«أوبك» تبحث الوضع في سوق النفط وقرار خفض الإنتاج غير متوقع بالقاهرة

خبير نفطي: بإمكان الكارتل اقتطاع أكثر من مليوني برميل يوميا

أوبك قد تخفض الإمدادات في الأسابيع المقبلة فيما أشارت ايران وفنزويلا الى احتمال الخفض في اجتماع القاهرة (أ.ب)
TT

يجري وزراء منظمة أوبك مشاورات بشأن خفض كبير في إمدادات النفط في اجتماع القاهرة السبت بهدف وقف هبوط حاد في الأسواق دفع الأسعار إلى ما دون 50 دولارا للبرميل.

ولأكثر من الفترة القياسية التي تقدر بـ 40 يوما، ظلت أسعار برميل نفط أوبك تتراوح في إطار ما دون الخمسين دولارا، وفيما لا يتوقع ان يعلن وزراء منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» في اجتماعهم بعد غد، عن خفض جديد للانتاج، الا ان تلك هي القضية الاولى مثار النقاش، في ظل هذا الركود الاقتصادي العالمي، الذي يؤدي يوما بعد يوم لانكماش في الطلب العالمي للنفط ما ينعكس انهيارا في الاسعار .

وفي حوار لـ«الشرق الأوسط» مع المحلل الدولي لشؤون النفط اديسون ارم استرونق، مدير شؤون الأسواق بوكالة الطاقة التقليدية، أشار إلى أن أسعار النفط واصلت انخفاضها لبعض الوقت إلا أنها ستعود ترتفع مرة أخرى. وأوضح أن دخول فصل الشتاء بهذه القوة سيساعد قليلا على ذلك، لازدياد الطلب على وقود التدفئة. فيما ستظل آثار الأزمة الاقتصادية العالمية، اشد قوة وأعظم تأثيرا على الأسعار، مما اثر وسيؤثر بدوره على الدور الفاعل لاوبك وقراراتها على الاسواق التي لم تتأثر مطلقا بقرار اوبك الاخير بخفض انتاجها بواقع 1.5 مليون برميل يوميا.

وأوضح استرونق أن الأسواق ما تزال تفيض بنفط يزيد عن حاجتها، ما يسمح لأوبك بامكانية اقتطاع اكثر من مليوني برميل يوميا، وذلك حتى تحدث اثرا وربما المزيد من الخفض، اذ يقدر البعض أن أسواق النفط تفيض بما قد يصل الى 4 ملايين برميل يوميا، وذلك بسبب الانكماش  على الطلب عالميا وانفراط الثقة في الاسواق. من جهة أخرى، أفاد المحلل الدولي أن أسعار النفط لابد ان تعود للارتفاع، حتى يتمكن قطاع النفط من الاستثمار للكشف عن مزيد من الحقول، ولمد مزيد من الخطوط ولانشاء مزيد من المصافي وتعمير الموجود منها والإنفاق على صيانتها، ملاحظا ان عدم تحقيق ذلك سينعكس بدوره سلبا على الامدادات النفطية، مما قد يؤدي لرفع الاسعار لمستويات قد تفوق المستويات القياسية، التي حققتها الصيف الماضي.

من جانب آخر قلل ارم استرونق من التصريحات الايرانية التي تؤكد مقدرة إيران على التعايش مع أسعار النفط، حتى لو انهارت الى 10 او 5 دولارات للبرميل، مؤكدا ان ذلك سيشل الميزانية الإيرانية، مواصلا ان اقتصادات اكثر قوة كالخليجية مثلا ستتأثر لو انهار سعر البرميل لـ 30 دولارا، لا سيما ان معظم تلك الميزانيات تعتمد على سعر يتراوح ما بين 50 إلى 30 دولارا، مضيفا ان المرحلة الانتقالية التي تعيشها الادارة الاميركية حاليا، تعتبر عاملا مساعدا للمنظمة في حالة قررت حتى اجتماعها القادم في وهران الجزائرية باعلان خفض جديد، ما سيقلل من العتب السياسي والانتقاد لأوبك. وقلل وزراء من احتمال اتخاذ قرار قبل اجتماع وهران لرسم السياسة الإنتاجية يوم 17 ديسمبر (كانون الأول) المقبل لكن أوبك بحاجة لتوجيه رسالة قوية بأنها تنوي سحب فائض المعروض النفطي من الاسواق والا فانها تخاطر بمزيد من انخفاض الاسعار.

