بورصة بيروت تحافظ على جاذبيتها رغم انسحاب بعض المستثمرين

خبير اقتصادي: هدوءها النسبي لم يتحول إلى جنون قبل الأزمة

الهدوء النسبي لا يعني ويجب ألا يعني ان لبنان جزيرة معزولة، فالمستثمرون في السوق المحلي تأثروا جميعاً بالازمة («الشرق الأوسط»)
TT

ظن البعض أن بورصة بيروت، على صغر حجمها، بدأت مطلع الاسبوع المنصرم «تواكب» البورصات العالمية والاقليمية في توجهها التراجعي، بدليل ما سجلته من تراجع غير مألوف بلغ 6.59 في المائة بالنسبة الى مؤشر «بنك لبنان والمهجر»، و14 في المائة بالنسبة الى اسهم «سوليدير» (شركة تطوير وإعادة اعمار وسط بيروت التجاري)، ولم تنج شهادات ايداع «بنك عودة» و«بنك لبنان والمهجر»، ولا أسهم بنك «بيبلوس» العادية من التراجع أيضاً.

لكن هذا التوجه التراجعي في البورصة مطلع الاسبوع الماضي انعكس في نهاية الاسبوع تعويضاً لمعظم الخسائر بدليل عودة سعر سهم «سوليدير» من 18 دولاراً الى 22.37 دولار لسعر سهم فئة «أ»، و22.64 دولار من فئة «ب» بعدما كان قد وصل قبل يوم من الاقفال الى 22.87 و22.81 دولار على التوالي.

ويتبين ان شهادات ايداع «بنك عودة»، و«بنك لبنان والمهجر» أقفلت الاسبوع على ارتفاع بلغت نسبته 1.39 في المائة و3.31 في المائة على التوالي. وربما كانت شركة «هولسيم» للاسمنت هي التي أقفلت الاسبوع على تراجع بنسبة 4 في المائة. ويعزى ذلك الى توقعات بانخفاض الطلب على الاسمنت في ضوء الازمة العقارية العالمية، والازمة المالية المماثلة.

ويعتبر رئيس قسم الدراسات الاقتصادية في «بنك بيبلوس» نسيب غبريل، رداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط»: «ان الحركة التراجعية اللافتة التي سجلت مطلع الاسبوع الماضي تفسر في جزء منها بردة فعل المستثمرين تجاه تراجع البورصات العالمية والاقليمية، باعتبار ان بعض هؤلاء وجدوا أنفسهم في حالة من نقص السيولة، ومضطرين الى بيع أسهمهم في لبنان، في حين أن آخرين يجدون أنفسهم مضطرين الى تغطية مراكزهم». لكن العامل الاكثر حسماً، كما يضيف غبريل، هو «أزمة الثقة على المستويين العالمي والاقليمي» التي تبعد المستثمرين عن أجواء البورصات، وهو ما يتأكد من ضعف حجم المبادلات مقارنة بتراجع الاسعار. ومع ذلك، يؤكد غبريل، ان الاسهم اللبنانية تبدو جاذبة، بدليل عدم تسجيلها انهيارات كما حصل في البورصات الاخرى، وهذا كاف ليؤكد جاذبيتها وقدرتها على استقطاب الاستثمارات في وقت لاحق. في حين انه على الرغم من بعض التراجع الذي شهدته البورصة في الاسابيع القليلة الماضية لا تزال على ارتفاع مؤكد منذ بداية السنة. اذ ان مؤشر «بنك لبنان والمهجر» ما زال مرتفعاً بنسبة 16.7 في المائة ما كان عليه في مطلع العام الحالي، مقابل تراجع في دبي بنسبة 50.7 في المائة، وفي مصر بنسبة 54 في المائة.

وفي اعتقاد خبراء آخرين ان الهدوء النسبي في بورصة بيروت لم يتحول الى جنون في اسعار الاسهم قبل الازمة، لان اسعار الاسهم اللبنانية ما زالت تتجاوز قيمة اسعارها المتداولة. وهذا ما أكده رئيس بورصة بيروت فادي خلف، في ندوة عقدت أخيراً، ولكنه استدرك قائلاً: «هذا لا يعني ويجب ألا يعني ان لبنان جزيرة معزولة. فالمستثمرون في السوق المحلي تأثروا جميعاً بالازمة، سواء العرب منهم، أو المغتربون أو المستثمرون المحليون، والذين يملكون جميعاً توظيفات في الخارج». اما رئيس تجمع رجال الاعمال اللبنانيين كميل منسى فيذهب الى أبعد من ذلك فيشير الى ان الازمة سيكون لها تأثير في كل انحاء العالم «ولن تنحصر في القطاعات الصناعية أو المالية، أو البورصة، بل ستشمل أيضاً الخدمات، والتجارة، والزراعة والمرافق الاخرى». وفي هذا الاطار، يفترض أن يتأثر الاقتصاد الوطني بكامله بالازمة. ويقول منسى في هذا المجال انه «من غير الواقعي الاعتقاد بأن أي تباطؤ اقتصادي عالمي لن يكون له تأثير على النشاط الاقتصادي في لبنان، علماً أن اقتصادنا مفتوح على العالم ومرتبط أكثر فأكثر بالانتشار اللبناني في الخارج. وتعتبر مؤسسة «ايكونومست انتلجانس يونيت» أول من أبدى قلقه من تأثير الازمة على الاقتصاد اللبناني في المدى الطويل، بحيث عدلت من توقعاتها للنمو في العام المقبل من 4.6 - 3.1 في المائة غير أن توقعاتها بالنسبة الى معدل التضخم تبدو ايجابية للغاية بحيث تتوقع انخفاض هذا المعدل الى 6% من 12% في عام 2008 .