البنوك الأجنبية أكثر عرضة للاستغناء عن موظفيها

مخاوف من تأثير الأزمة المالية على العاملين بالقطاع المصرفي في دبي

TT

الازمة المالية العالمية تعبير بات الخبز اليومي لاهل السياسة والاقتصاد والاعلام والعاملين في القطاع المالي. السياسيون يتخوفون من امتداد هذه الازمة لتغير خارطة السياسة العالمية وترعب الازمة الاقتصاديين وتقض مضاجعهم فيما تشغل اهل الاعلام وتثير شهيتهم. الا ان العاملين في القطاع المصرفي، وبالرغم من اخبار الاقالات والتسريحات التي لحقت بهم على امتداد العالم لا يزالون «شريحة الظل» كما يحب ان يصفهم احد العاملين الذي يعمل في فرع لاحد البنوك الاوروبية في دبي.

ويذهب عمر، الذي تحفظ على ذكر هويته، بالقول «نحن تماما كالدول الفقيرة في خضم هذه الازمة لن تسمع عن اخبارنا سوى ما يطالعنا به الاعلام يوميا من تقليص عدد العاملين في البنوك العالمية ولن يهتم احد بنا اذا قررت الادارات العليا الاستغناء عن عدد ما هي تقرره».

وقد تعكس دبي واقع حال العاملين في هذا القطاع على اعتبار انها تحتضن فروعا لعدد كبير نسبيا من البنوك الاوروبية والاميركية توفر مئات فرص العمل لجنسيات مختلفة وفي اختصاصات متعددة.

ويرى المحلل المالي ايمن عبد النور ان هذا التخوف الذي يسكن نفوس العاملين في القطاع المصرفي هو «امر مشروع جدا فقد تكون هذه الكوادر كبش محرقة تتفادى المؤسسات المصرفية من خلالها الانزلاق اكثر في هذه الازمة الامر الذي يدفعها للتخلي عن عدد كبير من موظفيها بدافع ضغط النفقات وهذا ما شهدناه في الاشهر الماضية».

وكانت انباء التسريحات قد توالت في الاشهر الماضية عندما سرح ميريل لينش احد اكبر البنوك الاميركية، 1100 موظف في بداية هذا العام معظمهم ممن يعملون في مجالات الرهن العقاري ليعود ويعلن في ابريل (نيسان) الماضي عن تسريح 2900 موظف إضافي.

وبالرغم من ان ثلاثة من أكبر البنوك في دولة الإمارات العربية اعلنت في وقت سابق إنها تعرضت لمخاطر محدودة أو لم تتعرض لمخاطر على الإطلاق بسبب الاضطرابات المحيطة بانهيار بنك ليمان براذرز، فإن بعض العاملين في قطاع المصارف في دبي يعتقد ان ذلك لا يكفي ليبعد الخوف من فقدان الوظيفة التي عادة ما يكون فجائيا عبر رسالة تعطى للموظف الذي سيتم الاستغناء عنه دون سابق انذار تعلمه بالتخلي عن خدماته. يقول بدر وهو موظف ايضا في فرع لاحد البنوك الاستثمارية الاوروبية العاملة في دبي «بعبع ليمان براذرز» وما حل بموظفيه في العالم وفي دبي يذكرنا كل يوم اننا نعيش ازمة اقتصادية لن ترحم احدا» وفي وقت سابق اوضحت دراسة أجرتها «كومسايك كوربريشين»، وهي شركة معنية بمساعدة طبقة العمال أن المخاوف المالية تحرم تسعة من كل عشرة أميركيين التمتع بالنوم لكن العاملين في القطاع المصرفي في دبي لا يبدون في وضع افضل كثيرا من اولئك الاميركيين فمن خلال معظم من استمزجت «الشرق الاوسط» ارائهم من العاملين في القطاع المصرفي في دبي لا تبدو القضية ضربا من المبالغة او المزاح حيث يبدو مصطلح انهاء الخدمة او «التفنيش» هاجسا مرعبا يرافقهم في خضم هذه الازمة وينعس على تصرفاتهم اليومية بشكل واضح». يقول جاسم وهو يعمل في بنك غربي في دبي«اصبحت اتعامل مع كلام مدرائي بكثير من التحليل لاعرف ما المقصود منه فيما اذا كان «تفنيشي قريبا». فيما يروي عماد ان احد اصدقائه في البنك نصحه بعدم التأخر عن العمل ولو لخمس دقائق فيما قد يعتبره المديرون حجة للاستغناء عنه في ظل الضغوط لتقليص النفقات. وبالتأكيد كما يتابع عماد «اخذت بالنصيحة فنحن اصلا كنا نخاف مع أي تقلب يصيب السوق في القطاع المصرفي فكيف سيكون الحال في ظل هذه الازمة».

اما المحلل المالي ايمن عبد النور فيرى في حديثه لـ«الشرق الاوسط» ان القلق في هذه المرحلة يساور العاملين في فروع البنوك الاوروبية العاملة في دبي بحكم ان بقاء هذه الافرع وسلامتها هو رهن بمدى قوة مراكزها الرئيسية في اوروبا واميركا وقدرتها على الصمود في وجه الازمة «معتبرا ان لا داعي لقلق العاملين في البنوك الاماراتية مثلا بحكم الدعم الذي تتلقاه من الدولة عدم ارتباطها بشدة بالاسواق العالمية».

ويخلص عبد النور الى القول اتوقع ان نسمع قريبا انباء كثيرة عن اقالات وتسريحات تلحق بمصارف عالمية وتمتد الى فروعها في الخليج معتبرا ان الشريحة الاكثر تهديدا بالتسريح في قطاع المصارف هي شريحة المديرين بسبب اجورهم المرتفعة والقدرة على الاستغناء عنهم واستبدالهم بمستويات ادارية اقل».