وقد ارتفعت أسعار النفط ارتفاعا طفيفا بعد أن هبطت الأسبوع الماضي الى 48.25 دولار للبرميل لتصل الى أضعف مستوياتها منذ مايو (ايار) عام 2005. وقال مندوب لدى أوبك طلب عدم نشر اسمه «الأسعار مازالت تنخفض و50 دولارا سعر منخفض جدا، هذه هي المشكلة». ومنذ سجل النفط أعلى مستوى له على الإطلاق في يوليو (تموز) الماضي عند 147.27 دولار للبرميل انخفضت الاسعار ما يقرب من 100 دولار تحت وطأة أسوأ تباطؤ اقتصادي منذ الحرب العالمية الثانية مما تسبب في تراجع الطلب على الوقود وأقنع الكثيرين في أوبك بأن انخفاض الأسعار قد يستمر.

وقال وزير المالية السعودي يوم الثلاثاء ان الاضطرابات التي تشهدها أسواق النفط والمال قد تستمر عاما اخر، لكن المملكة العربية السعودية أكبر المنتجين في أوبك لم تعلق حتى الان على السياسة الانتاجية.

الا أن شكيب خليل رئيس أوبك والكويت وايران وفنزويلا قالوا ان أوبك قد تخفض الامدادات في الاسابيع المقبلة بل ان ايران وفنزويلا أشارتا الى احتمال خفض الانتاج في اجتماع القاهرة.

وقال خليل الذي يشغل أيضا منصب وزير الطاقة الجزائري للصحافيين قبل أيام انه يعتقد أنه اذا عقدت أوبك اجتماعا فان خفض الانتاج مليون برميل يوميا فقط لن يكفي، لكنه قال أيضا ان المنظمة لن تكون لديها على الارجح معلومات عن أثر التخفيضات السابقة التي قررتها قبل اجتماع ديسمبر، مشيرا فيما يبدو الى أن اتخاذ قرار في الاجتماع التشاوري الذي يعقد في العاصمة المصرية سيكون سابقا لاوانه. وقال مدير تنفيذي بشركة نفط غربية «أوبك تريد اتخاذ قرار مدروس وليس خفضا متسرعا، ولا يريدون أن يبدوا بمظهر من دب الذعر في قلوبهم».

وفي حين أن أوبك تجنبت تحديد سعر مستهدف فان الكثيرين في المنظمة يقولون ان سعر 70 دولارا معقول للمنتجين والمستهلكين ويتيح لشركات النفط حافزا كافيا للاستثمار في زيادة الامدادات. وقال خليل ان انخفاض السعر دون 70 دولارا سيؤدي الى وقف الكثير من مشروعات الإنتاج الجديدة.

وتتباين متطلبات دول أوبك المختلفة فيما يتعلق بالأسعار ويمثل سعر 70 دولارا مستوى متوسطا.

وقال ديفيد كيرش المدير بشركة بي.اف.سي انرجي «بينما تحتاج ايران وفنزويلا سعرا أقرب الى 100 دولار للبرميل لموازنة المعاملات الخارجية فان بقية أوبك ستبدأ بالإحساس ببعض المشاكل المالية الحقيقية عند سعر 50 دولارا للبرميل».

وتنتج أوبك نحو 40 في المائة من النفط العالمي وقد اتفقت منذ أوائل سبتمبر (ايلول) الماضي على خفض الامدادات بنحو مليوني برميل يوميا أي بنحو 3.2 في المائة من الطلب العالمي.

ومازال الطلب العالمي أعلى من السقف البالغ 3. 27 مليون برميل يوميا الساري على 11 عضوا من أعضاء أوبك، لكن المحللين يقدرون أن أوبك لم تلتزم سوى بنصف التخفيضات الموعودة، والعراق هو العضو الوحيد في أوبك الذي لا يسري عليه نظام الحصص.

وأوضح مايكل لويس من دويتشه بنك «احساسنا أن الامر يستغرق نحو عام لكي تنجح أوبك في تحقيق الاستقرار لسوق النفط خلال انخفاض الاسعار، مازلنا نتوقع انخفاض الاسعار الى نحو 30 إلى 35 دولارا للبرميل بنهاية العام، وهذه هي المخاطرة».

وتخشى أوبك من الانكماش الحاد في نمو الطلب على النفط في الولايات المتحدة أكبر مستهلك للطاقة في العالم وفي أوروبا وبعض أنحاء اسيا بسبب الركود الاقتصادي، بل ان بعض التقديرات تشير الى احتمال انخفاض الطلب على النفط في العام المقبل لاول مرة منذ حوالي 30 عاما وهو ما سيؤدي الى زيادة كبيرة في المخزونات اذا لم تقلص أوبك المعروض.

ويقول أحدث تقرير شهري لوكالة الطاقة الدولية ان مخزونات النفط بالدول الاعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ترتفع بسرعة.

وفي نهاية سبتمبر (ايلول) أصبحت هذه المخزونات تعادل استهلاك 55 يوما بزيادة 2.2 يوم عن متوسطها للفترة 2003-2007. وتشير البيانات الاولية لشهر أكتوبر الى ارتفاعها الى 56 يوما.