الاتحاد الأوروبي يعد الخطط لقمة واشنطن لإصلاح النظام الرأسمالي

فرنسا تصر على عدم السماح لأي مؤسسة مالية «فوق القوانين أو الإشراف»

TT

تريد فرنسا رئيسة الاتحاد الأوروبي حاليا ان تذهب المجموعة الأوروبية الى قمة واشنطن في منتصف الشهر الحالي بخطة واحدة وموقف واحد وقوة ضاغطة من اجل وضع اسس جديدة للنظام المالي العالمي. هذا الموقف ظهر جليا خلال القمم والاجتماعات الدولية التي التأمت في عواصم مختلفة خلال الأسابع الماضية وترأستها فرنسا من خلال رئيسها نيكولاي ساركوزي.

وتدعو الخطة إلى زيادة الشفافية في أسواق المال والتسجيل الاجباري ومراقبة كافة جهات الاقراض وصياغة مواثيق سلوك جديدة لردع كبار المسؤولين عن اتخاذ خطوات تنطوي على الكثير من المخاطر.

وفي الأمس الثلاثاء وافقت فرنسا على إدخال تعديلات على خططها الاصلاحية، وجاء هذا القرار بعد محادثات استمرت لساعتين بين وزراء مالية دول الاتحاد المجتمعين في بروكسل.

وقالت مصادر قريبة من المفاوضات إن فرنسا وافقت على إدخال بعض التغييرات على قائمة المقترحات التي يعتزم الاتحاد الاوروبي عرضها على القمة العالمية في واشنطن في 15 من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري وسط شكاوى من بعض الدول الاعضاء من أنها «مفصلة أكثر مما ينبغي». وسيحضر القمة اضافة الى الدول السبع العظام روسيا ومجموعة من الدول الناشئة في آسيا وافريقيا يصل عددها الى 20 دولة ولهذا اطلق عليها «قمة العشرين».

وسيسبق قمة واشنطن قمة استثنائية لقادة لاتحاد الأوروبي يوم الجمعة المقبلة. وأعدت فرنسا خطة من إحدى عشر نقطة لمناقشتها من قبل الاتحاد.

كما تطالب الورقة الفرنسية قادة العالم الدفع باتجاه تحقيق توافق عالمي لقواعد حسابات ورسملة البنوك «وتغيير ثقافة الاشراف على المؤسسات المالية». ومن بين نقاط الخلاف إصرار فرنسا على عدم السماح لأي مؤسسة مالية أو سوق أو سلطة بالبقاء «فوق القوانين أو الاشراف».

وفي جانب آخر من المتوقع أن تقر المفوضية وهي الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي الجزء الثاني من خطة الإنقاذ المالي الفرنسية والخاص بإعادة رسملة المؤسسات المالية المتعثرة الأسبوع المقبل.

وأقرت المفوضية الأوروبية حتى الآن خطط الإنقاذ المالي لكل من فرنسا وألمانيا وبريطانيا وأيرلندا والدنمارك والسويد والبرتغال وتراجع حاليا خططا مماثلة لكل من هولندا وإيطاليا وإسبانيا.

وتضمن الحكومة الفرنسية بموجب هذا الجزء من الخطة السيولة النقدية التي سيتم ضخها من خلال صندوق خاص لمساعدة البنوك المؤسسات المالية المصرفية وقيمتها 265 مليار يورو (337 مليار دولار).

وكانت قد أقرت المفوضية الأوروبية الأسبوع الماضي الجزء الأول من الخطة الفرنسية لمساعدة البنوك والمؤسسات المالية المتضررة من الأزمة المالية الراهنة. واعتبرت المفوضية هذه الخطة نظاما «مناسبا» لإعادة الثقة إلى أسواق المال في فرنسا.

لكن يطالب مسؤولون بارزون في منطقة العملة الأوروبية الموحدة (اليورو) ان تلتزم حكومات دول اليورو بقواعد تحديد عجز ميزانياتها وأن تركز على تحسين القدرة التنافسية للبلاد بدلا من تبديد جهودها للخروج من الركود.

وسيطرت المخاوف على اجتماعات المفوضية بشأن ما يطلق عليه الاقتصاد «الحقيقي» بعد أن تعززت تلك المخاوف بفعل التوقعات الجديدة المتشائمة من المفوضية الأوروبية التي أظهرت أن اقتصادات الاتحاد الأوروبي تترنح وهي على شفا السقوط في مرحلة ركود.

وقال رئيس الاجتماع رئيس وزراء لوكسمبورج جان كلود يانكر، كما جاء في تقرير الوكالة الألمانية من بروكسل، إن الوزراء وافقوا على أنه ليست هناك حاجة لتغيير قواعد ميثاق الاستقرار للاتحاد الأوروبي الذي يحدد عجز ميزانية كل دولة في نطاق ثلاثة بالمائة من ناتجها المحلي الإجمالي.

وقال يانكر مستبعدا الحاجة إلى برنامج للتحفيز الاقتصادي على غرار النموذج الأمريكي إن «ذلك ليس وقتا مناسبا.. للانغماس في الإنفاق عبر الاقتراض والاستدانة وهو بالأساس يرهن أجيالا قادمة».

وقال رئيس الاجتماع إن الحكومات ينبغي أن تلتزم بقواعد الميثاق التي تسمح بالفعل لتلك الدول التي لديها قدرة كافية على التوفير خلال أوقات اليسر بزيادة الإنفاق خلال فترات العسر الاقتصادي.

ودعا المفوض الأوروبي للشؤون النقدية والاقتصادية يواكين ألمونيا الحكومات بالسعي أيضا إلى إحداث تنسيق أفضل لسياساتها الاقتصادية مع الاحتفاظ «بسياسة مالية مستدامة». كما قال إنه يؤيد اتخاذ إجراءات بهدف دعم الطلب الاستهلاكي طالما أنها ستكون «مؤقتة ولفترة معينة».

ووفقا لأحدث توقعات المفوضية الأوروبية فإن من المتوقع أن تنتهك كل من أيرلندا ومالطا نسبة الثلاثة بالمائة المحددة في ميثاق الاستقرار بشأن عجز الميزانية بينما ستلحق فرنسا بهما العام المقبل وإسبانيا والبرتغال في عام 2010.

وقال وزير المالية الهولندي فوتر بوس «نحن لا نؤيد إقامة هياكل أوروبية دائمة جديدة» في إشارة إلى دعوة الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي إلى تنسيق أقوى للسياسات الاقتصادية بين حكومات دول منطقة اليورو.

وأضاف أنه على الدول الأعضاء في منطقة اليورو تجديد ثقتها في البنك المركزي الأوروبي والالتزام بقواعد الموازنة التي حددها ميثاق الاستقرار النقدي والنمو.

وقال الوزير الهولندي «لدينا بنك مركزي قوي وهو أداة قوية للتنسيق.. لدينا ميثاق وهو أداتنا الرئيسية لتنسيق السياسات..لذلك لست واثقا من الحاجة إلى المزيد من التنسيق».

ووافق وزراء مالية الاتحاد أمس على تقديم قرض بقيمة 6.5 مليار يورو (8.2 مليار دولار) لمساعدة المجر على التغلب على مشكلات ميزان المدفوعات التي تواجهها حاليا.

ويعقد الوزراء بعد ذلك لقاء مع ممثلي عدد من المؤسسات المالية الرئيسية من النرويج وقطر والامارات، فضلا عن وزراء مالية كل من أيسلندا والنرويج وسويسرا وإمارة ليختنشتاين.