تقرير: أسعار النفط تشكل الخطر الرئيسي للنمو في دول الخليج.. إذا انخفضت عن 60 دولارا

دول مجلس التعاون ستكون ضمن الفئة الرابعة والأخيرة المتأثرة بالأزمة المالية

TT

قال تقرير اقتصادي صدر أمس، إن انخفاض أسعار النفط يشكل الخطر الرئيسي لوتيرة النمو في دول مجلس التعاون الخليجي، معتبرا أن هذا الخطر سيحدث في حال انخفاض أسعار النفط عن 60 دولارا أمريكيا.

ووفقا للتقرير الصادر عن بيت التمويل الخليجي، فإن دول مجلس التعاون تواجه تداعيات الأزمة المالية العالمية على ثلاث جبهات. وقال التقرير إن عوامل انخفاض أسعار النفط الخام وتقلص تدفق رؤوس الأموال الخارجية وتراجع الطلب على مواد البناء والصناعة، سوف تؤدي إلى تراجع النمو السريع الذي شهدته المنطقة في السنوات الأخيرة. مع ذلك، سيساهم استمرار الإنفاق الحكومي في التقليل نسبيا من أثر الأزمة العالمية على النمو الاقتصادي. وذكر التقرير الصادر بعنوان «اقتصاديات دول مجلس التعاون واستراتيجية الربع الأخير للعام 2008»، أن وتيرة النمو الايجابية لاقتصاديات المنطقة ستستمر مادامت أسعار نفط برنت الخام أعلى من مستوى 60 دولارا أمريكيا للبرميل.

وفي شهر يوليو (تموز) الماضي سجلت أسعار النفط أعلى أسعارها على الإطلاق، عندما بلغ سعر البرميل فوق 147 دولارا، قبل أن تتهاوى الأسعار خلال الثلاثة شهور الماضية بفعل ضعف الطلب، ليسجل أقل من 60 دولارا، وهو ما شكل قلقا في الأوساط الاقتصادية بدول الخليج.

لكن التقرير أكد أن القطاع المصرفي في دول مجلس التعاون لايزال يتمتع بالمتانة، «ففي أكثر بلدان المنطقة، تعتبر نسبة تعرض المصارف للأصول ذات المخاطر العالية منخفضة». وقال الدكتور علاء اليوسف، كبير الاقتصاديين لبيت التمويل الخليجي، «إننا متفائلون بشكل معقول، فقد تخطت اقتصاديات دول مجلس التعاون أصعب تحديات العاصفة المالية العالمية بدون أي تداعيات خطيرة على هيكل نظامها المالي». وذكر التقرير أن دول مجلس التعاون تنظم آليات العمل ردا على التحديات الراهنة وأن آفاق الاقتصاد الخليجي تبدو متفائلة. وأنه بعد أعوام من الارتفاع المطرد في أسعار النفط التي عززت تزايد الإنفاق الحكومي وحققت طفرة اقتصادية في عدة قطاعات، أضحت اقتصاديات دول مجلس التعاون تتمتع بموقف مالي قوي في وجه الأزمات المالية والاقتصادية. وقد حصنتها الفوائض المالية الضخمة المسجلة في كل من القطاع العام والخاص لتكون في أحسن استعداد لتخطي تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية. وأضاف الدكتور علاء اليوسف «نتوقع أن يعتدل النشاط الاقتصادي خلال العامين القادمين ويسجل نسب نمو تقدر بـ 4 ـ 5 في المائة، كما نتوقع أن تتراجع معدلات التضخم». وأشار إلى أنه «إذا استبعدنا انخفاضا طويل المدى في أسعار النفط، فلن تتعرض دول مجلس التعاون إلى أي صدمات في نظامها الاقتصادي بفضل متانة أسسها الاقتصادية والمصرفية. ومع ذلك يبقى الانخفاض في أسعار العقارات، خاصة في الإمارات العربية المتحدة، موضع قلق».

وطبقا للتقرير، فان دول الخليج سوف تكون ضمن المجموعة الرابعة والأخيرة من الدول التي ستتأثر بالأزمة المالية العالمية، بعد تأثر، أولاً الولايات المتحدة الأمريكية، وثانياً باقي مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى وثالثاً الدول الناشئة ذات الاستهلاك المرتفع من السلع وعلى رأسها النفط الخام. من جهته، أوضح هاني جنينة، الاقتصادي الأول لبيت التمويل الخليجي، أن الأزمة الاقتصادية العالمية امتدت إلى دول مجلس التعاون من خلال ثلاث قنوات رئيسية تشمل أولاً انخفاض أسعار النفط الخام، فهي تشكل تحديا رئيسيا لتوقعات النمو في دول مجلس التعاون في الأجل البعيد، بغض النظر عن التحديات التي تطرحها تقلبات الأسواق الحالية. ولكن مادامت أسعار نفط برنت الخام فوق معدل 60 دولارا أمريكيا للبرميل، ستواصل اقتصاديات دول مجلس التعاون تحقيق فوائض مالية. وفي ظل الأسعار الحالية، ستتراجع عوائد النفط بنسب لا تقل عن 40 في المائة في العام 2009 بالمقارنة مع العام 2008، مما سيؤدي إلى تراجع الفوائض في الحسابات المالية والحسابات الجارية. أما القناة الثانية، فأشار إلى نزوح رؤوس الأموال الخارجية، وأنه كان لها الأثر الكبير في تراجع السيولة لدى البنوك وبالتالي ارتفاع نسب الفائدة بين البنوك في أنحاء دول مجلس التعاون. وظهرت هذه الصورة بوضوح في الإمارات العربية المتحدة، حيث تضاعفت نسب الالتزامات الخارجية إلى إجمالي الالتزامات أربع مرات من 6.5 إلى 25 في المائة في الفترة بين مطلع العام 2007 وحتى مارس 2008. وعلى سبيل المثال، فالبيانات تشير إلى خروج نحو 7 مليارات دولار أمريكي، نحو 3 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي، في الفترة من يناير وحتى منتصف أكتوبر من العام 2008 من سوق دبي المالي. أما السبب الثالث الذي يراه الخبير في بيت التمويل الخليجي، فهو تراجع الطلب العالمي على مواد البناء والصناعة التي تتطلب كما كبيرا من الطاقة، فهي من أكبر القطاعات في دول مجلس التعاون بعد قطاع النفط. هذا وتسبب التراجع في الطلب على هذه المواد إلى جانب انخفاض تكاليف الشحن بضغوط كبيرة على المنتجين في دول مجلس التعاون تمثلت باشتداد حدة التنافس في الأسعار. وتسري هذه الضغوط لخفض الأسعار في ظل تزايد فائض الطاقات الإنتاجية من هذه المنتجات في دول مجلس التعاون.

وقدر التقرير الأصول الخارجية في المصارف المركزية وصناديق الثروات السيادية في المنطقة بما يقارب 2 تريليون دولار أمريكي، مما يؤهلها للتدخل المؤثر في حال الحاجة لدعم النظام المصرفي.