فرنسا تحاول تدارك تأخرها في المصرفية الإسلامية أمام بريطانيا

وزيرة الاقتصاد تعد بإجراءات تسهيلية للقطاع قبل نهاية العام الحالي

TT

شارك أكثر من 200 مدعو في منتدى الصناعة المصرفية الإسلامية الثاني الذي عقد في باريس بدعوة من غرفة التجارة الفرنسية ـ العربية وشركة سيكيور فرانس وغالبيتهم تنتمي الى عالم المال والأعمال والقانون فضلا عن حضور رسمي فرنسي من وزارة الاقتصاد والمال وبورصة باريس وسلطة الرقابة عليها وخبراء وفقهاء مسلمين. وإذا كان منظمو المؤتمر حرصوا على إدراج أعماله في إطار الأزمة المالية المعولمة، فإن الغرض الحقيقي هو بحث العوائق التي حالت حتى الآن دون أن تلحق الساحة المالية الفرنسية بما تعرفه ساحات أخرى مثل لندن وجنيف وغيرها لجهة اجتذاب الأموال «الإسلامية» التي تبحث عن فرص استثمارية في الغرب ولكن في إطار الأدوات المالية الإسلامية. والسؤال الذي طرح أكثر من مرة هو: متى سترى النور في باريس مصارف إسلامية أو متى ستكون للمصارف الفرنسية أو المصارف الأجنبية العاملة في فرنسا أدوات استثمارية إسلامية أو أقسام تمارس أعمال ووظائف بنوك التجزئة والإدارة الإسلامية للحسابات؟ أربع جلسات عامة وورش عمل ومداخلات ونوعيات محاضرين جاءت من أفق مختلفة ساهمت كلها في إثراء النقاش الذي طال ليوم كامل. وقد حرصت وزيرة الاقتصاد الفرنسي كريستين لاغارد على إيصال رسالة واضحة للمؤتمرين، فحواها أن الحكومة تعي أهمية الصناعة المصرفية الإسلامية وأنها تعمل على اتخاذ التدابير اللازمة لتسهيل قيامها واعدة بالإعلان قبل نهاية العام الجاري عن «إجراءات» عملية في هذا الصدد. وقالت لاغارد في رسالة للمؤتمرين، إن لندن «ليست الممر الإلزامي للصناعة المصرفية الإسلامية» في أوروبا معربة عن عزمها على إيجاد الإطار القانوني والضريبي المناسب لاجتذاب وتطوير هذه الصناعة.

وفي دعوة واضحة للمعنيين بالأمر، قالت لاغارد إن البنوك التي ترغب في القيام بعمليات مالية «تتوافق مع ما تنص عليه الشريعة الإسلامية فيمكنها القيام بذلك على الأراضي الفرنسية». وذكرت الوزيرة الفرنسية بما قررته سلطة الرقابة الفرنسية على السوق المالية لجهة تطويع أشكال الرقابة لتطوير الصناديق الاستثمارية الإسلامية. ولخص رئيس الغرفة التجارية الفرنسية ـ العربية ووزير الخارجية الأسبق هيرفيه دو شاريت الشعور العام بقوله: «ثمة 700 مليار يورو (من الأموال الإسلامية) تبحث عن فرص استثمارية وإذا عزلت فرنسا نفسها، فإنها ستفقد إمكانية الوصول الى هذه الأموال بينما هي في أمس الحاجة إليها لتمويل اقتصادها زمن الأزمة التي تعصف باقتصاديات العالم. وشدد دو شاريت على ضرورة أن ترفع العوائق الموضوعة بوجه تطوير الصناعة المالية الإسلامية في فرنسا.

والواقع أن هذه العوائق لها أكثر من وجه ولا تنحصر فقط بالحاجة لبلورة تشريعات تطبق على الاستثمارات ذات طابع إسلامي. وتحدث أحد المسؤولين الماليين الذي حضر المؤتمر بصراحة لـ «الشرق الأوسط» عن «العوائق» فاعتبر أن «لا خلاف على المبادئ العامة والرغبة الشديدة» في استقبال الأموال ذات المصدر الإسلامي رغم أن التقليد الفلسفي والقانوني والمالي الفرنسي يرفض «التمييز» ويتحاشى قيام مؤسسات مالية على أسس عرقية أو دينية. فالتحفظ الأول يكمن في رغبة السلطات الفرنسية بالتأكد من مصادر الأموال وتوفير الشفافية والرقابة على الأدوات الاستثمارية والضمانات التي توفرها المصارف «العادية». وقال أرنو دو بريسون، المندوب العام لساحة باريس المالية، إن الجهة التي يمثلها تدفع باتجاه تقديم طلبات لإنشاء مصارف إسلامية في فرنسا وهي تنتظر قيامها. وجاء كلام بريسون ردا على من يفسر غياب هذه المصارف في فرنسا بغياب الطلب عليها وبرغبة الفرنسيين المسلمين أو المسلمين المقيمين على الأراضي الفرنسية بأن يعاملوا كبقية المواطنين. وأصدرت ساحة باريس كتيبا بعنوان «تحديات وفرص تنمية الصناعة المصرفية الإسلامية لساحة باريس المالية» وزع على المؤتمرين وهو يتضمن عشر توصيات لجمع مائة مليار يورو من الأموال الإسلامية. وقدرت الدراسة أن الصناعة المالية الإسلامية ستصل الى أرقام بالغة الارتفاع بحلول العام 2020 إذ ستبلغ 1300 مليار دولار وهو ما يساوي ثلث الموجودات الخاصة للبنوك في العالم للعام الماضي. وللتدليل على تأخر فرنسا عن غيرها وتحديدا عن بريطانيا، اشار الدكتور صالح الطيار، الأمين العام للغرفة، الى أن الحكومة البريطانية تنوي إصدار صكوك إسلامية فيما كشف البنك الياباني للتعاون الدولي عن عزمه على إصدار سندات إسلامية. كذلك فإن الولايات المتحدة الأميركية شهدت في ولاية تكساس أول إصدار لصكوك إسلامية.