خطة إنقاذ الرهون الأميركية قد تساعد البعض وتزعج البعض الآخر

10 ملايين مالك منزل ملتزمين بالسداد في وضع حرج

خطة إنقاذ الرهون تواجه تحديا عصيبا لا يجعلها شديدة الإغراء بالنسبة لملتزمي السداد (ا ب)
TT

في الوقت الذي تعد فيه وزارة الخزانة الأميركية لبرنامج قدره 40 مليار دولار لمساعدة ملاك المنازل المتعثرين من مغبة إعادة الحيازة، بات من الواضح أن هذه الخطة تواجه تحديا عصيبا، والذي لا يجعل بدوره الخطة شديدة الإغراء بالنسبة لأشخاص من أمثال تود لورانس. يعمل لورانس طيارا في إحدى الخطوط الجوية، ويعيش بعيدا عن نوريتش بولاية كونيتيكت، ويملك برنامج رهن تقليدي على مدار 30 سنة، كما أنه لا يجد أي مشكلة في دفع الأقساط الشهرية. إلا أنه مدين بمبلغ أكبر مما يساويه منزله فعليا ـ شأنه بذلك شأن الملايين ـ والفضل في ذلك يعود إلى الأحوال المتدهورة للسوق العقارية.

ويقول لورانس إنه إذا حصلت البنوك ـ التي اتجهت إلى الإقراض بدون مسؤولية ـ والكثير من ملاك المنازل ـ والذين غالبا ما اقترضوا هم أيضا دون مسؤولية ـ على مساعدة حكومية، فإنه على يقين كامل من أن الأشخاص المعتدلين من أمثاله سيكونون بصدد الإفلاس أيضا. ويتساءل لورانس «لماذا أُعاقب على شراء منزل يمكنني تحمل أعبائه؟ لقد بدأت أفكر في أنني سيحدث لي ارتجاج في عقلي إذا ما داومت على دفع الرهن العقاري الخاص بي».

وتعتبر تلك الخطة ـ التي ما زالت وزارة الخزانة تعمل على تطويرها ـ جزءا من حزمة خطة الإنقاذ الاقتصادية التي مررها الكونغرس الشهر الماضي، وتهدف تلك الخطة إلى مساعدة 3 ملايين من ملاك المنازل المتعثرين والمحاصرين بديونهم العقارية عن طريق تخفيض أقساطهم الشهرية. وتسعى كل من واشنطن و«وول ستريت» لفرض الاستقرار من جديد في الأسواق وذلك عن طريق تقليص عمليات حبس الرهن. وحتى الآن، توجد أربع خطط كبرى على الأقل لإعانة ملاك المنازل، إلا أن الخبراء يقولون إنه من الصعب تصميم هذه البرامج بالطريقة التي تقلل من مديونية المتعثرين من دون منح كل شخص آخر سببا كافيا لإعادة مفاتيح منزله إلى مقرضيه. ويقول بول ماك كولي – المدير الإداري في شركة بيمكو الاستثمارية: «إذا كان الغداء مجانيا حقا، فسيكون الطلب عليه كبيرا».

