أسعار الاستهلاك في لبنان تستعصي على الأسواق العالمية

ارتفاعها أسرع من البرق وانخفاضها أبطأ من سلحفاة

TT

يستغرب المستهلك اللبناني عدم تراجع اسعار السلع في السوق المحلية على الرغم من تراجع اسعارها في بلدان المنشأ، وتراجع العوامل الاساسية المكونة لمؤشر الاسعار، بدءاً بتراجع اسعار النفط وانتهاء بتراجع اسعار صرف اليورو، علماً أن لبنان يستورد نحو 37 في المائة من سلعه من منطقة اليورو مقابل 50 في المائة قبل سنتين. ويتفق خبراء الاقتصاد على ان السوق اللبنانية تكاد تكون الاسرع في رفع اسعار سلعها، والأبطأ في خفضها أو تصحيحها. وفيما تراجع سعر برميل النفط الخام نحو 60 في المائة في غضون ثلاثة أشهر، وتراجع سعر صرف اليورو الى 1.24 دولار قبل بضعة أيام، ما زالت اسعار السلع في لبنان على حالها، أو هي تتراجع بخجل وبإصرار على عدم مواكبة الاسواق العالمية التي شهدت تراجعاً لافتاً في اسواق منطقة اليورو من 3.6 في المائة في سبتمبر (ايلول) الى 3.2 في المائة في اكتوبر (تشرين الاول)، وهو أدنى مستوى للتضخم منذ يناير (كانون الثاني) 2008، وتراجعاً في السوق السويسرية الى 2.6 في المائة على اساس سنوي، فيما شهدت السوق الصينية خامس تراجع شهري في سبتمبر (ايلول) الى 4.6 في المائة.

وإذا أردنا النظر إلى الأسواق العالمية لوجدنا ان التراجع الكبير في الاسعار بدأ منذ أكثر من شهرين. فعلى صعيد الحبوب سجلت أسعار القمح والذرة والصويا تراجعات بلغت 23 في المائة و28 و32 في المائة على التوالي منذ منتصف سبتمبر (أيلول). ومقارنة مع فبراير (شباط) فقدت اسعار القمح 60 في المائة من قيمتها». أما اسعار الحبوب في لبنان، كما يقول رئيس جمعية المستهلك زهير برو لـ«الشرق الاوسط»، ولا سيما اسعار الارز والعدس ومشتقات الحليب من أجبان ولبنة، بقيت على اسعارها. وحتى استمرت الاسعار في التصاعد في شهر سبتمبر (ايلول) على الرغم من انخفاض معدلات التضخم في كثير من دول العالم». وبحسب دراسة أعدتها الجمعية، فإن السلة التي تضم 160 سلعة تستهلك يومياً (أغذية، نقل، اتصالات، الخ..) ارتفعت في سبتمبر (أيلول) بنسبة 2.8 في المائة، وخلال الاشهر الـ27 الاخيرة ارتفعت بنسبة 50.33 في المائة.

وتختلف آراء المعنيين والاختصاصيين في شأن النظر الى التضخم ومدى تأثره بالعوامل المسببة له. ففي حين يتوقع حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة امكان تراجع معدل التضخم الى 6 في المائة خلال الاشهر القليلة المقبلة، يرى رئيس جمعية المستهلك ان ارتفاع الاسعار في لبنان «أسرع من البرق، وتراجعها أبطأ من السلحفاة».

لكن الخبير الاقتصادي كمال حمدان يعتبر انه «يقتضي علينا الانتظار شهرين أو ثلاثة أشهر قبل أن نسمح لأنفسنا بالحديث عن تراجع الأسعار، والاستفادة من تراجع أسعار النفط، وانخفاض سعر صرف اليورو بنسبة 20 في المائة خلال الاسابيع القليلة الماضية» ويعزو الفترة الفاصلة بين انخفاض الاسعار في الاسواق العالمية وانخفاضها في لبنان الى «بنية السوق المحلية حيث تسيطر 3 مؤسسات على 50 في المائة من 300 قطاع»، وهو الامر الذي يتيح لهذه المؤسسات الاستفادة الى اقصى حد من هوامش الارباح الى حين نفاد المخزون من مستودعاتها. حتى كلفة المولدات الكهربائية في بعض المناطق لم تنخفض مع انخفاض المازوت، بحيث ما زالت العشرة أمبيرات تكلف شهرياً نحو 150 دولاراً، ما يوازي اضعاف اضعاف الفاتورة الكهربائية الرسمية. واللافت أن وزير الاشغال العامة والنقل عمد الى خفض تعريفة النقل بسيارات الاجرة، لكن أحداً لم يمتثل للقرار. ولكن السلع التي تتحكم بها السلطات الرسمية هي الوحيدة التي واكبت الاسواق العالمية حيث تراجع سعر صفيحة البنزين من 32 ألف ليرة إلى 23 ألف ليرة خلال عدة اسابيع، وسعر صفيحة المازوت من 36 ألفاً الى نحو 21 ألفاً، والشيء نفسه بالنسبة الى الغاز والكاز والديزل والكيروسين الخاص بالطائرات.