فائض تريليوني دولار للصين مقابل عجز عشرة تريليونات لأميركا

الرئيس بوش يجلس إلى يساره الرئيس هيو اعترافا بأهمية الصين في القمة وعلاقاتها الاقتصادية مع بلاده

الرئيس الاميركي بوش والرئيس الصيني هيو (أ.ف.ب)
TT

خلال عشاء العمل الذي سبق بداية القمة الاقتصادية، اجلس الرئيس الاميركي بوش الى يساره الرئيس الصيني هيو. وكان ذلك اعترافا واضحا بأهمية الصين، ليس فقط في قمة قادة الدول العشرين، ولكن، ايضا، في علاقاتها الاقتصادية مع الولايات المتحدة.

هذا بالاضافة الى «ضغوط» غير حكومية للصين من جانب خبراء ومنظمات اقتصادية عالمية بأن «ترتفع» الى مستوى الكارثة الاقتصادية العالمية، وتقوم بدور «يناسب اهميتها».

ولاحظت هذه الاطراف ان الصين صارت اقوى دولة ماليا، لأنها تملك اكبر رصيد عملات، بينما صارت الولايات المتحدة اكثر الدول الكبرى استدانة. لكن، في البداية وقبل خمسة أشهر، رفضت الصين حتى الاعتراف بأنها تواجه كارثة مالية. ثم اعترفت بأن الكارثة الاقتصادية في اميركا بدأت تؤثر عليها وذلك بسبب انخفاض الواردات الاميركية منها. ثم اعترفت بان نظامها المصرفي، وليس فقط شركاتها وصادراتها، تأثر ايضا. ثم، أخيرا، اعترفت بأن النشاط الاقتصادي داخل الصين نفسها تأثر ايضا.

ويوم الاحد الماضي فقط، وبعد اكثر من ستة أشهر على تدهور الكارثة الاقتصادية العالمية، اعلنت حكومة الصين رصد اكثر من نصف تريليون دولار لتشجيع الاستهلاك الداخلي. كانت الحكومة الاميركية اعلنت حوافز مماثلة قبل خمسة أشهر. ووزعت شيكات تقارب قيمتها ثلاثة مليارات دولار الى دافعي الضرائب لتشجيعهم على الصرف والاستهلاك. لكن، قررت حكومة الصين ان يكون التشجيع غير مباشر، وان تركز تشجيعها للنشاط الاقتصادي على مشاريع حكومية، مثل طرق وكباري ومصانع. وشملت «الضغوط» على الصين مجالات غير دعم الاقتصاد الداخلي، مثل زيادة مساعداتها الخارجية، وخاصة الى مزيد من دول العالم الثالث (التي تعتبر نفسها واحدة منهم). ربما لهذا، وأول من امس الجمعة، اعلنت الصين تقديم خمسمائة مليون دولار قرضا لباكستان لمساعدتها على الخروج من كارثة اقتصادية تواجهها هي الاخرى. بينما تملك الصين اكثر من تريليوني دولار احتياطي، يبلغ عجز الحكومة الاميركية عشرة تريليونات دولار (بعجز سنوى مستمر يرتفع ويقل عن خمسمائة مليار دولار). لهذا، تزيد «ضغوط» الخبراء والمنظمات الاقتصادية على الصين لتزيد دورها في انقاذ النظام المصرفي والنظام الاقتصادي العالمي. وعلى رأس هذه صندوق النقد العالمي. ويوم غادر لندن قبل يومين، قال غوردون براون، رئيس وزراء بريطانيا، ان «على دول عالمية تملك القدرة على مساعدة صندوق النقد العالمي». بالاضافة الى الصين، كان براون يقصد الدول الخليجية، وخاصة السعودية.

لم تعلن الصين حجم المساعدات التي ستقدمها الى صندوق النقد العالمي. لكن، اعلنت اليابان، وهي الثانية بعد الصين في رصيد العملات الاجنبية (تريليون دولار)، انها ستقدم مائة مليار دولار. لهذا، يتوقع ان يكون اسهام الصين اكثر.

واعترف بهذه «الضغوط» الخارجية صينيون انفسهم، مثل زانق شنجون، نائب رئيس معهد العلوم السياسية والدراسات الدولية في جامعة بيجنغ. قال: «سيؤثر تحرك اليابان على تحركنا، وسيدفعنا نحن ايضا لنقدم اسهامات اكثر لصندوق النقد الدولي». غير ان البروفيسور الصيني قال ان هناك توترا في العلاقات بين الصين والصندوق لأن الصندوق رفض طلب الصين برفع ثقلها في التصويت في مجلس الصندوق التنفيذي. وربما ستريد الصين من ادارة الرئيس الجديد اوباما رفع نصيبها كشرط لزيادة اسهاماتها. واول من امس، قبل انعقاد مؤتمر القمة الاقتصادية في واشنطن، عقد مسؤول صيني مؤتمرا صحافيا في واشنطن افتخر فيه، حسب خبر «شنخوا» (وكالة انباء الصين) بقرار حكومته برصد نصف تريليون دولار لتشجيع الصرف والاستثمار الداخلي. وشبه القرار بما فعل الرئيس الاميركي روزفلت لمواجهة الانهيار الاقتصادي سنة 1929.

وحسب احصائيات نشرتها جريدة «لوس انجليس تايمز» الاميركية، ظلت ميزانية الحكومة الصينية، خلال العشر سنوات الاخيرة، عكس ميزانية الحكومة الاميركية في تحقيق فائض. ظلت الميزانية الاميركية تحقق عجزا سنويا اعلى او اقل من خمسمائة مليار. في الجانب الآخر، ظلت الميزانية الصينية تحقق فائضا بنفس الارقام تقريبا. لهذا، خلال عشر سنوات، جمعت الصين رصيدا وصل الى تريليوني دولار. غير ان الكارثة الاقتصادية العالمية، والتي بدأت تؤثر على الصين، ستؤثر على ارصدتها الاجنبية ايضا.