ويوجد 10 ملايين مالك منزل في موقف حرج فعليا مثل لورانس، كما أن تصنيفاتهم تزداد يوما بعد آخر. ويوضح ماك كوري نظريا أن مالك المنزل من ذوي المواقف الحرجة سيستفيد إذا ما تم إنقاذ جاره بدلا من التنازل عن منزله لحبس الرهن. فمع حبس الرهن، سيصبح المالك بمثابة البنك الذي سيهتم بالمنزل على أقل تقدير. وعندما يتمكن البنك بصورة نهائية من إخلاء المنزل خلال الشهور التالية، سيمثل السعر الأقل من سعر السوق الأساس الجديد للجيران المتبقين. إلا أن منافع الإنقاذ الموجهة إلى جيرانه تبدو وكأنها سريعة الزوال بالنسبة للورانس البالغ من العمر 45 عاما، وهذا يرجع على وجه الخصوص إلى أنه يصور أن تكلفة مساعدتهم ستخرج بطريقة أو بأخرى من جيبه بصفته دافعا للضرائب، حيث يقول: «إنني أمول بصورة رئيسية تدميري المالي». ويقول المسؤولون الحكوميون إن خطة إنقاذ ملاك المنازل ليست على سبيل الهدية. كما أكدوا على أمر محدد، ألا وهو أن أغلب الرهون العقارية سيتم إصلاحها وتجديدها بحيث يمكن تحمل أعباء المدفوعات الشهرية على مدار السنوات القليلة القادمة. أما تخفيضات موازنات القروض ـ والتي تجذب أغلب الانتباه ـ فستكون بصفة عامة بمثابة الملاذ الأخير. ويقول مايكل كريمنغر – المستشار الخاص للسياسة في فيدرال ديبوزيت إنشورانس كوربوريشن أو (شركة تأمين الودائع الفيدرالية): «إن هذا ليس محاولة لإيجاد العدل، بل إن الهدف هو الإبقاء على الأفراد في منازلهم». إلا أنه أقر بأن «الكثير من الأشخاص غاضبون لأنهم يشعرون أن هناك أناسا حصلوا على أشياء لا يستحقونها». ويحمل التخلف عن الوفاء بالدين الكثير من المخاطر، سواء كان هذا على سبيل المناورة للتوصل إلى تعديل القرض، أو التخلص من المدفوعات المرهقة والثقيلة للمنزل. ففي بعض الظروف، سيكون لدى المقرضين الحق في مقاضاة المقترض سعيا للحصول على أصول تزيد عن المنزل نفسه. وفي هذه الحال، ستكون هناك وصمة محتومة في السجل الائتماني للمقترض. كما أن هناك بعض العوامل الأخرى غير الملموسة، فالكثير من الملاك يحبون منازلهم وجيرانهم، ولا يريدون تركها. كما أن هناك الكثير من الأشخاص، حتى ولو تلاشت التمويلات التقاعدية خاصتهم فإنهم يعتبرون تسديد ديونهم بمثابة التزام أخلاقي. وبمواجهة كل هذه الأمور، فإنه يجب قياس اعتبارات عبء دفع 500 ألف دولار كرهون لأملاك تبلغ في الوقت الحالي 350 ألف دولار. ويقول ريتش توسكانو – المستشار المالي في سان دييغو، والذي توقعت مدونته الرائجة هذا الانهيار الحالي: «من وجهة نظر اقتصادية بحتة، لن يكون هناك الكثير الذي يمكن كسبه من البقاء في المنزل». ولن يكون ملاك المنازل الوحيدين الذين سيفكرون في تلك الخيارات، فمستثمرو العقارات أيضا يتساءلون هل سيتم إهمالهم أم لا.

ويقول جاسون لوكر، المدير بكاردينال غروب إنفيستمنت في سان دييغو «لقد أخبرنا مقرضينا أنكم إذا خفضتم 90 في المائة من محفظتكم المالية، فسنريد أن نكون ضمنها». وتملك كاردينال منازل تقوم بتأجيرها. ويضيف لوكر:«إذا ما تم إنقاذ جميع جيراننا رغم قراراتهم الخاطئة، سواء كانت نتاجا للغطرسة أو الجهل، في نفس الوقت الذي تتم فيه مطالبتنا في إتباع القوانين من أجل المنفعة الكلية، فلا أعتقد أنني سأشارك». وأفاد بيتر شيف، رئيس يورو باسيفيك كابيتال في دارين، في كونيتيكت، والذي توقع بحدوث هذا الأمر قبل أن يصبح الأمر سائدا، أنه يعتقد بأنه يتعين على كل شخص يقف في موقف حرج ولديه القليل من الأصول بأن يتوقف عن الدفع. ويضيف شيف: «إذا قالت الحكومة أثبتوا أن بمقدوركم تحمل أعباء منازلكم حينها سنجدد لكم الرهون فسيحاول الأشخاص إثبات أهليتهم». إن أولئك الذين سيستفيدون من هذا الموقف هم الأشخاص، على عكس لورانس، الذين سعوا للحصول على ما هو أكثر من الأهداف وراء القروض، والذين أعادوا تمويل منازلهم واستخدموا الأموال في شراء اللعب وقضاء الأجازات المكلفة أو حتى أحيانا لدفع قيمة الفواتير.

ويقول سكيف «عندما تستهين بأمر ما فإن هناك ما تخسره، عندما تضع كل شيء في نصابه لا تخسر شيئا». وعلى الرغم من أن الأرقام الكبيرة نادرة، إلا أن التقديرات تشير إلى أن نزع الملكيات سيتجاوز المليون هذا العام. والخسائر في قروض المنازل تتزايد بأسرع من قدرة موظفي البنوك على التعامل معها. فالبنك الفيدرالي في كاليفورنيا أشار هذا الأسبوع إلى أنه بحلول 30 يونيو (حزيران) هذا العام كان قد نزع ملكية 380 منزلا، نجح في بيع 329 منهم خلال الربع الثالث من العام، لكنه امتلك 450 منزلا آخر.

