عرب الداخل يحدثون فرقا في الحركة التجارية في أسواق مدن محاصرة بالضفة الغربية

تجار لـ «الشرق الأوسط»: ينعشون السوق وبدونهم يصبح الاقتصاد مدمرا

TT

بعد ثماني سنوات من الجفاف الاقتصادي، في مدن شمال الضفة الغربية، بدأت الحركة التجارية تنشط، في نابلس وجنين وطولكرم، بسبب سماح اسرائيل لعرب 48 بالتسوق من هذه المدن، بعد منعهم منذ عام 2000، بدعوى انها مدن غير آمنة بفعل وجود ناشطين مسلحين.

غير ان إسرائيل لا تسمح لعرب 48 بالدخول بسياراتهم الى كل هذه المدن، وهو ما يجعل الحركة التجارية اقوى في مدينة من غيرها، فبينما سمحت اسرائيل لدخول فلسطيني الداخل بسياراتهم الى طولكرم ونابلس منعت ذلك في جنين، وسمحت لهم بدخول المدينة سيرا على الاقدام.

وقال نصر عطيانه مدير الغرفة التجارية في جنين لـ«الشرق الاوسط» دخول عرب 48 انعش الحركة الاقتصادية، لكن ليس كما يجب بسبب منعهم من الدخول بسياراتهم». واضاف «لا يستطيعون ان يشتروا كل شيء وبسبب انهم يسيرون على الاقدام لمسافة 400 متر حتى يقطعوا الحاجز الإسرائيلي فان الطلب يصبح اقل». واستطرد قائلا «لكن طلب اقل أفضل من لا طلب بالتأكيد، تحت كل الظروف احدثوا فرقا».

وكانت اسرائيل تمنع دخول فلسطينيي 48 الى جنين، ومدن شمال الضفة تحت ذرائع امنية مختلفة، ومارست السلطة ومعها اللجنة الرباعية وحتى الولايات المتحدة ضغوطا للسماح لهؤلاء بالتسوق من جنين. وذلك لتحسين الاقتصاد في المدينة بموازاة الخطة الامنية التي تطبقها السلطة هناك.

ويسعى رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض لإحداث تنمية اقتصادية حتى في ظل الاحتلال. ويدفع الرجل لتحسين الأمن والاقتصاد معا ويعتبر ان كلا منهما بوابة الاخرى. إلا ان خطط السلطة كثيرا ما تصطدم بواقع صعب على الأرض، فبالرغم من كل العمل من اجل تحويل نابلس إلى عاصمة اقتصادية، لم يسمح لعرب 48 من الدخول الى المدينة الا اول من امس وحتى رابع ايام العيد فقط كما ان الحواجز لم تتراجع سنتميترا واحدا.

وحتى الامس، كان دخول هؤلاء الى نابلس التي يعول تجارها على انعاش الحركة التجارية خلال هذه الايام القليلة، منخفضا، بسبب اعمال شغب يقوم بها مستوطنون على الطرق الرئيسية للمدينة. وقال نايف حجاب، وهو تاجر من نابلس لـ«الشرق الأوسط» عدد السيارات الإسرائيلية لازال قليلا في المدينة بسبب إغلاق الطرق». وبحسب حجاب، فالحركة لازالت ضعيفة إلا انه يأمل في ان يتمكن عرب الداخل من الوصول الى نابلس كما كانوا قبل الانتفاضة. وقال «كانوا شريان الحياة الاقتصادية، وبدونهم يصبح اقتصاد نابلس دمار».

وقال امجد العداسي الذي يملك محلات لبيع الكنافة النابلسية الشهيرة في نابلس وبيت لحم، لـ«الشرق الاوسط»، «اهل الداخل لا يغامرون بسبب حواجز الاحتلال والمستوطنين، وكان الإسرائيليون يحققون مع اي فلسطيني من هناك يدخل الى نابلس، الوضع كان صعبا». وبحسب العداسي، فان فرقا هائلا يحدثه عرب 48 بدخولهم نابلس، «الحياة الاقتصادية تتغير تنتعش وتقفز». وكانت مدن شمال الضفة الغربية التي تقع على خط التماس مع مدن إسرائيلية، سوقا كبيرة لعرب الداخل، قبل ان تغلقها إسرائيل.

وقال عطيانه، «85% من اقتصاد جنين قبل الانتفاضة كان يعتمد على عرب إسرائيل». وتدعو السلطة الى ازالة الحواجز الإسرائيلية من على مدن الضفة الغربية لتحسين حياة الناس وتطوير اقتصادهم وتسهيل حركة عبور الناس والبضائع لتشجيع الاقتصاد ومستثمرين من الخارج. ويضغط توني بلير مبعوث اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الاوسط من أجل تقليص الحواجز الاسرائيلية. وتقول السلطة ان حملة القانون والنظام، في مدن شمال الضفة، نجحت وهذا يجب ان يكون سببا مقنعا لتخفيف الحواجز الاسرائيلية. وقال طلال دويكات، محافظ طولكرم، ان الأجهزة الأمنية الفلسطينية تعمل ليل نهار من أجل توفير الأمن والأمان والنظام للمواطن والزوار من الخارج عشية عيد الأضحى المبارك، مشيراً الى ان هنالك أعداداً كبيرة من رجال الأمن منتشرون على مفارق الطرق والشوارع العامة والفرعية، والمراكز الحيوية التي تشهد اكتظاظاً بالمتسوقين.

والفلسطينيون يشتكون من نزوح منشآت اقتصادية من مدن شمال الضفة الى جنوبها احيانا او خارج الوطن. وقال علي برهم رئيس صندوق رجال الاعمال لـ«الشرق الاوسط»: «الحصار ادى الى نزوح الكثير من المنشات الاقتصادية في الحقيقة». الا ان برهم يعتقد ان تحسنا ملحوظا بدا يطرأ على حياة الناس، وقال ان الانتعاش الاقتصادي الحقيقي لا يمكن ان يتحقق الا برفع الحصار، والسماح بحرية الحركة. وتابع «مثلا، عندما سمح مرة لعرب 48 من دخول نابلس احدثوا فرقا مهما في الاقتصاد».

وقفزت البطالة في نابلس الى 40 في المائة مع تزايد تأثير الحظر الاسرائيلي على الاقتصاد في المدينة. وقفزت في جنين الى 55%. وكان يهود يتسوقون من مدن الضفة الغربية قبل الانتفاضة. ويتشجع هؤلاء عادة بسبب انخفاض الاسعار في مدن الضفة قياسا باسرائيل. وتتحول مدن في الضفة الغربية ايام السبت، وهي عطلة اليهود، الى مراكز تجارية لعرب الداخل، وحتى اليوم تتجمع باصات وسيارات من عرب 48 في بيت لحم والخليل من اجل التسوق.