ولفنسون: حان الوقت كي تحل مجموعة الدول العشرين محل مجموعة السبع العظمى

رئيس البنك الدولي السابق ينادي بإقامة ناد للتعاون الدولي يضع في اعتباره العالم الفقير

جيمس ولفنسون (ا. ب)
TT

يعتقد جيمس ولفسون، الذي تولي رئاسة البنك الدولي بين عامي 1995 و2005 أنه يجب على هذه المؤسسة المالية الدولية أن تلعب دورا رياديا في الأزمة المالية التي تعصف باقتصادات العالم، مطالبا بأن يكون هذا الدور مبنيا على أسس جديدة غير التي حكمت نشاطاته منذ عام 1944 ليعكس موازين القوى الجديدة. وقال إن الأزمة المالية نبعت من أكثر الدول تقدما بسبب الاستخدام المفرط لاعتمادات وإجراءات الرفع المالي. > مع انعقاد قمة مجموعة الدول العشرين في واشنطن يدور الكثير من الحديث حول الحاجة لإقرار «بريتون وودز جديدة» ـ بمعنى مجموعة الترتيبات والمؤسسات التي تم إقرارها من جانب كيانات مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بهدف تحقيق الاستقرار على الصعيد الاقتصادي في أعقاب الحرب العالمية الثانية. هل ترى أن هناك حاجة إلى بناء مؤسسات جديدة للتعامل مع الأزمة المالية العالمية والكساد الآخذ في الانتشار، أم أن المؤسسات القديمة يمكنها الاضطلاع بهذه المهمة؟ ـ أتفق مع الرئيس الحالي للبنك الدولي، بوب زوليك، حول أن على البنك القيام بدور مهم للغاية في التعامل مع الأزمة الراهنة، إلا انه يتعين إدخال تعديلات على البنك من حيث أسلوب إدارته والدعم المالي الذي يتلقاه في ضوء كل من تغير موازين القوة الاقتصادية على الصعيد العالمي والأوضاع الاقتصادية المتردية حالياً. وعند النظر إلى هيكل الملكية وأسلوب التصويت داخل البنك الدولي في الوقت الحاضر نجد أنه يعكس توازن القوى الذي كان قائماً عام 1944 مع بعض التعديلات الطفيفة. لكن العالم يتغير. ويأتي انعقاد اجتماع لمجموعة الدول العشرين بدلاً من مجموعة الدول السبع العظمى لتحديد مصير الاقتصاد العالمي ليعكس حقيقة أن توازن القوى الاقتصادية قد تغير. وخلال الأعوام العشرين أو الثلاثين المقبلة، ربما تصبح الصين القوة الاقتصادية الأولى عالمياً، وينبغي أن ينعكس هذا الأمر على المؤسسات القائمة. وعلينا أن نتذكر أن البنك الدولي تم إنشاؤه في الأصل باعتباره مؤسسة راعية لتوفير المساعدة للدول الأقل حظاً من جانب الدول التي سيطرت على 85 في المائة من الاقتصاد العالمي على امتداد نصف القرن المنصرم. إلا أنه بحلول عام 2050 فإن ما نشير إليه باعتباره الدول «الغنية» سوف تسيطر على 35 في المائة فقط من الاقتصاد العالمي. > ما هي القضية المحورية في الأجندة الاقتصادية العالمية الآن؟ ـ نبعت الأزمة الاقتصادية الراهنة من أكثر الدول تقدماً، حيث يوجد استخدام مفرط للاعتمادات وإجراءات الرفع المالي، علاوة على نقص المدخرات، الأمر الذي أسفر عن الانهيار الذي نشهده الآن. بيد أنه في الوقت الذي تسببت هذه الأزمة في معاناة نسبية داخل الولايات المتحدة، مثل مصادرة المنازل، فإن الأشخاص الذين يعيشون في الدول الأكثر فقراً تواجه حياتهم نفسها ومعيشتهم تحديات كبيرة جراء نقص الموارد. إن الأمر مختلف تماماً بين أن يقلَّ دخلك السنوي من 40.000 دولار إلى 30.000 دولار، وأن يتراجع دخلك اليومي من دولارين إلى 50 سنتاً. في الواقع، ما يزال 3 مليارات شخص على سطح هذا الكوكب يعيشون على أقل من دولارين يومياً. في هذا الإطار، يحتاج البنك الدولي إلى رأسمال ضخم، كما يتعين على المؤسسة الدولية للتنمية (التابعة للبنك الدولي) توسيع نطاق عمليات الإقراض إلى البلدان الأكثر فقراً. > ما هي الدول التي ستصاب بأسوأ الأضرار؟

ـ بالتأكيد دول أفريقيا، فهي في نهاية ترتيب الدول. وهناك مليار شخص مقسمون على 53 دولة، وذلك ليس نموذجا مثاليا لإدارة أي برنامج اقتصادي.

