساحة كبيرة للمناورة من أجل الحد من تراجع الاقتصاد». وقد شكلت خطوات البنك المركزي الإماراتي دعما ايجابيا كبيرا للتصور المستقبلي للإقتصاد الكلي. وتشكل هذه الإشارة من قبل البنك المركزي ضماناً للمستثمرين في الوقت الذي ارتفع سعر الفائدة المعروض بين البنوك في الإمارات العربية المتحدة لثلاثة أشهر بشكل جوهري مواصلاً إتجاهه الصاعد منذ شهر يونيو (حزيران) (أنظر الغراف) ووصل مؤخراً إلى ما يقارب مستويات شهر يناير ومع ذلك فقد بقي أدنى من مستويات عام 2007 بنسبة حوالي 5%.

ونظراً لشدة الأزمة العالمية الحالية فإننا، وعلى الرغم من ذلك، نتوقع أن تكون شروط الإئتمان صارمة. وقد أثر ذلك على منظورات النمو على المستوى العالمي ومن الممكن أن يترك آثاراً على الإقتصاد الإماراتي. وعلى أية حال، يبدو أن السياسة المالية والنقدية تمتلك مساحة كبيرة للمناورة من أجل الحد من تراجع الإقتصاد. وبعد التخفيض المشترك للفائدة بخمسين نقطة أساسية من الإحتياطي الفيدرالي، والبنك المركزي الأوروبي، وبنك إنجلترا، وبنك كندا والبنك المركزي السويدي، قام بنك الإمارات المركزي بتخفيض سعر إعادة شراء الأوراق المالية من 2 في المائة إلى 1.5 في المائة. وعلاوة على ذلك، فقد تم تخفيض معدلات الفائدة على التسهيلات لدعم السيولة في البنوك من 5 في المائة إلى 3 في المائة