باروسو يكشف النقاب عن خطة تحفيز الاقتصاد الأوروبي

قيمتها 259 مليار دولار لتنشيط الإنفاق وإعادة ثقة المستثمرين

مانويل باروسو رئيس المفوضية الأوروبية يعلن عن خطة التحفيز في بروكسل أمس (رويترز)
TT

أعلنت المفوضية الأوروبية ببروكسل أمس عن خطة لتحفيز الاقتصاد الأوروبي خلال المرحلة المقبلة، تصل كلفتها 200 مليار يورو (259 مليار دولار) أي ما يعادل 1.5 في المائة من الناتج القومي الإجمالي للاتحاد. على أن يكون إجمالي ما تتحمله الدول الأعضاء  170 مليار يورو من هذه المبالغ، بينما يتقاسم الاتحاد ومصرف الاستثمار الأوروبي الـ30 مليار الباقية، و«سيقدم مصرف الاستثمار هذه المبالغ على شكل قروض».

وخلال مؤتمر صحافي مشترك بمقر المفوضية ببروكسل لرئيس المفوضية الأوروبية مانويل باروسو والمفوض الأوروبي المكلف بالشؤون النقدية والاقتصادية، أفاد باروسو أن الخطة التي تستمر لمدة عامين، ما يسمح للاتحاد بتجاوز الأزمة الحالية والإعداد لمرحلة مستقبلية تضمن «عدم تكرار ما حدث». ووصف رئيس الجهاز التنفيذي ما أعلن عنه بالقول انه إطار عمل لتأمين «رد أوروبي منسق»، حيث «لا يمكن فرض نموذج موحد على كل الدول الأوروبية التي تعتمد أساسيات اقتصادية مختلفة وتواجه أوضاعا متباينة».

وفي تصريحات الى «الشرق الأوسط»، قال كبير المتحدثين في المفوضية يوهان ليتنبرغر ان مقترحات المفوضية سوف يعقبها فترة من المشاورات والاتصالات المكثفة بين الدول الأعضاء حول المقترحات وسيكون اجتماع الأسبوع القادم لوزراء الاقتصاد في دول الاتحاد فرصة لمناقشة المقترحات ونأمل أن يحدث توافق بين الدول الأعضاء قبل القمة المقررة في الحادي عشر والثاني عشر من الشهر القادم لإقرارها بشكل نهائي. وتنحصر أهم نقاط المخطط في اللجوء إلى حوافز ضريبية مترافقة مع إصلاحات قطاعية في الدول الأعضاء والاستثمار في مجالات «أكثر ذكاء وديمومة ومراعاة للبيئة». وشدد رئيس المفوضية الأوروبية على ما يحتويه مخططه من إمكانيات لخلق فرص عمل جديدة في مجالات البنى التحتية والاتصالات والتقنيات وتحديث الصناعات التقليدية والأبحاث بشكل يراعي البيئة ويتوافق مع الأهداف الأوروبية بخصوص التغير المناخي. وأضاف ليتنبرغر «من الضروري أن نعمل على أن تؤدي الاستثمارات التي سنضخ فيها الأموال حالياً إلى منافع مستقبلية لتفادي الدخول في حلقة مفرغة من الديون والبطالة».

وأضاف باروسو أن الحكومات الوطنية تتمتع بـ«الحرية الكاملة» في اتخاذ ما تراه مناسباً من إجراءات على أن لا يخرج ذلك عن الإطار الذي أعلن اليوم والمستند على خلق فرص عمل في مجالات «محدثة وصديقة للبيئة» وتسهيل حصول الشركات على التمويل اللازم لدورة الاقتصاد وزيادة الاستثمارات في عمليات تحديث البنى التحتية والعمل على توفير استهلاك الطاقة ودعم الأعمال البحثية.

وقال فيران تارديلاس المتحدث باسم المفوض الأوروبي لشؤون الطاقة في تصريحات لـ «الشرق الأوسط»، إن هناك ثلاثة اهداف تريد المفوضية الاوروبية تحقيقها احدها، احترام المنافسة في داخل المجموعة الأوروبية الموحدة، بشرط استقرار الاسواق وطمأنة المستهلك وخاصة أسواق الطاقة. هذا الى جانب ضرورة احداث فرص عمل في مجال الطاقة وآليات إنتاج تستجيب لكل معايير الأمان ولخدمة المستهلك الأوروبي.

وحول ما تنوي بعض الدول القيام به من تخفيض لقيمة ضريبة القيمة المضافة، لم يخرج رد باروسو عن إطار الإقرار بصلاحيات الدول الأفراد، وقال «إن مسألة التعامل مع تأثير الحوافز الضريبية على الاستهلاك هي مسألة ثقافية تختلف باختلاف الدول، وهنا يمكن لكل دولة رؤية ما يمكن أن تعمله من أجل استعادة ثقة المستهلك والمستثمر».

ونفى باروسو أي نية للاتحاد بتغيير قواعد وثيقة الاستقرار والنمو الاقتصادي، وقال «نحن سنستخدم الحد الأقصى من المرونة المتوفرة في هذه الوثيقة ولكن لمدة محدودة»، في إشارة منه إلى تساهل الاتحاد مع بعض الدول الأعضاء التي يتجاوز فيها عجز الموازنة الـ3 بالمائة من الناتج الإجمالي، حيث يمكن للمفوضية بموجب الوثيقة المذكورة إمهال الدولة لمدة عام واحد.

وحول المجالات التي يطلب تحديثها وزيادة الاستثمار فيها، ذكر باروسو قطاعي البناء وصناعة السيارات، وقال «لا نريد الاستثمار في صناعة سيارات تقليدية، بل في صناعة تعتمد على الطاقة النظيفة وفي قطاع بناء يساعد على تخفيض استهلاك الطاقة». وركز رئيس الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي على البعد الاجتماعي الذي ينطوي عليه مخططه الرامي إلى «وضع المال في جيب من يحتاجه» على حد تعبيره، وذلك عن طريق خلق فرص عمل ومساعدة الشرائح الأكثر فقراً في المجتمعات الأوروبية.

وقال باروسو انه على قناعة بان خطته سوف تلقى الدعم والمساندة من الدول الأعضاء لان الخطة تحتوي على العديد من الأفكار الايجابية ستدعم الحكومات الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وأضاف باروسو متسائلاً «إذا لم تتحرك الدول الأوروبية بشكل منسق الآن، فمتى سيكون ذلك؟»، موجهاً دعوة لزعماء هذه الدول لدراسة الخطة، «التي أتت ثمرة تشاور سابق»، قبل إبداء أي تحفظ عليها. واعرب رئيس المفوضية عن التفاؤل بامكان ان يقر زعماء الدول الاعضاء في التكتل الاوروبي الموحد هذه الخطة كما نأمل ان يقرها البرلمان الاوروبي ايضا.

وفي رد فعل برلماني أولي، رحب نواب مجموعة التحالف الليبرالي الديمقراطي في البرلمان الأوروبي بهذه الخطة «لأنها تركز على ضرورة خلق نموذج اقتصادي أوروبي جديد وصديق للبيئة»، حسب تعبير غراهام واطسن رئيس المجموعة. ونبه البرلماني الأوروبي واطسن إلى ضرورة العمل على دعم الصناعات التي تحترم البيئة ورفع القدرة الشرائية.