الرجل الذي تنبأ بالأزمة المالية العالمية قبل 25 عاما

لو بقي الأميركي روبرت بيكمان حيا اليوم لكان «أكثر المطلوبين» في العالم

TT

لو قدر له العيش الى غاية اليوم لكان الخبير الأميركي روبرت بيكمان «أكثر المطلوبين» في العالم، لكانت وكالات الأنباء وصحف وتلفزيونات العالم تتسابق للظفر بموعد أو لقاء معه..لكانت دور النشر العالمية تتنافس على عرض ملايين الدولارات للحصول على حقوق نشر كتابه المقبل..لكان هو وضع رجلا على رجل وقال: «ألم أقل ذلك قبل 25 عاما.. ألم أحذر من أن موجة هبوط اقتصادي عالمية عاتية مقبلة..وأن الكساد الاقتصادي الكبير الثاني بعد كساد ثلاثينات القرن الماضي في الطريق ؟!». ولكان بيكمان اضاف بنبرة ممزوجة بالانتصارية والانتقام: «كثير من سموا انفسهم بالخبراء الاقتصاديين اتهموني بـ«التخريف» وبالتهويل والشعبوية ..أين هم الآن». وكان الخبير والمحلل المالي الاميركي روبرت بيكمان، الذي اقام وعمل في لندن لسنوات طويلة، نشر كتابا عام 1983 بعنوان «موجة الهبوط.. كيف تنجو من الكساد الكبير الثاني..كل شيء كان يقوله الخبراء لو تجرؤا على ذلك فقط».

وتوقع بيكمان في كتابه ما اعتبره الكثيرون آنذاك سيناريوهات كارثية، لكنها ليست بعيدة عما يحدث الآن ومن بين ما توقعه: دول تواجه خطر الافلاس، انهيار أسعار الاسهم، انهيار بنوك كبيرة وصغيرة، افلاس شركات وفقدان ملايين الوظائف. وركز بيكمان على انهيار اسعار المنازل، التي اعتبرها الرقم الأكبر في المعادلة، باعتبار ان العقارات تحولت الى فقاعة مضاربة وسيأتي اليوم الذي تنفرط فيه مخلفة وراءها كوارث. وهو ما حدث فعلا مع انهيار سوق العقارات الاميركي الذي كان بمثابة مركز هزة الازمة المالية التي كانت لها ارتداداتها العالمية بعد ذلك. وبنى بيكمان توقعاته على «نظرية دورة النشاط الاقتصادي» لعالم الاقتصاد الروسي نيكولاي كوندراتييف، التي وضعها حتى قبل أزمة الكساد الكبير التي أعقبت انهيار 1929 في اميركا، والتي تقول بان الاقتصادات الرأسمالية تعتمد على مدة طويلة من الازدهار الاقتصادي تمتد من 54 الى 60 عاما، تعقبها فترة كساد.

وعلى اساس هذه النظرية توقع بيكمان انه على اعتبار ان الكساد الكبير الأول كان عام 1929، فان الكساد الثاني سيكون بنهاية ثمانينات القرن الماضي.

وان كانت وقعت أزمة اقتصادية في بريطانيا في بداية تسعينات القرن الماضي مع انهيار سوق العقارات، ثم الانهيار الاقتصادي في آسيا في نهاية التسعينات، لكن الازمة لم تتحول الى موجة الهبوط الكبير الذي توقعه بيركمان، لكن متابعين يرون أن تنبؤات الخبير الاميركي تبقى صحيحة في مجملها لان بيركمان وان لم يتوقع أن تتدخل الحكومات خاصة الغربية لمواجهة ازمة التسعينات بضخ الاموال في عملية تسكينية مؤقتة، وان أطالت عمر النمو الاقتصادي العالمي لاكثر من 15 سنة فانها في الحقيقة عمقت من الجرح الاقتصادي وزادت الفقاعة انتفاخا قبل ان تنفرط عام 2007 وتظهر موجة الهبوط الاقتصادي التي توقعها بيركمان قبل 25 عاما، عبر تسونامي أزمة الرهن العقاري في أميركا الذي كان له ارتدادات عالمية، ويطل غول الكساد الكبير الثاني الذي حذر منه بيركمان.