لا نهاية قريبة تلوح في الأفق لتسريح العمال في أميركا

أكثر من نصف مليون وظيفة تبخرت خلال الشهر الماضي فقط

يواجه سوق العمل الأميركي أفقا مظلما في المدى القريب على الأقل
TT

شهدت الولايات المتحدة أشد هبوط شهري لها في الوظائف في أكثر من ثلاثة عقود خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) ولا تلوح في الأفق نهاية لهذا النزيف مع بحث الشركات عن سبل للحد من النفقات. فقد سرح ارباب الاعمال الاميركيون عددا من العمال أكبر مما كان متوقعا الشهر الماضي وهي تسريحات جرت حتى قبل أن يتأكد الاسبوع الماضي ان البلاد تمر بالكساد منذ عام. وقال تيج جيليام المدير التنفيذي لعمليات اميركا الشمالية لشركة أديكو سا أكبر شركة توظيف في العالم «يظهر هذا بجلاء ان الركود تتسارع خطاه». واضاف قوله «كان يبدو انه في منتصف العام قد تتحسن الامور والان فان الارقام تتدهور». وقالت وزارة العمل ان أعداد الموظفين خارج القطاع الزراعي في الولايات المتحدة هبطت 533 ألفا في نوفمبر (تشرين الثاني) وهي هبوط أشد مما تنبأ به اقتصاديون في استطلاع لرويترز وهو 340 ألفا. وكان هذا أكبر هبوط في الوظائف منذ ديسمبر (كانون الاول) عام 1974 وهو يبين ان الاقتصاد فقد نحو 1.9 مليون وظيفة هذا العام. واستمر الهبوط يوم الجمعة الماضي مع اعلان شركات اميركية منها جنرال موتورز كورب وليج ماسون لادارة الموجودات وجنتكس كورب لتوريد قطع غيار السيارات وبي.ام.سي سوفتوير وسونوكو برودكتس عن تسريحات جديدة للعمال. وفي وقت سابق من الاسبوع الماضي اعلنت شركات كبرى مثل ايه.تي اند تي ودوبونت ويونايتد تكنولوجيز وجنرال الكتريك انها تعتزم تسريح عمال في اطار بحثها عن سبل لخفض النفقات. ويظهر النطاق الواسع لشركات التي تقوم بتخفيض الوظائف ان عدوى الاعتلال الاقتصادي التي بدأت بانهيار سوق التمويل العقاري المرتفع المخاطر في الولايات المتحدة اتسعت لتصيب أسعار المساكن في البلاد وفجرت ازمة ائتمان عالمية تعصف بالاقتصاد كله. ومع استعداد الاميركيين للعطلات في هذا الشهر ديسمبر (كانون الاول) ـ وهو في العادة موسم تسوق وانفاق لشراء الهدايا واقامة الحفلات ـ فان المزيد من العمال يواجهون احتمال أن تأتي عليهم العطلات والاعياد وهم في بطالة مع قيام الشركات بخفض الوظائف قبل اغلاق دفاترها لنهاية العام. وقال شيلدون شور نائب رئيس شركة مانباور انك ثاني أكبر شركة توظيف في العالم «من الصعب تقدير أين ستكون نهاية الهبوط. ومن المهم رؤية ما سيحدث في الربع الاول لان ديسمبر سيكون شهرا اخر من التسريحات الكبيرة للعمال. وسنرى كثيرا من أرباب العمال ماضين في التخفيضات استعدادا للعام 2009 . والسؤال الاهم هو ماذا سيحدث في يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط)». وتوقعا لموسم عطلات ضعيف من حيث المبيعات قللت شركات تجارة التجزئة الاميركية عدد العمال الموسميين الذين تستأجرهم في نوفمبر (تشرين الثاني) عما كان عليه الحال في العقدين الماضيين. وحتى الاميركيين الذين يشعرون بالامان في وظائفهم فانهم يشعرون بقلق متزايد من الكساد المتفاقم. وقالت جانيت سيجال ،53 عاما، التي تعمل في شركة استشارات في بوسطن «اني مستاءة جدا. واعتقد اني على ما يرام في العمل الان لكن زوجي محام في شركة محاماة في بوسطن وهو يشعر بقلق متزايد. وعلمنا أمس انهم سرحوا شخصا واحدا». وقالت ان زوجها ينوي ان يعمل ثلاثة اعوام اخرى على الاقل حتى يصل الى سن الخامسة والستين ويخشى الا يستطيع ايجاد وظيفة اخرى اذا فقد وظيفته الحالية. وتفشي تسريحات العمال يترك أثرا سيئا على معنويات المستهلكين الامر الذي ينذر بمزيد من تقليص الانفاق سينتشر أثره في انحاء الاقتصاد الذي يعتمد اعتمادا كبيرا على المستهلكين. وقال وليام ماكومب المدير التنفيذي لشركة ليز كليبورن للملبوسات «حينما يصبح المستهلكون قلقين على وظائفهم او استقرارهم المالي فانهم يبدأون في تغيير أنماطهم الاستهلاكية في فئات مثل الملبوسات وأدوات الزينة أو ما نسميه المفاضلة بين الحاجات والرغبات». ويقول روجر هامونز ـ وهو محاسب عمره 42 عاما ـ انه غير قلق على أمن وظيفته لكنه مع ذلك يتفادى اجراء مشتريات كبيرة. وقال هامونز «الافراط في الشراء هو الذي وصل بنا الى ما نحن فيه الان».