بعد قمة الـ 20 في واشنطن الرئيس الفرنسي يريد قمة مماثلة في بلده

إعلان ساركوزي مثل مفاجأة

TT

غادر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، قمة مجموعة العشرين التي عقدت في الاسبوع الماضي في واشنطن منتصرا، وأعلن ان المؤتمر تمكن من ترويض روح الرأسمالية الاميركية. ثم عاد لبلاده واعلن انه سيعقد قمة أخرى بعد عدة اسابيع في باريس حول نفس الموضوع.

وقد اثار ذلك ضجة في الدوائر الدبلوماسية، ليس فقط لأنه يتعارض والقمة المتوقعة لقادة دول مجموعة العشرين في شهر ابريل المقبل. ولكن تصريحات ساركوزي المتشددة ادت الى توتر المسؤولين الاميركيين، وقالوا إنه يبدو مصمما على تحويل الازمة المالية، الى استفتاء على امراض ومشاكل الرأسمالية المطلقة.

وقال سيمون جونسون كبير الاقتصاديين السابق في صندوق النقد الدولي، ان «ساركوزي يدعي انه نجح في مواجهة الاميركيين. وقال ان الولايات المتحدة وافقت على مجموعة كاملة من المفاوضات بخصوص اللوائح. الا انه لم يتفاوض على أي من تلك الأشياء».

ومما زاد الأمر سوءا، ان ساركوزي لم يقل شيئا بخصوص خطته لعقد اجتماع في باريس، سواء لبوش او غيره من قادة باقي مجموعة العشرين خلال وجوده في واشنطن. وذكر دبلوماسي اوروبي كبير، انه وجد الاقتراح الفرنسي «مثيرا للدهشة» بينما ذكر مسؤول اميركي، ان ذلك التعبير هو «وصف مهذب».

وذكر مسؤولون فرنسيون ان الاجتماع يومي 8 و9 يناير (كانون الثاني)، الذي سيستضيفه بالاضافة الى ساركوزي، رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، هو مجرد مؤتمر، يهدف الى جمع قيادات سياسية ومفكرين، لمناقشة قضايا مثل العولمة وقيم الرأسمالية.

ان الافراط في عقد مؤتمرات القمة، يعكس ما اصبح منافسة عبر الاطلنطي تتميز بالحدة، بخصوص الاقتصاد العالمي. كل ذلك ينطلق من قيادات طموحة، ولكنه يعكس ايضا نقاشا فلسفيا صادقا بخصوص افضل الوسائل لحل مشاكل اسواق المال المحطمة.

فمن ناحية يقف ساركوزي، الزعيم الفرنسي بالغ التحمس، والمصمم على استمرار المبادرة عما يعتبره العديد في اوروبا نقاشا تأخر حول الافراط في الرأسمالية على الطريقة الاميركية.

من ناحية أخرى يقف بوش، في آخر اسابيع له في السلطة ولكنه لا يرغب في السماح للاوروبيين، ولا سيما الفرنسيين، بالسيطرة على النقاش حول كيفية اصلاح اللوائح المالية الدولية.

ومما لا شك فيه ان الزعيمين لديهما تفسيرات مختلفة لما حدث في الاجتماع. فقد صور ساركوزي الامر باعتباره تحولا في السلطة، عندما قال «لقد عبرت اوروبا للمرة الاولى عن تصميم واضح». واضاف «لم يرغب الاميركيون ابدا في التفاوض حول هذا النوع من التغييرات في اللوائح».

لقد أقر بوش ان الاجتماع كان مثمرا. ولكنه لاحظ ان الزعماء اعادوا تأكيد قيم حرية الاسواق، والتجارة الحرة واولوية اللوائح الوطنية ـ وكلها قواعد الرأسمالية الاميركية.

ان توقيت مؤتمر ساركوزي في شهر يناير قد اثار ضجة، اكثر مما اثارته اجندة المؤتمر، لأن مجموعة العشرين وضعت خطة تفصيلية لمواجهة اصلاح اللوائح. وشكلت مجموعات عمل للتقدم بمقترحات حول 47 نقطة يبحثها الرؤساء فيما بعد، من المحتمل في لندن.

وسيحضر الرئيس المنتخب باراك اوباما اجتماع دول العشرين، لأنه سيكون قد تولى منصبه، الا انه لن يتمكن من حضور مؤتمر باريس، وهو ما يعني ان المشاركين سيناقشون مستقبل الرأسمالية في الوقت الذي لا يزال الممارس الاول لها في مرحلة انتقالية.

وبالرغم من ان قصر الاليزيه (مقر الرئاسة الفرنسية) اعلن ان اللقاء هو قمة دولية، فإن مساعديه اكدوا انه لقاء غير رسمي غير مرتبط بقمة العشرين.

ومن المتوقع حضور كل من جوزيف ستيغليتز وامارتيا سين الحائزين على جائزة نوبل في الاقتصاد. وسيتولي بلير الاتصال بالقيادات العالمية. واضاف مساعدو ساركوزي ان الوقت لا يزال مبكرا لمعرفة من سيحضر بالضبط.

وأوضح مسؤول فرنسي، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، مثل العديد من المسؤولين الفرنسيين، لأنه لم يسمح له بالحديث علنية «ان الاجتماع هو فكرة مشتركة لتوني بلير ونيكولاس ساركوزي، كانت الفكرة قد طرأت عليهما منذ فترة». بالرغم من رفض بوش عقد الاجتماع في نيويورك. وذكر مسؤولون اميركيون ان توسيع نطاق الدول المشاركة الى عشرين دولة، كان فكرة بوش، بدلا من العدد التقليدي للمشاركين في مثل هذا النوع من المؤتمرات الذي يتراوح بين 7 و8.

ويجدر القول أن الأرضية المشتركة بين اوروبا والولايات المتحدة، اكبر مما تشير اليه البيانات العلنية. فقد اظهرت الولايات المتحدة الرغبة لقبول لوائح حول عدد كبير ومتنوع من المؤسسات والاسواق، بما في ذلك نظام «تبادل الديون المتخلفة» وهو نوع من التأمين على السندات ـ ومن المحتمل شركات الاسهم الخاصة وصناديق التحوط، غير الخاضعة لأية تنظيمات الان.

وقال دافيد ماكورميك وكيل وزارة الخزانة للشؤون الدولية «ربما شعر الناس بالدهشة من رغبة الولايات المتحدة في التعاون في هذه القضايا».

وعلى الرغم من ان الفرنسيين يفضلون دورا قويا للدولة في القضايا الاقتصادية واكثر ميلا للوكالات التنظيمية عبر الحدود، فإنهم لم يقترحوا مثل تلك الاجراءات. ويرجع ذلك لأن كل من بريطانيا والمانيا قاومت الفكرة.

ـ ساهمت كاترين بنهولد في التقرير من باريس.

* خدمة «نيويورك تايمز»