المركزي الياباني يلحق بالاحتياطي الفدرالي ويقتربان من نقطة الصفر لسعر الفائدة

الأسواق تترقب خطوات مشابهة من البنوك المركزية في بريطانيا ومنطقة اليورو

TT

اتخذت اليابان أمس نفس خطى الاحتياطي الفدرالي في خفض سعر الفائدة، في أحدث خطوة لحماية ثاني أكبر اقتصاد في العالم من الازمة المالية العالمية، وهذا الخفض هو الأول من نوعه منذ سبعة أعوام ونصف العام. وخفض بنك اليابان المركزي الفائدة على القروض قصيرة الأجل لتصل إلى 0.3 في المائة بدلا من 0.5 في المائة، بعد ان وافق مجلس سياسة البنك على الخفض بتأييد خمسة أعضاء واعتراض أربعة في ختام اجتماع استمر لمدة يوم واحد.

وأعطى محافظ البنك ماساكي شيراواكا صوته لصالح خفض أسعار الفائدة قائلا ان اقتصاد البلاد سيحتاج إلى مزيد من الوقت ليتعافى في غمرة تراجع حجم الصادرات وزيادة أسعار المواد الخام. وقال شيراواكا في مؤتمر صحافي، إن قرار البنك اتخذ «نتيجة لتغييرات كبيرة للأحوال الاقتصادية والمالية»، مضيفا أن اضطراب الأسواق العالمية قد أثر سلبا على الإنفاق الرأسمالي للشركات اليابانية وكذلك على الصادرات والإنتاج.

ومنذ بداية الأزمة والبنوك المركزية الرئيسية في العالم تحاول السيطرة على الوضع من خلال عملية الاقراض بين البنوك ومن البنوك للأفراد، الا ان ذلك يتطلب تخفيض نسبة الفائدة، وهذا ما لا ترغب بعمله البنوك من اجل السيطرة على نسبة التضخم. وقال العديد من المحللين ان المطلوب الآن هو انعاش الاقتصاد وتخفيف الأعباء على اصحاب البيوت من خلال خفض سعر الفائدة. ولهذا فقد قرر عدد من البنوك المركزية في بعض الدول الكبرى تخفيض سعر الفائدة من اجل اعطاء اقتصادياتها دفعة جديدة في ظل الأزمة المالية التي تعصف بها. التوقعات ان تستمر هذه التخفيضات لتصل الى معدل الصفر الذي سجل في اليابان في التسعينات من القرن الماضي.

الاعتقاد السائد الآن، ان الاحتياطي الأميركي الذي خفض المعدل أول من أمس نصف نقطة ليصل به الى 1 في المائة، سيصبح قريبا من نسبة الصفر مع حلول ديسمبر (كانون الأول) المقبل. إلا ان خطوات خفضها لم تكن متناسقة بين البنوك المركزية. بعضها اختار خفضها والبعض الآخر اختار رفعها. وقامت الصين والنرويج بخطوات مماثلة لما قامت به الولايات المتحدة.

وأعلن بنك النرويج المركزي خفضها بمقدار نصف نقطة مئوية إلى 75ر4 في المائة.

يعتقد العديد من المحللين ان انعدام الثقة كان أحد الأسباب الرئيسية لتدهور الاسواق بشكل عام وهذا ما ادى الى رفض البنوك اقراض بعضها البعض واقراض الافراد. بعضها كاد ان ينهار ليس بسبب الافلاس وانما لعدم ثقة المودعين، وهذا ما حدث عندما قامت أعداد غفيرة من عملاء بنك «نورثرن روك» البريطاني بسحب ودائعهم وأموالهم قبل أن تنهار المؤسسة. وبعدها اعلنت الحكومة البريطانية خطة انقاذ وضمانات بنكية لتهدئة السوق. ودعم القادة الأوروبيون هذا التوجه ايضا من خلال تقديم مليارات الدولارات في شكل ضمانات ودائع وقروض بين البنوك في محاولة لعدم حدوث حالة من الهلع بين شعوبها.

ورغم أن حكومات الدول قدمت وبشكل سريع خطط إنقاذ وطنية و«حلولا»، يرى محللون أن تلك البرامج لم تكن كافية لحل الأزمة على النطاق العالمي، وان هذه الإجراءات لم تنقذ الأسواق لحد الآن، خصوصا الأسواق العقارية التي مازالت في حالة من التدهور المستمر. وأفاد تقرير للبنك المركزي البريطاني نشر هذا الأسبوع، أن ما يزيد عن 2ر1 مليون بريطاني من مالكي المنازل ربما يتأثرون سلبا إذا انخفضت أسعار المنازل بنسبة 15 في المائة أخرى على مدار الشهور القادمة. وكانت قد بدأت الازمة العالمية مع انهيار السوق العقاري الاميركي. ومع ان المعدل في بريطانيا مازال يقف عند حاجز 4.5 في المائة إلا أنها ستصل قريبا هي الأخرى الى ادنى مستوياتها وقد تصل الى 3 في المائة مع منتصف العام المقبل، حسب التوقعات. وقال سفين جيدريم محافظ البنك المركزي في بيان إن تأثيرات الأزمة المالية ستكون أقوى مما كنا نتصور حتى الان وأنه يبدو أن تباطؤ الاقتصاد النرويجي يحدث بصورة قوية ومن المحتمل أن يكون بصورة أقوى.