في آسيا والصين والهند، قُطعت أشواط طويلة لتقليل عدد السكان الذين يعانون من فقر مدقع، ولكن ما زال بتلك الدول أكبر عدد من الأشخاص الذين ما زالوا يكسبون أقل من دولارين في اليوم.

ومن شأن التراجع الاقتصادي الحالي وضع نهاية لجهود إنقاذ المزيد من الشخاص من براثن الفقر، وهو ما تقلق بشأنه الحكومة الصينية بصورة بالغة مع الوضع في الاعتبار خطة التحفيز على الإنفاق التي أعلنت عنها ويبلغ حجمها 600 مليار دولار.

في آسيا، يجب أن تكون في مقدمة الأولويات حماية التقدم الذي تحقق، وهذا سيكون صعبا على المدى القريب.

> لقد أمضيت معظم تاريخك الوظيفي في التمويل الخاص، فما رأيك في الاقتراحات القائمة على فكرة مزيد من التدخل من قبل الدولة في النشاط الاقتصادي التي قدمها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والتي تدعو إلى أن ينظم كيان دولي الشؤون المالية «في جميع الأنحاء»، ويضع قواعد محاسبة مشتركة ويسجل وكالات تقييم الأوراق المالية؟

ـ ربما يكون من الرائع أن نصمم سفينة جديدة عندما نتعرض للغرق، ولكن الحل الأكثر عملية هو إصلاح سفينتك القديمة فلا تغرق.

ولا أشك في أنه، بمرور الوقت ومع التفكير، يمكننا أن نصل إلى نظام أفضل. ولكن التغييرات التي نتحدث عنها الآن جاءت نتيجة لأزمة ظهرت في أول أسبوع من شهر سبتمبر (أيلول)، أي منذ 12 أسبوعا.

لا سبيل إلى الوصول إلى موافقة المجتمع الدولي على هيكل مالي مشترك في مثل تلك الفترة القصيرة، وهم لا يتفقون حول ما يفعلونه في الهيئات القائمة.

والحديث عن إعادة تنظيم المؤسسات العالمية أمر يستحق التفكير فيه. ولكن الآن نحتاج إلى واقعية الأشخاص الذي يفهمون الحقائق وإلى قيادتهم.

> ما هي النتائج التي ستسفر عنها قمة الدول العشرين؟

ـ يجب أن نعتمد على العلاقات الوثيقة القائمة بين البنوك المركزية، فهم نموذج لكيف يمكن ويجب أن يكون التعاون الدولي. وهذا يتم بدون أي تشريع أو جلبة لا داعي لها، حيث يجتمعون شهريا.

ما نحتاج إليه هو اجتماع وزراء المالية في الدول العشرين ومحاولة إقامة منتدى للتعاون لا يتعامل فقط مع العالم الغني، بل يضع في اعتباره أيضا العالم النامي الذي يزداد تعرضه للخطر.

أوحت لي خبراتي في الماضي بأنه عندما تجتمع الدول السبع أو الثماني العظمى، فإنهم ربما يبدون بعض الإدراك للمخاوف التي تنتاب العالم النامي، ولكن من الصعب على هؤلاء الزعماء أن يركزوا انتباههم ويضعوا رأسمالهم السياسي من أجل شعوب ليست من جماهيرهم، وينطبق هذا القول بصورة خاصة في أوقات الأزمات الاقتصادية عندما تعاني شعوبهم نسبيا. ولكن يجب أن تندرج بقية أنحاء العالم في خطط هؤلاء الذين يشكلون النظام الاقتصادي حول العالم. لذا أرجو أن تحل مجموعة الدول العشرين محل نموذج مجموعة الدول الثماني الكبرى القديم في إدارة العالم.

* خدمة «غلوبال فيوبوينت» خاص بـ «الشرق الأوسط»