رياض سلامة: لبنان لن يتأثر بالأزمة المالية العالمية ووضعنا الضوابط اللازمة للتسليف ليبقى أداة للنمو

المرشح الدائم لرئاسة الجمهورية وحاكم البنك المركزي منذ 1993

رياض سلامة
TT

حوّل تحييد لبنان واقتصاده عن الازمة المالية الدولية وتداعياتها المباشرة حاكم البنك المركزي رياض سلامة الى «نجم إعلامي» بلا منازع في الفضائيات وفي وسائل الاعلام المكتوبة، محلياً وعربياً وحتى دولياً. وتتكاثر الاطلالات الاعلامية للحاكم الذي كان أحد أبرز المرشحين لرئاسة الجمهورية قبل أن يستقر التوافق على العماد ميشال سليمان، بعد عودته من واشنطن حيث شارك في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين وكان خلالها أيضاً «مطلوباً بامتياز» لعقد اجتماعات ولقاءات مع مسؤولين ماليين ومصرفيين كبار أرادوا الاطلاع عن كثب على «التجربة الخاصة» التي أفلحت في ابعاد ارتدادات الزلزال المالي الدولي عن السوق المالية والمصرفية اللبنانية..

وبحسب المعلومات، فإن وتيرة اطلالات الحاكم مرشحة للاستمرار والارتفاع خلال الاسابيع المقبلة. منها ما هو عام خلال افتتاح مؤتمرين استثماريين في بيروت منتصف الشهر المقبل والـ20 منه. ومنها ما هو خاص.

وكانت لافتة مقالة روبرت فيسك في «الاندبندنت» مطلع هذا الاسبوع ومقالة مماثلة في «نيويورك تايمز» أمس الاول (الاربعاء) والكثير من المقالات في الصحف اللبنانية والعربية التي أشادت بالسياسات الحكيمة التي اتبعها البنك المركزي اللبناني والتي حالت خصوصاً دون انغماس المصارف المحلية في الادوات والمشتقات المالية الخارجية، وإلزامها الاحتفاظ بمعدلات سيولة مرتفعة وتطبيق صارم للمعايير والمواصفات الدولية المصرفية والمحاسبية وخصوصاً ما يتعلق منها بكفاية رأس المال ومتانته وفق متطلبات «بازل ـ1» وبدء التنفيذ المبكر لمتطلبات «بازل ـ2» الجديدة. ويقول سلامة في توصيف الازمة المالية الدولية انها «فاجأت السلطات النقدية والرقابية في العالم، فأتى تحركها غير مركز وبأدوات غير ملائمة. وقد ارتكز هذا التحرك على عقيدة ليبرالية مطلقة أثبتت عدم جدواها امام هذه الازمة. فبعد أكثر من سنة على اندلاع الازمة، لم تتمكن السوق من خلق التوازن المطلوب. وإذا بالحاكم السابق لمجلس الاحتياط الفيدرالي الاميركي (المصرف المركزي) ألان غرينسبان يعلن انه أخفق عندما لم يسترسل بالتنظيم للاسواق المالية والمصارف والمشتقات. وهنا وزير المال الاميركي بولسن يعلن انه قد أخطأ حينما ترك ليمان براذرز تفلس». ويضيف: «نحن الآن على عتبة قمة العشرين التي ستعقد في واشنطن في اطار محاولة لإرساء نظام مالي عالمي جديد يرمم العولمة والنظام الرأسمالي ويسمح للاقتصاد العالمي بالخروج من ركوده. واننا نرى ضرورة التنظيم ووضع ضوابط على الاصول أكانت أوراقاً مالية أو عقارات. ونخشى في الوقت نفسه الاسترسال بالتنظيم والضوابط كردّة فعل على ما خسرته الانسانية من ثروتها. فمهما كانت المبادرات أو القرارات، فالثقة لن تعود، وقيمة الاصول لن تثبت الا عند الادراك أن أسعار هذه الاصول أصبحت مقبولة نسبة للديون التي تقابلها. فنحن نرى، وبأسف كبير، أن الاموال السيادية التي أتت لدعم القطاع المالي لم تواكبها مبادرات للكف عن المضاربات الجديدة. بل تبدو هذه الاموال وكأنها تغذي السيولة في القطاع المالي للاسترسال بالمضاربة».

وبنبرة الواثق، يؤكد سلامة: «لبنان لن يتأثر بهذه الأزمة لان المصرف المركزي وضع الضوابط اللازمة للتسليف حتى يبقى هذا الأخير أداة للنمو من دون أن يتحول إلى محرك للمضاربة التي تخلق تورّمات تتحوّل عند تصحيحها إلى مسبّب لازمة اقتصادية وإلى تحطيم الثروة الوطنية والقدرة الشرائية». ويضيف: «لقد خططنا لانخراطنا في العولمة آخذين في الاعتبار الواقع والمصلحة اللبنانية. نعم اننا جزء من هذه العولمة العالمية. ومن هنا اهتمام مؤسسات التصنيف والمصارف الدولية التي تصدر تقارير عن بلدنا دورياً. كما ان حجم أسواقنا مهم اذا ما قارناه بناتجنا المحلي. فالتعاطي مع الخارج ـ بما فيه الادوات المصدّرة والصناديق يوازي 25 مليار دولار».

ويتابع: «ان المبادئ التي أفادت استراتيجية مصرف لبنان من أجل تثبيت الثقة والمحافظة على الاستقرار ترتكز على معايير بازل ـ1 وبازل ـ 2، والمحافظة على سيولة مرتفعة في ميزانية المصارف، ما سمح للقطاع بتكوين سيولة من نحو 30 مليار دولار من أصل ميزانية مجمعة تبلغ 90 مليار دولار. كما تم وضع ضوابط على التسليف لا سيما العقاري منه أو على الاسهم والسندات المحلية والدولية التي تحمي المستثمر والمصرف من التقلبات الحادة. وتم تحديد شروط التوظيف بالادوات المشتقة. ومنعنا شراء الرهون العقارية الاميركية».