فريق عمل من 6 دول عربية برئاسة القصار لرسم خريطة طريق التكامل الاقتصادي العربي

يرفع التوصيات إلى القمة الاقتصادية العربية بالكويت

عمرو موسى الامين العالم للجامعة العربية في لقاء اقتصادي بدبي أخيرا ( إ.ب.أ)
TT

أوكل ممثلو القطاع الخاص العربي الى رئيس الاتحاد العام للغرف العربية عدنان القصار رئاسة لجنة سداسية، تضم ممثلي اتحاد غرف السعودية، الكويت، مصر، تونس، الاردن وسورية اضافة الى أمين عام الاتحاد الدكتور عماد شهاب، مهمتها اعداد مذكرة باقتراحات القطاع الخاص الى مؤتمر القمة الاقتصادية العربية التي تستضيفها الكويت مطلع العام المقبل.

وقد أفضى مؤتمر القطاع الخاص العربي الذي نظمه اتحاد الغرف العربية وأنهى أعماله أمس في الكويت الى وضع عناوين أساسية لمضمون المذكرة على أن تصاغ في توصيات محددة ترسم خريطة طريق حقيقية للتكامل الاقتصادي العربي.

وفي مقدم العناوين التي لقيت اجماعاً لدى المشاركين أهمية تذليل العقبات التي تعرقل اداء منطقة التجارة العربية الحرة الكبرى. ووضع خريطة طريق واضحة للتشريعات والسياسات والاجراءات اللازمة لاستكمال مقومات السوق العربية المشتركة في اطار برنامج زمني محدد. وتحسين كفاءة التجارة العربية البينية، حسب المعايير والأسس العالمية التي تقيس مستوى التنافس المقارن للدول. وذلك بغية تسهيل انتقال الاشخاص والاموال والسلع. كما أجمع المشاركون على ضرورة تحرير تجارة الخدمات في مجالات النقل والاتصال والتمويل، وتيسير تمويل التجارة البينية، وتخصيص نسبة كافية من صناديق التنمية والصناديق السيادية لتمويل استثمارات القطاع الخاص، وتحفيز مشاركته في مشاريع البنية الاساسية والامن الغذائي. ودعوا الى مشاركة القطاع الخاص العربي، ومن خلال قنوات وسياسات مختلفة، في بناء القرار الاقتصادي. والإسراع في تطبيق برامج الاصلاح الاقتصادي من خلال اعادة صياغة الدور الاقتصادي للدولة، وتشجيع القطاع الخاص، واعتماد اقتصاد السوق آلية، والحرية الاقتصادية منهجاً في اطار المنافسة والعدل والكفاءة. كذلك اعتماد السياسات الاقتصادية التي تحول دون تشكيل بيئة حاضنة للفساد الاداري والمالي، الذي يهدم القيم، ويزيد التكاليف، ويضعف التنافسية ويمزّق النسيج الاجتماعي.

وقد اتسم المؤتمر في كل جلساته بإجماع كامل على أن التعليم وما يضمه هذا التعبير من تدريب وتأهيل ومتابعة مستمرة، هو الشرط الاول والاهم لبناء اقتصاد عربي متكامل. وبالتالي، تكررت في المؤتمر الدعوة الى صلاح التعليم بكل درجاته واختصاصه وأنواعه، وبمؤسساته ومناهجه ومخرجاته، لينسجم مع روح العصر والتحديث واقتصاد المعرفة من جهة، وليكون قادراً على تلبية احتياجات القطاع الخاص من العمالة ومعالجة البطالة.

وكانت جلسات المؤتمر قد عُقدت برعاية أمير الكويت الشيخ صباح الاحمد الصباح بمثابة امتداد لدعوة الى القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية في يناير (كانون الثاني) ومثله في الحضور نائب الامير، ولي العهد الامير نواف الاحمد الصباح لحفلة الافتتاح بمثابة تكريم للقطاع الخاص العربي وتأكيدا لأهمية دوره. فيما تميزت كلمة رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الاحمد الصباح، بعرض عميق للتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه الدول العربية وفي طليعتها، ضعف الهياكل الانتاجية عموماً والصناعية خصوصاً ومحدوديتها، وارتفاع معدلات البطالة، وانخفاض حجم التجارة البيئية، والتصاعد الكبير والسريع في الطلب على الخدمات العامة كالصحة والتعليم والاتصالات. وأكد أن مواجهة هذه التحديات بنجاح رهن شرطين اثنين، تشجيع القطاع الخاص، من خلال المضي قدماً في برامج الاصلاح الاقتصادي، وتعميق التعاون الاقتصادي العربي، من خلال تطوير منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وصولاً الى التكامل الأوسع.