وكان البنك قد خفض سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية منذ أسبوعين فقط. ان خفض الفائدة منذ أسبوعين في إطار تحرك منسق لعدد من البنوك المركزية الرئيسية في العالم لمواجهة تداعيات الأزمة المالية. يذكر أن النرويج غير منضمة لمنطقة اليورو.

وخفض البنك المركزي الصيني أسعار الفائدة الاساسية للقروض والودائع بنسبة 0.27 مئوية في ثالث خفض خلال ستة أسابيع. وقال بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) ان تكلفة القروض البنكية لأجل عام واحد ستنخفض الى 66ر6 بالمائة من 93ر6 بالمائة في حين ستنخفض فائدة الودائع لاجل عام الى 60ر3 بالمائة من 87ر3 بالمائة.

واضاف البنك قائلا على موقعه على الانترنت، ان التخفيضات ستسري اعتبارا من أمس الخميس.

ولم يعط البنك سببا لخفض الفائدة. وقد خفض البنك المركزي أسعار الفائدة ومستويات الاحتياطي الالزامي في 15 سبتمبر (ايلول) وفي الثامن من اكتوبر (تشرين الاول). وتزامنت الخطوة الاخيرة مع تحرك كبرى البنوك في شتى أنحاء العالم لخفض الفائدة.

وقد تتبع اليابان نفس الخطى في خفض الفائدة هذا الاسبوع في أحدث خطوة لحماية ثاني أكبر اقتصاد في العالم من الازمة المالية العالمية. وقال مصدر لرويترز يوم أمس الأول ان بنك اليابان سيدرس خفض اسعار الفائدة في اجتماعه اليوم الجمعة لكنه سيرقب ظروف السوق قبل ان يتخذ قراره.

وأدت المراهنات على خفض الفائدة بمقدار 0.25 نقطة مئوية الى وقف صعود الين في الفترة الاخيرة والذي أضر بالصادرات وزاد من الضغوط على الاسهم اليابانية.

ومن المتوقع أن يخفض البنك المركزي الاوروبي وبنك انجلترا المركزي الفائدة الاسبوع المقبل. وساعدت توقعات خفض الفائدة على المستوى العالمي على دعم مؤشر داو جونز ومؤشر ستاندارد اند بورز الامريكيين على تحقيق ثاني أكبر ارتفاع لهما على الاطلاق يوم الثلاثاء الماضي.

وحدد مؤشر نيكي الياباني الذي انخفض الى أدنى مستوياته في 26 عاما هذا الاسبوع الاتجاه لاغلب اسواق اسيا بارتفاعه بنسبة 7ر7 بالمائة مواصلا مكاسبه بنسبة ستة بالمائة.

وارتفع الدولار بأكثر من ستة بالمائة أمام الين قبل يوم من قرار الاحتياطي الأميركي وهو أكبر ارتفاع له في يوم واحد منذ عام 1974 وسط انباء عن احتمال ان يخفض بنك اليابان الفائدة.

وقال كويتشي حاجي كبير الاقتصاديين في معهد «ان.ال.أي» للبحوث في طوكيو قبل يوم من قرار خفض الفائدة «رغم ان خفض الفائدة قد لا يكون له أثر تحفيزي كبير على الاقتصاد الا انه من الصعب على البنك ان يواصل مقاومة اتخاذ اجراء وسط اضطرابات أسواق المال».

وأضاف «غير ان خفض الفائدة سيوجه رسالة للعالم ان اليابان تتعاون مع دول اخرى في معالجة الازمة المالية... والان بعد ان أعلن النبأ ستحبط الاسواق بدرجة كبيرة اذا لم يخفض بنك اليابان الفائدة».

وانتهجت ايسلندا الاتجاه العكسي لاغلب الدول التي تسعى لمكافحة أزمة مالية عالمية ورفعت اسعار الفائدة بمقدار ست نقاط مئوية الى 18 في المائة. وقال بنك انجلترا انه يعمل على احتواء الازمة ويهدئ من اضطربات القطاع المصرفي لكنه كان حذرا في ما يتعلق بالاثر على الاقتصاد بشكل عام.

وقال جون جيفز نائب محافظ بنك انجلترا «عدم استقرار النظام المالي العالمي في الاسابيع القليلة الماضية كان الاعنف في التاريخ». وأضاف «ومع تباطؤ الاقتصاد العالمي مازال القطاع المالي يعاني من ضغوط». قرار بريطانيا لخفض سعر الفائدة لن يكون قرارا للحكومة بسبب الاستقلالية التي يتمتع بها البنك المركزي. وقال وزير الخزانة البريطاني أليستر دارلينغ أول من أمس ان البنك له كل الصلاحيات في خفضها واللحاق بخطى الاحتياطي الأميركي.