تراجع الأسعار هل يؤثر على خطط التنمية في دول الخليج؟

خبراء: تقلب أسعار النفط يزيد من ضغوط الأزمة المالية العالمية

TT

التقلبات التي تشهدها اسعار النفط في الفترة الاخيرة من ارتفاع او انخفاض ترسم في الضفة المقابلة لعملية العرض والطلب العالميين والمضاربات واستهلاك الطاقة اتجاهات اكثر حسما واهمية في الدول المنتجة للنفط اي دول الخليج العربي على وجه التحديد.

فكما للارتفاع اثاره على اقتصادات دول الخليج كذلك للانخفاض الحاصل اليوم، بحيث تراجع سعر البرميل الخام عن مستوى 60 دولارا، اثاره الهامة على مجمل الاداء الاقتصادي يضاف اليها الازمة المالية الحالية التي يتخبط بها العالم من شماله الى جنوبه. بدأ التراجع الذي يشهده سعر النفط مؤخرا يرفع العديد من الاسئلة وعلامات الاستفهام حول تأثيراته على اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي، فمتوسط سعر سلة اوبك تراجع بنسبة تزيد عن 58 بالمائة اذا ما اخذنا السعر الاعلى الذي سجلته في شهر يوليو (تموز) الماضي وهو 145 دولارا للبرميل. «فيما الدخل الحكومي لهذه الدول يعتمد بما بين 70 الى 80 بالمائة على عوائد النفط» حسب لؤي بطاينة رئيس مجموعة ادارة الاستثمار في بنك عمان العربي في مسقط في حديث لـ«الشرق الاوسط»، «ولهذا ستكون هناك تأثيرات على الخطط التنموية لهذه الدول على المدى البعيد».

لكن الخبير الاقتصادي الحجاج بو خضور يذهب الى حد القول بان «تأثيرات هذا التراجع ستبدأ بالظهور في ميزانيات العام المقبل التي سيكون فيها الكثير من التحديات. فعلى الحكومات استكمال مشاريع كانت قد بدأت بها ولا سيما في القطاع الصناعي وعلى وجه الخصوص في مجال التطوير النفطي. هذا بالاضافة الى ضرورة التعامل مع انعكاسات الازمة المالية العالمية والتي اعتقد ان تداعياتها ستزداد حدة مع الوقت مما يجعل الحكومات من جديد الملاذ الوحيد لكنها هذه المرة لن تكون لديها الايرادات الكافية التي تمكنها من مد السوق بالسيولة واستكمال ما بدأته في ان واحد». ويدعم بوخضور نظرته هذه بالقول إن الفوائض النقدية التي تحققت في الفترة الاخيرة نتيجة ارتفاع اسعار النفط ادت الى زيادة انفاق دول الخليج وبالتالي فان اي تخفيض ستكون له اثاره التي ستظهر تباعا، فمثلا ستتأثر اسعار الشركات المساهمة العامة والمدرجة اسهمها في الاسواق المالية نتيجة تأثر عملياتها التشغيلية وبالتالي ايراداتها وخاصة الشركات المرتبطة بالمشاريع الكبرى. ويعتبر بطاينة ان «تشابه الاقتصاديات الخليجية واعتماد غالبية دول الخليج ما يزيد عن 70 بالمائة من دخلها على النفط سيؤدي الى نفس المعاناة وبالتالي صعوبة مساعدة الدول لبعضها البعض والاستثمار المشترك في المشاريع المختلفة». ويلفت الى الضعف الذي سيطال الصناديق السيادية جراء تراجع اسعار النفط هي التي تأثرت اصلا بالأزمة المالية العالمية ولو لم تعرف الارقام حتى اليوم.

ويشير المحلل الاقتصادي الدكتور بدرالدين ابراهيم الى ان جميع دول الخليج سعّرت برميل النفط في ميزانياتها في مستويات هي اقل بكثير مما يجري تداوله عالميا، وهذا بالتالي يخفف من اثر تراجع سعر البرميل عن مستوى الستين دولارا. وقال «اعتقد ان دول الخليج مصرة على مواصلة المشاريع التي باشرت بتنفيذها مؤخرا في اطار سعيها لتنويع مصادر دخلها ولهذا يجب ان لا نركز على اسعار النفط فقط بل على الحالة العامة التي يمر بها الاقتصاد العالمي ككل خاصة ان اوبك ستواصل الضغط لتخفيض الانتاج مما سيعطي نوعا من التوازن لاسعار النفط مستقبلا بحيث تكون في حدود معقولة كحد 75 دولارا للبرميل». ويستبعد ابراهيم تراجع سعر البرميل عن الخمسين دولارا. ويشير الى ان ارتفاع قيمة الدولار مقابل انخفاض اسعار النفط خلق نوعا من التوازن تستفيد منه دول الخليج حاليا لناحية تخفيف حدة نسب التضخم التي تعاني منها منذ مدة والتي تركت اثارها السلبية خاصة على اسعار المواد الاستهلاكية التي تمس جميع المواطنين بالاضافة الى انخفاض اجمالي فاتورة المستوردات.

وبحسب ارقام صندوق النقد الدولي فان كل دولار يفقده سعر برميل النفط فان دولة مثل السعودية تخسر حوالي 3500 مليون دولار، وقطر 300 مليون دولار والامارات 1000 مليون دولار والكويت 950 مليون دولار. ولهذا يقول بوخضور لـ«الشرق الاوسط» ان الاعتماد على النفط بات امرا محرجا لكن اراء مختلف الخبراء تجمع على ان السكة لتنويع الاقتصادات وضعت لكن مثل هذه المشاريع بحاجة الى الوقت لتظهر مفاعيلها.