أما كلمة رئيس الاتحاد العام للغرف عدنان قصار، فأوضحت أن المؤتمر هدفه بلورة رؤية واحدة من منظور القطاع الخاص حول الشروط والأجواء اللازمة لتسريع خطى التكامل الاقتصادي العربي وصولاً الى السوق العربية المشتركة، على اعتبار ان هذه السوق أصبحت شرطاً أساسياً لتحقيق التنمية والازدهار، ولتحصين الاقتصادات العربية بمناعة تنبثق من قوتها الذاتية، وتسمح لها بالانفتاح على الاقتصاد العالمي والمساهمة في التعاون الدولي. ودعا رئيس غرفة تجارة وصناعة الكويت علي محمد ثنيان الغانم في كلمته الى دخول مرحلة التكامل من باب التبادل التجاري وباب التكامل الانتاجي في آنٍ واحد. وأكد ان هذه المؤتمر يهيئ للقمة العربية الاقتصادية التي اعتمدت منهاج المشاريع التكاملية في مجال البنية الاساسية، بينما يركز مؤتمرنا هذا على مشاريع البنية المؤسسية اللازمة لكي يؤدي القطاع الخاص دوره الاقتصادي والاجتماعي.

وكان من اللافت فعلاً في الكلمات وأوراق العمل والمناقشات ما يجمع بينها من تناغم واتفاق في تناولها للأزمة المالية العالمية التي تعصف بدرجات ووسائل مختلفة باقتصادات كل دول العالم. إذ أجمعت هذه الكلمات على ضرورة تنسيق الجهود العربية لمواجهة هذه الازمة والخروج منها بأقل كلفة ممكنة. كما أجمعت على ضرورة توظيف الازمة لمصلحة توطين الاستثمارات العربية في الدول العربية، وتوجيهها نحو الاصول المنتجة والاقتصاد الحقيقي، بما يعزز التكامل الاقتصادي العربي، ويعالج مستويات البطالة المتفاقمة.

وأكد المتحدثون سلاسة الجهاز المصرفي العربي وقوته، وعلى أن الأزمة لا تعكس قصوراً في بنية اقتصاد السوق أو أسس الحرية الاقتصادية بل جاءت نتيجة انحرافات كثيرة عن هذه البنية والاسس أهمها، تهاون الرقابة، وبطء التشريع، وضعف الشفافية، وخروج قطاع التمويل عن وظيفته ومعاييره. وبالتالي، لا بد من مراجعة دقيقة باتجاه تطوير التشريع، وتعزيز الرقابة، وإعادة النظر في معايير المحاسبة والتصنيف. ولا بد من اعادة النظر في النظام المالي العالمي ليعكس التطورات الكبيرة، ويعطي القوى الاقتصادية الجديدة ـ ومنها الاقتصادات العربية ـ دورها الحقيقي، دون أن يؤدي ذلك الى التشكيك بكفاية اقتصاد السوق وحيويته أو الى التضييق على الحرية الاقتصادية الملتزمة.

وعقد المؤتمر، جلسات عمل موزعة على يومين، تناول في أولها أداء منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، مقارناً منجزاتها بالآمال المعقودة عليها، ومبيّناً العقبات التي اعترضت هذا الاداء وحدث من كفاءته وطارحاً المقترحات الكفيلة بتذليلها. وركزت الجلسة الثانية على السوق العربية المشتركة باعتبارها المرحلة التالية والأهم في مسيرة المشروع الاقتصادي العربي، فناقش المشاركون متطلبات تحرير حركة رؤوس الاموال والاستثمارات، تم تحرير حركة الاشخاص والعمالة، لينقل منها الى تحرير تجارة الخدمات. أما الجلسة الثالثة، فاختصت بعرض تحليلي عميق للتجارب التكاملية والدروس المستخلصة منها، بدءاً بالتجربة الملهمة للاتحاد الاوروبي، وانتهاء بتجرية دول مجلس التعاون الخليجي.