أوباما يواجه مهمة لا يحسد عليها على الصعيد الاقتصادي

الأضواء ستسلط على كل خطوة يخطوها > إعادة صياغة قواعد العمل في أسواق المال من أولياته

سيسلط المستثمرون العالميون، على غرار المستثمرين اليابانيين، الأضواء على كل خطوة يخطوها الرئيس الاميركي الجديد ( إ.ب.أ)
TT

بوسع الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما أن يعيد صياغة قواعد العمل في أسواق المال التي ترجع الى عصرغريسبان يدعمه في ذلك أغلبية قوية للديمقراطيين في الكونغرس وغضب عام بين الأميركيين أطلقت شرارته أزمة الائتمان. وأظهرت استطلاعات اراء الناخبين أن الاقتصاد عامل رئيسي في فوز أوباما الحاسم على منافسه الجمهوري السناتور جون مكين أول من امس الثلاثاء مما يمنحه تفويضا قويا بمواصلة نهجه الخاص تجاه الرأسمالية الذي روج له أثناء الحملة الانتخابية.

وكتب أوباما في مقال بصحيفة «وول ستريت جورنال» هذا الاسبوع يقول «في لحظة كهذه لا يمكننا أن نتحمل أربعة أعوام أخرى من زيادات الانفاق أو التخفيضات الضريبية القائمة على أسس ضعيفة أو الغياب التام للاشراف الرقابي الذي أصبح رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي السابق آلان غريسبان نفسه يعتبره خطأ». وبالنسبة الى وول ستريت حي المال في نيويورك وعواصم المال الأخرى التي اقتدت بنيويورك فان هذا سيعني على الارجح سلسلة من القوانين التي تهدف الى حماية أصحاب المساكن والمقترضين وفي الوقت نفسه تشديد القيود على البنوك والأدوات الاستثمارية التي تبيعها. كما اقترح أوباما خطة لتحفيز الاقتصاد ستشمل تخصيص أموال لمشروعات البنية التحتية.

كذلك فانه يفضل اصلاح قانون الافلاس لمساعدة أصحاب المساكن وتيسير اعادة هيكلة القروض العقارية التي تعثر أصحابها في السداد.

وكان غريسبان وهو من المؤمنين بشدة بحرية الاسواق حصل على لقب «المايسترو» عقب انتهاء فترة رئاسته للبنك المركزي الأميركي التي شهدت فترة طويلة من النمو الاقتصادي القوي. لكنه أصبح منذ ذلك الوقت رمزا لتحرير القيود الرقابية وحمله منتقدوه مسؤولية السماح للشركات المالية بأن تنمو وتتضخم بما يتجاوز الاشراف الحكومي. ومع تزايد الخسائر في مختلف أنحاء العالم في أواخر أكتوبر (تشرين الاول) اعترف غريسبان بأنه أخطأ «جزئيا في مقاومة الرقابة على بعض الاوراق المالية». وقال غريسبان أمام أعضاء في الكونغرس «أصبح أولئك الذين نظروا منا الى المصلحة الذاتية لمؤسسات الاقراض لحماية حقوق حملة الاسهم وأنا شخصيا بصفة خاصة في حالة من الذهول وعدم التصديق». ولن يكون لدى أوباما وقت طويل. فما من شك يذكر أن الاقتصاد الأميركي ينزلق الى ركود ربما يكون الاعمق منذ السبعينات كما أن الاقتصاد العالمي يواجه خطرا جسيما يتمثل في أول تراجع اقتصادي منذ سبع سنوات. ولن ينتظر زعماء العالم تنصيب الرئيس الجديد في يناير (كانون الثاني) المقبل للتخطيط لاوسع عملية اصلاح للنظام المالي العالمي منذ الفترة التي أعقبت الكساد الكبير في ثلاثينات القرن الماضي. وليس من المتوقع أن يحضر أوباما اجتماع مجموعة العشرين للدول الغنية والناشئة الذي سيبحث الازمة المالية في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري. وبحسب تحليل لاميلي كيزر من رويترز فان الشيء المؤكد بالنسبة للمستثمرين هو أن المستقبل سيحمل تشديدا لقواعد التعامل في الاســواق. وقال وليام دونوفان الشريك بشركة فينابل للاستشارات القانونية في واشنطن والمستشار العام السابق للرابطة الوطنية لاتحادات الائتمان الاتحادية «من يعملون في صناعة الخدمات المالية بصفة عامة يجب أن يفهموا أن السناتور أوباما أرسل اشارة واضحة جدا انه ينوي مواصلة جدول أعمال ناشط بصفته رئيسـا». وأضاف «ان اصلاح الهيكل الرقابي الحكومي للخدمات المالية...وتشديد شروط السيولة ورأس المال واصلاح قوانين الافلاس وبطاقات الائتمان كلها أمور مطروحة». ويواجه أوباما مهمة لا يحسده عليها أحد تتمثل في معالجة الركود وعجز في الميزانية تفاقم بسبب الحرب في العراق وخطة الانقاذ المالي التي بلغ حجمها 700 مليار دولار. وسيسلط المستثمرون العالميون الاضواء على كل خطوة يخطوها. وقال روب هندرسون رئيس اقتصاديات الاسواق ببنك استراليا الوطني «ليس الوقت مناسبا لأي أحد أن ينتخب رئيسا في ضوء المشاكل القائمة... سيتعرض لضغوط من اليوم الاول لتنشيط الاقتصاد وفي الوقت نفسه التعامل مع العجز الهائل في الميزانية». ورغم أن مجال الحركة في الميزانية محدودة فانه لن يثني أوباما على الارجح عن السعي من أجل ضخ جرعة اضافية من الانفاق الحكومي لانعاش الاقتصاد. وطالب الديمقراطيون في الكونغرس بخطة تحفيز أخرى قد تتضمن انفاق عشرات المليارات من الدولارات على مشروعات البناء المحلية لاصلاح الطرق والجسور وغيرها من منشآت البنية التحتية القديمة. وقد أيد أوباما الانفاق على البنية الاساسية كوسيلة لخلق وظائف وهي قضية قد تتزايد أهميتها يوم غد الجمعة عندما تعلن الحكومة بيانات الوظائف لشهر أكتوبر (تشرين الاول) الماضي. وتشير التوقعات الى أن التقرير سيظهر اختفاء 200 ألف وظيفة في اكتوبر ليصبح أسوأ أشهر العام على صعيد سوق العمل.