المركزي البريطاني يخفض الفائدة إلى 3% .. الأدنى منذ 50 عاماً

«الأوروبي» يشطب 0.5%.. وخسائر ثقيلة في أسواق المال العالمية

TT

قرر بنك انجلترا المركزي أمس خفض أسعار الفائدة 1.5 نقطة مئوية دفعة واحدة للتخفيف من حدة التراجع الاقتصادي الحاد، في حركة تصحيحية مفاجئة لم تشهدها بريطانيا منذ عام 1981 من حيث قيمة الخفض، ليصبح سعر الفائدة الأساسي 3 في المائة بعد هذا القرار، وأقل سعر فائدة منذ عام 1955. وفي الوقت نفسه، خفض البنك المركزي الأوروبي أمس سعر الفائدة العام لمنطقة اليورو 0.5 في المائة من 3.75، ليستقر السعر النهائي عند 3.25 في المائة، للحد من علامات الاقتصاد المتباطئ المتزايدة، ومنع حدوث كساد. وجاءت التخفيضات الجديدة تباعا لعملية خفض طارئة، الشهر الماضي، من عدة بنوك مركزية حول العالم. وكان قرار المركزي البريطاني بشطب 0.5 في المائة من إلى 4.5 في المائة. وتوقع أغلب الاقتصاديين في استطلاع أجرته وكالة رويترز أن يخفض البنك الفائدة نصف نقطة مئوية، رغم أن عددا منهم غير توقعاته في أعقاب صدور سلسلة من البيانات الاقتصادية المتشائمة. وتوقع عشرة من بين 62 اقتصادياً أن يبلغ الخفض نقطة مئوية. وأشار مارتن وايل من معهد الأبحاث الاقتصادية والاجتماعية في محادثة هاتفية لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن تحرك البنك المركزي البريطاني بخفض الفائدة، هو قرار غير أكيد فيما كان التحرك سيساعد الاقتصاد البريطاني أم لا، خاصة بعد أن كانت توقعات الخفض عند نقطة، أو نصف النقطة، ولا يمكن الحكم الآن بغض النظر عن خسائر بورصة لندن في جلسة أمس، فالأمر يحتاج لبعض الوقت. ولم يحدث من قبل قط أن خفض بنك انجلترا أسعار الفائدة أكثر من نصف نقطة في جلسة واحدة للجنة السياسات منذ أن أصبح مؤسسة مستقلة عام 1997، وكانت آخر مرة خفض فيها البنك الفائدة نقطة مئوية كاملة عام 1993 عندما كانت البلاد تكافح للخروج من دائرة الركود. وأصبحت علامات الركود الآن أكثر وضوحاً مع انخفاض أسعار المساكن وارتفاع البطالة.

ولم يشهد المركزي البريطاني أن انخفضت أسعار الفائدة الخاصة به مقارنة بالمركزي الأوروبي من قبل، إذ دائما ما كانت الفائدة البريطانية أعلى بمائة نقطة أساس أو أكثر. وانكمش الاقتصاد البريطاني بنسبة 0.5 في المائة في الربع الثالث من العام الجاري ولا يتوقع خبراء كثيرون انتعاشه قبل عام 2010. وعلق وايل على توقعات المركزي البريطاني، بأنه في حالة «رعب حقيقية»، من إعلان أي توقعات عن الاقتصاد المحلي، أو الإفصاح عن فداحة الكساد الذي تعيشه البلاد، أملاً أن التحرك الأخير قد يساعد البنوك على إقراض بعضها بعضا. ومن المستبعد أن يحول خفض الفائدة اليوم دون انزلاق الاقتصاد إلى الركود لكنه سيوفر دفعاً لمعنويات المستهلكين وبعض الارتياح لأصحاب المساكن الذين يتعين عليهم سداد رهون عقارية. وأضاف الخبير أن الانكماش بعيد كل البعد عن الاقتصاد قائلا، «التضخم عند 5 في المائة، شبح الانكماش ما زال بعيدا، والأسعار لم تنخفض». وأكد المصرف في بيان فند فيه هذا الخفض «لقد لاحظنا تراجعاً واضحاً في التوقعات الاقتصادية للاقتصادين الوطني والعالمي». ومنذ عام 1981 لم يخفض المصرف المركزي معدل الفائدة بهذه النسبة الكبيرة. وكان المحللون الاقتصاديون يتوقعون خفضاً بمعدل نقطة واحدة كحدٍ اقصى.