هذا الشعور المتزايد بخسارة الموقف يشير إلى الأهمية التي تنطوي عليها خطة وزارة الخزانة الجديدة والتي تطورت في الوقت الذي يتم فيه تنفيذ عدد من الخطط التي أعلن عنها لإنقاذ أصحاب المنازل في وقت سابق. وأشارت دانا بيرينو، المتحدثة باسم البيت الأبيض، يوم الخميس الماضي، إلى أن الخطة «وشيكة« وأن عددا من الاعتبارات تمت دراستها.

وقالت «إذا ما وجدنا أن إحدى الأفكار التي يمكنها تحقيق المعايير التي نرغبها والتي تحمي دافع الضرائب، ونتأكد من أنها عادلة وستكون مؤثرة، فسوف نعلن عنها بكل تأكيد».

وقد بدأت إدارة الإسكان الفيدرالية خطة الأمل لأصحاب المنازل في 1 أكتوبر لتسهيل 400 ألف دولار رهن عقاري، وبموجب البرنامج الجديد سيقوم المقرضون بإعادة تمويل 90 ألف دولار من قيمة المنزل الحالية ومنح صاحب المنزل نسبة 10 ألف دولار بصورة أوتوماتيكية.

وستقوم الحكومة بضمان تلك القروض، حيث ستحصل على نصيب من أي ربح عندما يباع المنزل، وإذا ما بيع المنزل في العام الأول تحصل الحكومة على المبلغ بكامله أما في العام الثاني فتحصل على 90 في المائة، وهكذا حتى يتم التخفيض تدريجيا، فبعد خمس سنوات تصل النسبة إلى النصف.

وللتحوط من عمليات الاحتيال قال المتحدث باسم إدارة الإسكان الفيدرالية إن على المقترضين أن يقروا بأنهم لم يتخلفوا عن الوفاء بالدين «عمدا».

ويقول تحالف الأمل الآن، وهو مبادرة قام بها مجموعة من المقرضين والتجار والهيئات الاستشارية، إنهم قدموا قروضا بحوالي 2.3 مليون دولار العام الماضي. ويشمل ما يقرب من نصف تجارب الأمل الأخيرة تعديلات للقرض الأصلي ويشمل خفض معدل الفائدة الرئيسة.

وتقول كانتري وايد فينانشيال إنها ستساعد 400 ألف من عملائها عبر برنامج الاحتفاظ بملكية المنزل والذي يتوقع أن يبدأ العمل به في سبتمبر، وكانتري وايد التي كانت مقرضا شرسا إبان فترة الازدهار، هي الآن فرع من بنك أوف أميركا.

وينبع البرنامج الذي تبلغ قيمته 8.4 مليار دولار من تسوية قانونية لكن المتحدث باسم كانتر وايد ريك سيمون قال إن المقرض الآن أدرك أن من صالحه إبقاء المالكين داخل بيوتهم بدلا من اللجوء إلى نزع ملكيتها.

لكن البرنامج لن يخدم كل مالكي المنازل، فالبرنامج الذي يهدف إلى إنفاق أكثر من ثلث دخلهم على الرهن العقاري وضرائب العقارات والتأمين مقصور على المقترضين أصحاب الديون الأكثر عرضة للمخاطر، وكذلك الذين يمتلكون خيارات دفع بسيطة، والتي تعد الأسوأ بين أنواع القروض المتعثرة التي انتشرت خلال فترة الازدهار.

ويقول سايمون «إن الارتباك أو سوء التقديم شابا تسويق تلك القروض» وفي المقابل فالمشترى صاحب رهن يبلغ 30 عاما «ربما يكون قد استوعب تلك الشروط».

وتقول كانتر وايد إنها ستسجل رهن خيار الدفع إلى نسبة 95 في المائة من القيمة الحالية للمنزل، وإن المقترض يجب ألا يكون متخلفا عن الوفاء الدين، أو «يوشك أن يعجز عن تسديده».

ويقول أحد المقترضين من برنامج شركة كانتري وايد عن قرض خيار الدفع «أعتقد أنهم يجبرونني على التروي في التوقف عن الدفع لكي أبدو أسوأ مما أنا فيه الآن، إنني أبدو مجنونا أليس كذلك؟».

والمقترض الذي يعيش في ضواحي لوس أنجليس حصل على 200 ألف دولار ثمنا لمنزله، ثم دفع أقل من الفائدة الشهرية على قرضه الجديد.

وهو الآن يمتلك 350 ألف دولار دولار لمنزل لا يساوي سوى 150 ألف دولار، وقد طلب ألا يكشف عن اسمه حتى لا يتم تخفيض قرضه إلى 142 ألف دولار دولار.

* خدمة «نيويورك تايمز»