وبهذه الخطوة، يكون البنك المركزي البريطاني قد لحق بركاب باقي المصارف المركزية التي خفضت معدلات الفائدة الرئيسية، بعفوية شديدة في غضون الأشهر القليلة الماضية، بعكس أسلوبه المحافظ، خاصة في خفض الفائدة. ففي شهر واحد خفض الاحتياطي الفيدرالي الاميركي معدل الفائدة نقطة واحدة ليصبح 1 في المائة، بينما خفض المركزي الاسترالي المعدل 0.75 نقطة (الى 5.25 نقطة) والياباني الذي يتمتع بهامش مناورة اضيق 0.20 نقطة إلى 0.30 في المائة. ورحب رؤساء الشركات ورجال الأعمال البريطانيون بالقرار الذي طالبوا به البنك المركزي قبل صدوره، في حين جاء حجم الخفض أكبر من توقعات هؤلاء المسؤولين. وجاء قرار خفض الفائدة في ظل استمرار تراجع أسعار المساكن في بريطانيا وتراجع مبيعات السيارات خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وسجل اليورو انخفاضا عاما وانخفضت التعاملات الآجلة على السندات الحكومية الألمانية بعد قرار البنك المركزي الأوروبي خفض أسعار الفائدة الأساسية نصف نقطة مئوية أمس في خطوة متوقعة على نطاق واسع. وكان أثر الخطوة محدودا بعد قرار المركزي البريطاني متجاوزا بذلك كل التوقعات. وتراجع سعر صرف اليورو 1.5 في المائة الى 1.275 دولار كما انخفض 1.2 في المائة مقابل العملة البريطانية إلى 80.38 بنس. وانخفض الجنيه الاسترليني في رد فعل أولي عقب قرار البنك المركزي المفاجئ خفض أسعار الفائدة بما يتجاوز التوقعات في خطوة تهدف لدعم الاقتصاد المتباطئ. وهبط الجنيه الاسترليني عقب القرار الى 1.5722 دولار من نحو 1.5860 دولار قبل صدوره ثم استرد هذه الخسائر. وكانت قد منيت البورصات الأوروبية في جلسة أمس بخسائر ثقيلة، إذ فقد مؤشر فاينانشيال تايمز الرئيسي في بورصة لندن 5.70 في المائة من إجمالي قيمته، التي قدرت بـ258.32 نقطة إلى 4272.41 نقطة. وكانت بورصة فرانكفورت أكبر الخاسرين بفقدانها 353.30 نقطة، ليشطب مؤشرها العام داكس 6.84 في المائة، وتتحول إجمالي نقاطه إلى4813.57 نقطة. ولم تتخلف باريس عن المسار الهابط، إذ خسر مؤشر كاك 40 6.38 في المائة، عند 230.86 نقطة، بإجمالي نقاط 3387.25 نقطة. وانخفضت الأسهم الاميركية عند الافتتاح أمس، اذ جاءت توقعات متشائمة من شركات، بينها سيسكو سيستمز نذيرا باشتداد الركود الاقتصادي العالمي. وهبط مؤشر داو جونز الصناعي لأسهم الشركات الاميركية الكبرى 16.41 نقطة أي ما يعادل 0.18 في المائة ليصل الى 9122.86 نقطة. ونزل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الأوسع نطاقا 3.10 نقطة أو 0.33 في المائة مسجلا 949.46 نقطة. وانخفضَ مؤشر ناسداك المُجمَّع الذي تغلب عليه أسهم شركات التكنولوجيا 9.05 نقطة أو 0.54 في المائة الى 1672.59 نقطة.